ملح الطعام سيف ذو حدين يتطلب الانتباه

09 يناير 2024
خلال استخراج الملح من البحر (كريستينا كويسلر/ فرانس برس)
+ الخط -

يعد الملح من المكونات الأساسية التي يحتاجها جسم الإنسان. لكن في الوقت نفسه، فإن الإكثار منه له تأثيرات سلبية كثيرة على صحة الإنسان، لذلك ينصح الخبراء بالاعتدال.

لطالما أثار تناول الملح جدلاً بين الأوساط العلمية، على اعتبار أن الملح يتسبب في مشاكل صحية عدة، ويتمثل التأثير الصحي الأساسي المرتبط بالوجبات الغذائية العالية الصوديوم في ارتفاع ضغط الدم، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، والأوعية الدموية، وسرطان المعدة، والسمنة، وهشاشة العظام، ومرض مينيير (اضطراب يتميز بهجمات متكررة من الدوار الشديد - إحساس كاذب بالحركة أو الدوران) وأمراض الكلى. أمر دفع الكثير من الناس إلى التخلي عن هذه المادة في نظامهم الغذائي، علماً أن الأمر ليس سهلاً.
وتفيد منظمة الصحة العالمية بأن جميع السكان في العالم يستهلكون الكثير من ملح الصوديوم. ويبلغ المتوسط العالمي لمدخول الصوديوم لدى البالغين 4310 ملغرامات/ يوم (يعادل 10.78 غرامات/ يوم من الملح). ويزيد هذا المقدار عن ضعفي المقدار الموصى به من منظمة الصحة العالمية للبالغين، وهو أقل من 2000 ملغرام/ يوم من الصوديوم (يعادل أقل من خمسة غرامات/ يوم من الملح). يرتبط ما يُقدر بنحو 1.89 مليون حالة وفاة كل عام باستهلاك مقادير كبيرة جداً من الصوديوم.

ما هو الملح؟

هو الصخر الوحيد القابل للأكل، وهو معدن يتكون أساساً من كلوريد الصوديوم (NaCl)، ومركب كيميائي ينتمي إلى فئة أكبر من الأملاح. كما أنه مادة حافظة للطعام، ولا يمكن للبكتيريا أن تنمو في حال وجود كمية عالية من الملح. ويقول طبيب الصحة العامة علي الخليل، لـ"العربي الجديد": "يعد الملح مادة أساسية تستخدم بشكل طبيعي في الحياة اليومية، ويتناولها الجميع وتمد الجسم بالعناصر المعدنية الأساسية". يضيف: "يحتاج الجسم عادة إلى كميات من الملح لا تتخطى 500 ملغرام، وهي الكمية الموصى بها من قبل جمعية القلب الأميركية. وبحسب الدراسات، فإن هذه الكمية تساعد في الحفاظ على التوازن المناسب للمياه والمعادن في جسم الإنسان".

وبحسب الخليل، فإن الملح يساعد في عملية مرور العناصر الغذائية إلى الخلايا وخروج المخلفات منها، كما أنه مهم في أمور منها نقل النبضات العصبية والحركات العضلية وكثافة العظام والحفاظ على التوازن الحمضي في الدم وغيرها. لذلك، تجنب تناول ملح الطعام ليس محبذاً، إذ إن غياب الملح بشكل نهائي له آثار صحية. وعلى الرغم من أهمية تناول الملح، فإن الإكثار منه سيكون له نتائج وتأثيرات سلبية. لذلك، يمكن وصف تناول الملح بالسلاح ذي الحدين.
ويعدّد الخليل التأثيرات السلبية الناتجة عن تناوله بكميات كبيرة على جسم الإنسان. ويقول: "أولى هذه التأثيرات هي إمكانية زيادة الأملاح في الجسم، وتورم الأطراف، وعدم القدرة على المشي. كما أن تناول كميات كبيرة من الملح يؤدي إلى حصول مشاكل في ضغط الدم والكلى، ناهيك عن مشاكل في الجهاز البولي".
يضيف الخليل أن "الإكثار قد يؤدي إلى حصول أوجاع مختلفة في الجسم، وهناك دراسات تربط ما بين تناول الملح وبين أوجاع الرأس أو الصداع النصفي".

تحتوي على كميات كبيرة من الملح (جاب آرييتز/ Getty)
تحتوي على كميات كبيرة من الملح (جاب آرييتز/ Getty)

وتشير كلية "هارفارد تي إتش تشان" (Harvard T.H. Chan) للصحة العامة إلى أن تناول الملح بكميات كبيرة ولفترة طويلة يؤثر في الكلى. كما أن تناول كميات كبيرة سيؤدي إلى ارتفاع مستوى ضغط الدم، وبالتالي مخاطر في القلب والأوعية الدموية.
وبحسب الدراسات، فإن تناول كميات كبيرة يعد سبباً رئيسياً للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، التي تقتل حوالي 17.9 مليون شخص سنوياً، بحسب منظمة الصحة العالمية. كما يمكن أن يؤدي أيضاً إلى السكتات الدماغية التي تقتل 5 ملايين شخص كل عام على مستوى العالم وغير ذلك. 

أمراض السرطان

نشر موقع "Healthline" الطبي دراسة تشير إلى أن الملح قد يكون أحد أسباب انتشار السرطان، وتحديداً سرطان المعدة.
وبحسب التقرير، فإن العديد من الدراسات الخاصة بالأنظمة الغذائية التي تحتوي على نسب مرتفعة من الملح، قد تؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بسرطان المعدة.
ووجدت دراسة أجريت عام 2016 وشملت 40.729 من البالغين اليابانيين أن أولئك الذين لديهم تفضيلات أقوى للأطعمة المالحة لديهم خطر أكبر بنسبة 30 في المائة للإصابة بسرطان المعدة، مقارنة بالأشخاص الذين يفضلون الأطعمة الأقل ملوحة.

الملح في النظام الغذائي

تحتوي الكثير من الأطعمة الطبيعية على كميات جيدة من الملح. ورغم ذلك، يعمد الكثير من الناس إلى إضافة الملح إلى طعامهم، ما يكون له علاقة مباشرة بزيادة الوزن، بحسب ما تشير إليه مختصة الصحة العامة رانيا الكردي. تقول لـ"العربي الجديد": "على الرغم من أن تناول الملح بحد ذاته لا يؤدي إلى السمنة المتعارف عليها، لكن الأطعمة المشبعة بالملح تؤدي إلى حصول زيادة في الوزن". تضيف: "عادة، ينصح الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية بضرورة الانتباه لنظامهم الغذائي، وتخفيف الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الملح، وخصوصاً تلك المصنعة أو الجاهزة التي تحتوي على كميات أكبر بأضعاف مما هو موصى به للاستهلاك الفردي".

وتشير الكردي إلى أن الخضار ومنتجات الألبان والأجبان واللحوم تحتوي أصلاً على أملاح طبيعية وكميات كافية من الصوديوم والكلوريد. إلا أن إضافة الملح إلى الطعام أدت إلى الإفراط باستهلاكه. وتقول الكردي إن إضافة ملعقة من المايونيز أو صلصة الصويا تزيد أكثر من 1000 ملغرام من الصوديوم، وهي كمية كبيرة جداً ومضرة لصحة الإنسان.
وتنصح الكردي بضرورة الانتباه جيداً إلى كميات الصوديوم المستخدمة، ويمكن اتباع نظام غذائي متوازن، من خلال الاعتماد على الخضار والفاكهة والألبان والأجبان واللحوم، من دون إضافة أي نوع من أنواع الملح، والاعتماد على المأكولات المحضرة منزلياً، والابتعاد عن تناول الأطعمة المصنعة أو الجاهزة، لأنها تحتوي على كميات كبيرة من الصوديوم المضر بصحة الإنسان.
كما أنه من المهم الإكثار من شرب المياه، ويعد تناول 8 أكواب من المياه مناسباً جداً لصحة الإنسان، ويساعد في تخلص الجسم من الأملاح الزائدة. ومن المهم إطلاق حملات توعية للأطفال والكبار لقراءة الإرشادات الصحية التي تحتويها الأطعمة، وبالتالي اختيار المنتجات الصحية. على سبيل المثال، يمكن شراء الخبز من الحبوب الكاملة أو الشوفان، كونها لا تحتوي على الأملاح والصوديوم.

المساهمون