منظمات إغاثة في اليمن قلقة من ارتفاع تكاليف المساعدات وسط تصعيد البحر الأحمر

08 فبراير 2024
أكثر من نصف سكان اليمن في حاجة إلى مساعدات إنسانية (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -

تحذّر منظمات إغاثية عاملة في اليمن من أنّ ارتفاع تكاليف الشحن وتأخير عمليات التسليم، من جرّاء التصعيد العسكري في البحر الأحمر، يهدّد بتفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وبعد تسعة أعوام من النزاع، يحتاج أكثر من نصف سكان اليمن إلى مساعدات إنسانية وخدمات حماية، بحسب ما تفيد الأمم المتحدة، تزامناً مع النقص الحاد في التمويل الذي يعيق عملية الاستجابة.

وأدّت هجمات الحوثيين في اليمن على سفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، على خلفية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلى تفاقم المشكلات في اليمن، في حين تواجه شركات الشحن تكاليف أعلى لاضطرارها إلى الالتفاف حول جنوب أفريقيا لتجنّب عبور الممرّ المائي الاستراتيجي.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بأنّه يلمس بالفعل الآثار المترتّبة عن التصعيد، الذي تضمّن أيضاً ضربات أميركية وبريطانية على أهداف عسكرية للحوثيين.

وأوضح البرنامج، في تقرير صدر هذا الأسبوع، أنّه "مع استمرار تدهور الوضع الأمني في البحر الأحمر، يواجه برنامج الأغذية العالمي زيادة في تكاليف الشحن بالإضافة إلى عمليات تأخير محتملة في التسليم".

أضاف برنامج الأغذية العالمي أنّ "من المتوقّع تدهور وضع الأمن الغذائي في الأشهر المقبلة"، مشيراً إلى أنّ اليمن، الذي يعاني من تبعات الحرب، يعتمد على الواردات في 90 في المائة من احتياجاته الغذائية.

دعم يمني لقطاع غزة

ومنذ 19 نوفمبر الماضي، ينفّذ الحوثيون هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون في أنّها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، موضحين أنّ ذلك يأتي دعماً لقطاع غزة الذي تتواصل الحرب الإسرائيلية عليه.

يُذكر أنّ هجمات الحوثيين تؤثّر على الملاحة، وقد تسبّبت في ارتفاع كلفة التأمين لشركات الشحن، الأمر الذي أجبر جهات كثيرة على تجنّب هذا الطريق الحيوي الذي تمرّ عبره 12 في المائة من التجارة العالمية عبر البحر.

من جهته، يبيّن صندوق النقد الدولي أنّ حركة المرور في البحر الأحمر تراجعت بالفعل بنسبة 30 في المائة على الأقلّ هذا العام نتيجة الهجمات.

وإذ لجأت شركات عدّة إلى سلوك طريق طويل يلتفّ حول جنوب أفريقيا من أجل تجنّب الممرّ المائي المضطرب، فإنّ ذلك يضيف تكلفة كبيرة، بما في ذلك تكاليف الوقود، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس على السلع الاستهلاكية. وقد تؤدّي الرحلة الأطول أيضاً إلى تأخير عمليات التسليم.

وأكد برنامج الأغذية العالمي أنّه يواجه ارتفاعاً في تكاليف الشحن وفي التأمين وفي أسعار الوقود (الذي ازدادت كميّته المستهلكة بسبب إطالة المسار)، من دون أن يحدّد المسار الذي تسلكه سفن المساعدات الخاصة به.

السلع المنقذة للحياة تتأخر في طريقها إلى اليمن

في الإطار نفسه، أفادت لجنة الإنقاذ الدولية، وهي منظمة إغاثة أخرى تعمل في اليمن، بأنّها تشهد "بالفعل عمليات تأخير في شحنات السلع المنقذة للحياة، بما في ذلك الأدوية، بسبب التصعيد العسكري".

وقالت منسّقة السياسات والمناصرة والاتصالات في لجنة الإنقاذ الدولية في اليمن آنيا كاولي إنّ المنظمة ما زالت تقدّم خدماتها بكامل طاقتها، باستخدام مخزونها من المساعدات.

لكنّها أضافت في تصريح إلى وكالة فرانس برس أنّ الوضع بدأ يشهد "ارتفاعاً في التضخّم وزيادة في أسعار السلع الأساسية في الأسواق المحلية، مثل الغذاء والوقود".

ورأت أنّه "في حال تصاعد الوضع في البحر الأحمر، فقد تتأثّر قدرة المنظمات الإنسانية، مثل لجنة الإنقاذ الدولية، على تقديم المساعدة الإنسانية".

وغرقت الدولة الأشدّ فقراً في شبه الجزيرة العربية في النزاع منذ عام 2014، ولقي مئات الآلاف حتفهم في المعارك أو على خلفية أسباب غير مباشرة مثل نقص الغذاء. وقد وصفت الأمم المتحدة ما يحصل بأنّه واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

الأزمة الإنسانية في اليمن سيئة

في سياق متصل، قالت المسؤولة الإعلامية في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن دليلة المهدوي إنّ "الأزمة الإنسانية سيّئة كما كانت دائماً".

وبعدما أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، أنّها سوف تعيد إدراج الحوثيين في قائمة "المنظمات الإرهابية" بسبب هجمات البحر الأحمر، تحدّثت المهدوي عن مخاوف من أنّ هذا التصنيف قد يعرّض الاستجابة الإنسانية للخطر بصورة كبيرة.

ورأت المهدوي في تصريحات لوكالة فرانس برس أنّه من السابق لأوانه معرفة كيف سيؤثّر ذلك على إمدادات المساعدات، إذ إنّ واشنطن وعدت بتقليص التأثير على المنظمات الإنسانية. أضافت المهدوي: "لقد رأينا في التصنيفات السابقة المماثلة أنّ الاستثناءات الإنسانية ضرورية للسماح بمواصلة تقديم المساعدات، لذا نأمل أن يُتّفَق على ذلك في هذا الوضع أيضاً".

وبحسب بيانات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإنّ اليمن يشهد أحد أعلى معدّلات سوء التغذية المسجّلة على الإطلاق، إذ يواجه أكثر من 17 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي. أضاف المكتب الأممي أنّ نحو نصف الأطفال دون الخامسة يعانون من توقّف النموّ المعتدل أو الشديد.

والأسبوع الماضي، أطلق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية نداءً للحصول على مساعدات بقيمة أربعة مليارات دولار أميركية لليمن هذا العام، بعد نقص التمويل الذي أجبر منظمات عدّة على قطع المساعدات.

وفي يناير الماضي، أصدرت 26 منظمة إغاثة تعمل في اليمن بياناً مشتركاً، حذّرت فيه من أنّ المنظمات الإنسانية بدأت تشعر بالفعل بتأثير التصعيد في البحر الأحمر. وأوضحت المنظمات، التي تضمّ "كير" و"المجلس النرويجي للاجئين" و"سايف ذا تشيلدرن"، أنّ "اضطراب التجارة يؤدّي إلى ارتفاع الأسعار ويتسبّب في تأخير شحنات السلع المنقذة للحياة".

(فرانس برس)

المساهمون