مناشدات لإنقاذ مغاربة من جحيم السجون في سورية والعراق

19 أكتوبر 2022
مناشدات لإعادة المعتقلين في سورية والعراق على غرار إبراهيم سعدون (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

تصاعدت في المغرب المناشدات لإعادة المعتقلين المغاربة في مخيمات وسجون سورية والعراق إلى وطنهم منذ الإفراج عن الطالب المغربي إبراهيم سعدون، الذي كان محكوماً بالإعدام في شرق أوكرانيا بتهمة "المشاركة في الأعمال العدائية كجزء من التشكيلات المسلحة الأوكرانية كمرتزقة"، في 21 سبتمبر/أيلول الماضي، بعد وساطة قادها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

وتوجد 97 امرأة مغربية محتجزة في مخيمات شمال سورية وبرفقتهن 259 طفلاً، بينما يبلغ عدد الرجال المقاتلين المعتقلين في سورية نحو 130 شخصاً، كما يوجد 25 طفلاً يتيماً مغربياً، بالإضافة إلى 10 معتقلين بالسجون العراقية، بينهم امرأتان، وفق التنسيقية الوطنية لعائلات المعتقلين والعالقين المغاربة بسورية والعراق.  

وبحسب "اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين"، فإنه "في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات حقوقية ومدنية عديدة مطالبة بالتحرك الرسمي لإنقاذ حياة الشاب المغربي إبراهيم سعدون، لم نسمع حساً في حالات مشابهة أو أكثر مأساوية"، متسائلة في بيان لها، أمس الثلاثاء: "أليس من العدل الإفراج عن العائدين وتسوية وضعية العالقين وتسريع عودتهم، على غرار العائد من الحرب الروسية الأوكرانية؟ ما الفرق بين المحتجزين والعائدين من سورية والمحتجزين والعائدين من روسيا؟ وإلى أي مدى يمكن أن يكون المغاربة سواسية في انتمائهم وحقوقهم وإنسانيتهم؟ وإلى أي حد يمكن أن يكون المغرب وصيا ومسؤولا عن أبنائه ورعاياه؟".

المساواة بالشاب إبراهيم سعدون

وناشد المنسق الوطني لـ"التنسيقية الوطنية لعائلات المعتقلين والعالقين في سورية والعراق" محمد قرناوي العاهل المغربي الملك محمد السادس، نهاية الشهر الماضي، التدخل من أجل إنهاء معاناة مئات الأطفال والنساء والشباب في جحيم السجون والمخيمات بسورية والعراق وإعادتهم الى حضن الوطن والأسرة.

ويقول، في فيديو نشر على القناة الرسمية للتنسيقية في يوتيوب: "هناك شباب وأطفال ونساء مغاربة يقدر عددهم بـ800 شخص بسورية، منهم معتقلون يعانون الويلات ويعيشون ظروفاً مزرية وقاسية.. عائلات المغاربة الموجودين رهن الاعتقال أو العالقين في سورية والعراق لا يمانعون أن تتم محاكمة أبنائهم على أرض الوطن، المهم هو عودتهم كما هو الشأن بالنسبة للشاب إبراهيم سعدون الذي عاد الى أرض الوطن من أوكرانيا".

وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، ظلت عودة كثيرين من المغاربة من معتقلات العراق وسورية متعثرة، على خلفية قلق عبر عنه المغرب في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 إزاء "عودة المقاتلين ضمن التنظيمات الإرهابية في بؤر التوتر (سورية والعراق وليبيا)". لكن الأمل يبدو اليوم معلقاً على مناشدات أسر المعتقلين لأعلى سلطة في البلاد من أجل التدخل لإعادتهم إلى وطنهم.

وكانت عائلات المعتقلين قد علقت آمالا كبيرة على زيارة وزير العدل العراقي الأخيرة للعاصمة المغربية الرباط، إلا أن آمالها أجهضت بعدما أعلن المغرب والعراق، في 24 مارس/آذار الماضي، تأجيل التوقيع على عدد من الاتفاقيات، من بينها اتفاقية تخص ترحيل السجناء المغاربة، خاصة ما يعرف بمغاربة "داعش"، وذلك إلى حين تقريب الرؤى واستكمال الصيغ النهائية لمشاريع الاتفاقيات، التي ستمهد في حال توقيعها ودخولها حيز التنفيذ لعملية تسلم الرباط المعتقلين المغاربة في العراق.

1659 مغربياً التحقوا بالساحتين السورية والعراقية، لقي 745 منهم حتفهم، في حين اعتقلت السلطات الأمنية 270 منهم خلال عودتهم إلى البلاد

ويقول رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (غير حكومية)، إدريس السدراوي، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة المغربية مطالبة بشكل مستعجل بتشكيل لجنة مهنية بهذا الملف، وذلك قصد القيام بإحصاء وجرد كل الحالات والبدء في استقبال الحالات الإنسانية ومتابعة كل الملفات المعروضة على القضاء العراقي لضمان تمتعهم بظروف محاكمة عادلة، والتواصل مع العائلات لإنهاء هذا الملف الإنساني والأمني بامتياز، ويلفت إلى أن وضعية النساء والأطفال والمعتقلين بسجون سورية والعراق وكذلك ببعض المخيمات بالمنطقة هي وضعية إنسانية بالغة الخطورة، وتزداد خطورة بالنسبة للأطفال الذين هم عرضة للسقوط في شباك شبكات إرهابية أو شبكات الاتجار بالبشر.

ومع تصاعد المطالب الحقوقية بإعادة المغاربة المعتقلين في سورية والعراق، على الرغم من تعقيدات ملفاتهم واختلاف المعلومات المتوفّرة حولها، لجأ مجلس النواب المغربي، في ديسمبر/كانون الأول 2020، إلى تشكيل لجنة نيابية استطلاعية للوقوف على أوضاعهم، وقد أُسندت رئاستها إلى أمين عام حزب "الأصالة والمعاصرة"، وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي.

وضمت اللجنة النيابية 16 برلمانياً يمثلون كتل الأغلبية والمعارضة. وفي إطار مساعيها الهادفة إلى وضع خريطة طريق للحدّ من معاناة هؤلاء المعتقلين، استمعت اللجنة النيابية إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة حول أوضاع هؤلاء وتحديات إعادتهم إلى البلاد.
واستمعت أيضاً إلى أفراد من عائلات العالقين في سورية والعراق، فيما التقت بعدد من المنظمات الدولية التي تتابع هذا الملف، كما أصدرت تقريرها الختامي، في 13 يوليو/تموز 2021، لفتت فيه إلى أنّ من أبرز التحديات التي تواجه عودة المقاتلين المغاربة إلى البلاد هي وجود فئة "لا تزال متشبعة بفكر تنظيم داعش الإرهابي، ما يطرح تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية".

وتفيد المعطيات الرسمية بأنه حتى تاريخ 16 مايو/أيار 2021، التحقت 288 امرأة مغربية بالحرب في سورية والعراق، وعادت من بينهن إلى المغرب 99 امرأة فقط، بينما وصل عدد الأطفال إلى 391 طفلاً، عاد منهم 82 فقط.
وبحسب المكتب المركزي للأبحاث القضائية (مكلف بمحاربة الإرهاب)، فإن عدد المغاربة الذين التحقوا بالساحتين السورية والعراقية بلغ 1659 شخصاً، لقي 745 منهم حتفهم، في حين اعتقلت السلطات الأمنية 270 منهم خلال عودتهم إلى البلاد، بموجب قانون مكافحة الإرهاب المغربي لعام 2015، الذي ينصّ على عقوبات تصل إلى السجن 15 عاماً للذين ينضمون إلى جماعات إرهابية في الخارج، حتى لو كان هذا الانضمام مجرّد مشروع أو إذا لم تكن لديهم أهداف في المغرب.

المساهمون