عبّرت منظمات مدنية تونسية عن قلق شديد من تحوّل البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة للمهاجرين بسبب تصاعد موجات الهرب من الواقع الصعب الذي يعيشه مهاجرو دول أفريقيا جنوب الصحراء بعد أحداث صفاقس الأخيرة، فيما أشارت إلى تعرّض نساء مهاجرات للاغتصاب، بالإضافة إلى انتشار أمراض معدية بين المهاجرين عموماً.
وأفادت المنظمات، من بينها منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنظمة النساء الديمقراطيات والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، اليوم الجمعة، في مؤتمر صحافي مشترك، بأنّ "تونس بصدد التحوّل إلى سجن للمهاجرين الذين لن يجدوا منفذاً للهرب إلا عبر شبكات الاتجار بالبشر التي تحقّق أرباحاً على حساب حياة مواطني دول جنوب الصحراء الموجودين في تونس بطرق غير نظامية".
وأكّدت المنظمات أنّ "المهاجرين في تونس يعيشون أوضاعاً إنسانية صعبة تُنبئ بكوارث صحية بعد تعريض مئات الأشخاص إلى الأمراض والعدوى، من جرّاء ظروف إقامتهم في العراء في درجات حرارة قياسية بعد طردهم من مساكنهم في مدينة صفاقس، لا سيّما بعد رصد أمراض متعلقة بسوء ظروف النظافة والمحيط والتسمّم من جرّاء الأكل غير الصحي".
وأوضحت المنظمات أنّها رصدت "إصابات بالسلّ والأمراض الجلدية المعدية في ظلّ نقص الرعاية الصحية، وهو ما يهدّد بانتشار واسع لهذه الأمراض بين المهاجرين الذين يعيشون في ساحات عامة تُفتقر فيها أدنى مقومات الحياة بخاصة المجامع الصحية".
ورأى المتحدّث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، في المؤتمر الصحافي المشترك، أنّ "أوروبا استطاعت تحويل تونس إلى سجن للمهاجرين واللاجئين بتواطؤ مع السلطات التونسية التي تسمح بدخولهم من دول أخرى ثم تتولّى منعهم من المغادرة". ودان بن عمر ما وصفه بـ"السلوك الإجرامي من بعض العصابات ضدّ المهاجرين، بخاصة في ما يتعلق بالأحداث الأخيرة في صفاقس"، مطالباً بـ"تسهيل عمل المجتمع المدني في مجال إغاثة المهاجرين واللاجئين".
كذلك انتقد بن عمر "نجاح أوروبا في تصدير أزمة المهاجرين نحو تونس بممارستها ضغوطات لتحويل البلاد إلى منصة لقبول المهاجرين في ظلّ قصور في وظائف المنظمات الدولية والأممية الراعية للمهاجرين، لا سيّما المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".
ودعا بن عمر إلى "فتح تحقيق في ما حصل في صفاقس، في الفترة الممتدة ما بين الثاني والسابع من يوليو/ تموز الجاري"، من "تصاعد الأحداث العنصرية ضدّ المهاجرين".
يُذكر أنّ مدينة صفاقس شهدت، يوم السبت الماضي، اشتباكات ما بين مهاجرين وسكان محليين أسفرت عن مقتل مواطن تونسي. وعقب أعمال العنف التي اندلعت في صفاقس، تحدّث الرئيس التونسي قيس سعيّد عن الوضع مشدّداً على أنّ البلاد "لا تقبل أن يقيم على أراضيها من لا يحترم قوانينها، ولا أن تكون دولة عبور (في اتّجاه أوروبا) أو أرض توطين لمواطني دول أفريقية معيّنة". وذكر سعيّد أنّ "ثمّة شبكات إجرامية مسؤولة عن عمليات الهجرة غير النظامية إلى صفاقس"، بحسب بيان للرئاسة التونسية.
وحول وضع حاملي صفة اللجوء وطالبي اللجوء، أفاد بن عمر بأنّ "هؤلاء تعرّضوا للممارسات العنصرية نفسها، والتهجير نفسه، التي يتعرّض لها المهاجرون المقيمون بطرق غير نظامية، وهو ما يُعَدّ تقصيراً مفضوحاً من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تتحمّل المسؤولية القانونية لتأمين حياة هؤلاء اللاجئين الفارين من مناطق نزاع".
من جهتها، أفادت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي بأنّ "عدداً من النساء المهاجرات من دول أفريقيا جنوب الصحراء تعرّضن للاغتصاب، وقد تقدّمت الجمعية بشكاوى قضائية باسمهنّ". أضافت الزغلامي، في المؤتمر الصحافي المشترك نفسه، أنّ "المجتمع المدني يتعرّض لحملة شيطنة، على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها لإغاثة اللاجئين والمهاجرين"، مشيرة إلى أنّ جمعيتها "تساهم في إيواء عدد من المهاجرات وتقديم المساعدات" لمن يحتاجها.
وتُعَدّ صفاقس نقطة مهمّة للمهاجرين غير النظاميين بهدف الوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية التي تبعد نحو 130 كيلومتراً عن السواحل التونسية. وقد أتت الأحداث الأخيرة التي نجمت عنها عمليات طرد للمهاجرين، في وقت تتعرّض تونس لضغوط أوروبية متصاعدة تطالبها بممارسة مزيد من الرقابة على شواطئها ومنع قوارب الهجرة من مغادرتها.