بدأت مطاعم موسكو العمل بنظام الإجراءات الجديدة للحد من تفشي فيروس كورونا الجديد، وتقتضي بأن يقتصر استقبال الزبائن على من تلقوا اللقاحات أو أصيبوا بالفيروس خلال الأشهر الستة الماضية أو الذين يحملون شهادات فحص كورونا سالبة، إذ تشهد البلاد في الآونة الأخيرة موجة تفشٍّ جديدة. وبهدف تجنب انتشار تزوير الشهادات، سيتم التأكد من صحتها بواسطة رموز رقمية خاصة مع إعفاء زبائن شرفات المطاعم من هذا الإجراء حتى 12 يوليو/ تموز المقبل. بذلك، يتعين على جميع المطاعم والمقاهي التي تعتزم مواصلة استقبال الزبائن توفير نظام مراجعة الرموز الرقمية، وإلا سيقتصر عملها على تسليم وتوصيل الطلبات. ولن تتم إعادة فتح مناطق الطعام في المراكز التجارية أمام الزبائن إلا بعد مراجعة نظام المراقبة الحائل دون دخول الزبائن من غير حملة الرموز الرقمية إلى منطقة الجلوس مع إعفاء تسليم الطلبات من هذا الشرط أيضاً.
وبحسب الأرقام الصادرة عن غرفة العمليات المعنية بمكافحة تفشي فيروس كورونا في موسكو مطلع الأسبوع الجاري، فإن نحو 2.5 مليون شخص قد حصلوا على الرموز اللازمة للتردد على المطاعم والمقاهي، أي نحو 20 في المائة من عدد سكان العاصمة البالغ نحو 12.7 مليون نسمة.
وفي الوقت الذي تراهن فيه السلطات الروسية على أن تدفع مثل هذه الإجراءات نحو زيادة إقبال المواطنين على التطعيم، يتخوف أصحاب المطاعم الروسية من أن يشكّل الوضع الراهن ضربة جديدة للقطاع الذي لم يتعافَ بشكل كامل بعد من تداعيات الإغلاق الكلي أثناء الموجة الأولى من جائحة كورونا في ربيع وبداية صيف 2020.
في هذا الإطار، يقول نائب رئيس اتحاد مشغلي المطاعم والفنادق في روسيا، فاديم براسوف، إن الإجراءات الجديدة ستقلل بشكل حاد من عدد زبائن المطاعم في الفترة المقبلة، إذ إن الرموز لا تستخرج إلا بعد تلقي الجرعة الثانية من اللقاح، أي بعد مرور بضعة أسابيع على الجرعة الأولى. ويقول لـ "العربي الجديد": "من الصعب للغاية التنبؤ بتطور الوضع بشكل دقيق، لكن من المؤكد أن عدد زبائن المطاعم سيتراجع بشكل حاد، لا سيما بعد تعميم نظام الرموز. صحيح أن هناك إقبالاً متزايداً على تلقي اللقاح بين المواطنين، لكن هؤلاء لا يفعلون ذلك بهدف الذهاب إلى المطاعم، بل لأسباب أخرى، مثل حرصهم على الحفاظ على وظائفهم أو السفر للاستجمام. كما أن الرموز لن تستخرج إلا بعد تلقي الجرعة الثانية من اللقاح".
وحول رؤيته لتداعيات الإجراءات الجديدة على قطاع المطاعم، يقول: "لم يتعافَ القطاع بشكل كامل بعد من الإغلاق الكلي أثناء الموجة الأولى من جائحة كورونا التي لم تتم إعادة فتح بعض المطاعم بعدها. لكن على عكس الموجة الأولى من كورونا، لا تحصل المطاعم هذه المرة على أي دعم من الدولة، ولا يقدِم أصحاب المساحات التجارية على خفض قيمة بدل الإيجار باعتبار أن المطاعم تعمل ولم تغلق. وفي ظل بطء حملة التطعيم، لن تعود معدلات إشغال المطاعم إلى مستوياتها الطبيعية قبل مرور شهرين على الأقل، على ما يبدو".
ورغم تزايد ضغوط السلطات المحلية في عدد من الأقاليم الروسية على الموظفين في بعض القطاعات بعينها لتلقي اللقاح، إلا أن وتيرة الحملة لا تزال منخفضة، إذ أعلنت وزارة الصحة الروسية يوم الجمعة الماضي أن عدد الروس الذين تلقوا جرعة واحدة على الأقل من اللقاح المضاد لكورونا تجاوزت 21 مليون شخص، مما يشكل 30 في المائة فقط من الخطة المعتمدة أو 14 في المائة من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ 146 مليون نسمة.
ومع معاودة كورونا تفشيه في روسيا وبؤرته الرئيسية موسكو، أصدر عمدة العاصمة الروسية سيرغي سوبيانين، قبل نحو أسبوع مرسوماً يقضي بالسماح بزيارة المقاهي والمطاعم فقط لـ "المحصنين" ضد كورونا اعتباراً من يوم 28 يونيو/ حزيران الماضي، قبل أن يتم منح مهلة إضافية للمطاعم التي لها شرفات صيفية. وكتب سوبيانين في تعليق لمرسومه آنذاك: "تجري قواعد مماثلة لزيارة المطاعم والمقاهي في العديد من المدن الأوروبية والآسيوية منذ بضعة أشهر، وحان وقت لموسكو أن تعتمد خبرتها إذا أردنا تجنب إغلاق كلي جديد غير مرغوب فيه سيشكل ضربة مروعة لآلاف العاملين في قطاع المطاعم".
تجدر الإشارة إلى أنّ روسيا تكافح من أجل التعامل مع زيادة أعداد الإصابات والوفيات وانخفاض معدلات الحصول على اللقاحات. ويقول المسؤولون الروس إن سبب هذا التفشي الجديد للفيروس، والذي بدأ في أوائل يونيو/ حزيران الماضي، هو تراخي المواطنين إزاء اتخاذ الاحتياطات اللازمة، وانتشار المزيد من المتحورات، ومعدلات التلقيح البطيئة.