وجّهت سبع منظمات حقوقية دولية وأفريقية، رسالة مفتوحة إلى المقررة الأممية الخاصة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، ماري لولر، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب فيونوالا ني أولاين، تبدي فيها "قلقها البالغ بخصوص التدهور الصحي الخطير لحالة المحامية المصرية والمدافعة عن حقوق الإنسان هدى عبد المنعم التي تقبع في ظروف مزرية وغير آدمية تُعرّض حقها في الصحة للخطر".
ودعت الرسالة، المقررين الأمميين لمطالبة مصر بسرعة إطلاق سراحها والإفراج عنها، لتجنب حدوث ضرر لصحتها لا يمكن إصلاحه أو ربما لحياتها.
وقالت: "إن الظروف غير الآدمية التي تعيشها هدى عبد المنعم بالسجن، فضلا عن حرمانها من العلاج والزيارات "دليل على عقاب بدني ونفسي متعمد للانتقام منها بسبب عملها كمحامية عن معتقلين سياسيين ودفاعها عن حقوق الإنسان بمصر".
عقاب بدني ونفسي متعمد للانتقام منها، بسبب عملها كمحامية عن معتقلين سياسيين ودفاعها عن حقوق الإنسان بمصر".
وأضافت أنه، بالرغم من تقييد عمل المجتمع المدني بمصر منذ سنوات من خلال قوانين تعوق نشاطه السلمي، إلا أن حدة القمع ازدادت بشكل غير مسبوق منذ 2017 لتصل إلى مستوى خطير ينم عن سياسة ممنهجة لإرهاب وتخويف المجتمع المدني باستخدام قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لعام 2015 لمحاكمتهم به وهو القانون الذي أثار القلق في أوساط المجتمع الدولي لسنوات عديدة، وأدى لمزيد من التآكل لحقوق الإنسان والحريات الأساسية في مصر، وفاقم ممارسات الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب في سياق قمع أوسع لحرية التعبير والتضييق على حق تكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
وأكدت المنظمات السبع في رسالتها، أنه من الواضح "بالنظر إلى حالة منعم وحالات أخرى من المدافعين عن حقوق الإنسان أن السلطات المصرية تنتهج سياسة ممنهجة ضد المعارضين السلميين وأن أي شخص ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة والممنهجة بمصر بات معرضا للاعتقال اللانهائي وسوء المعاملة أو التعذيب".
المعاملة التي تتلقاها السيدة هدى بالسجن ترقى إلى خرق حقوقها الأساسية، بما فيها الحق في الحياة وفي الصحة
وأكدت الرسالة، أنه فضلا عن عدم تقديم أي أدلة مادية تدينها، فإن المعاملة التي تتلقاها السيدة هدى بالسجن ترقى إلى خرق حقوقها الأساسية بما فيها الحق في الحياة وفي الصحة، ونظرا لسنها وظروفها الصحية فإنها معرضة لعواقب صحية سيئة جدا.
وكانت المحامية هدى عبد المنعم والمحامي محمد أبو هريرة، وهما عضوان بمنظمة التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، قد تعرضا للاعتقال التعسفي ضمن حملة اعتقالات شملت مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء في المساعدات الإنسانية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وتعرضت عبد المنعم للإخفاء القسري لمدة أحد عشر يوما في مكان سري، اتضح أنه مقر أمن الدولة بالتجمع الخامس بالقاهرة وهو معروف بوجود اعتقالات سرية به وحدوث ممارسات تعذيب. وقبلها بأربعة أشهر، تم القبض على المدير التنفيذي للمنظمة عزت غنيم. ونتج عن هذه الحملة تعليق أنشطة المنظمة بمصر.
وظهرت عبد المنعم أمام نيابة أمن الدولة يوم 21 نوفمبر بالملابس نفسها منذ اعتقالها، وكانت شاحبة الوجه ومضطربة وكان صوتها مرتجفاً. وعلمت أسرتها بعدها أنه تم استجوابها على مدار الليل وحرمت من حقها في التمثيل القانوني أثناء الاستجواب. وبالرغم من المطالبات العديدة بالكشف عن مصيرها من خلال تلغرافات للنيابة العامة وزيارات لأقسام الشرطة، إلا أن جميع الجهات أنكرت وجود أية معلومات عن مصيرها.
أشارت الرسالة إلى أنه مما يثير القلق البالغ بشأن صحة منعم وربما حياتها أنها تعرضت في شهري يناير ونوفمبر 2020 لحادثتين؛ الأولى إصابتها في السجن باشتباه في نوبة قلبية وتم التأخر في نقلها للمستشفى، وتم اقتيادها لمحبسها بشكل سريع مع عدم حصولها على الرعاية الطبية اللازمة بالرغم من خطورة الأعراض كما لم تبلغ أسرتها المحرومة لأكثر من سنتين من زيارتها بالسجن بهذه الواقعة ولا بحالتها الصحية حتى فوجئت برؤيتها على كرسي متحرك ومنعها من دخول قاعة المحكمة للتحدث مع القاضي بخصوص وضعها الصحي أو ظروف احتجازها.
وبالرغم من المناشدات الدولية والإقليمية بحصولها على حقها في الرعاية الطبية الملائمة وتمكين الأسرة من الزيارة حتى يتم إطلاق سراحها، إلا أنه في شهر نوفمبر 2020 بلغ لعلم الأسرة من سجينة أخرى أن منعم نقلت لمستشفى المنيل بعد آلام شديدة وأن الطبيب أبلغها شفهيا بحدوث فشل كلوي في إحدى الكليتين وتدهور وظائف الكلية الأخرى، وهو ما كررته منعم أمام القاضي.
واختتمت الرسالة بالمطالبة بإطلاق سراحها فورا بدون أي قيد أو شرط، وحث الحكومة المصرية على السماح لها فورا بالحصول على حقها في الزيارة العائلية والرعاية الصحية المناسبة وتمكين أسرتها من الحصول على ملفها الطبي للاطلاع على وضعها الصحي واستشارة طبيب خارج السجن.
وتعليقا على الرسالة المشتركة قالت ممثلتها القانونية أمام اللجنة الأفريقية داليا لطفي: "تجربة الأعوام الماضية تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن السلطات في مصر لا تكترث بصحة نزلاء السجون. طالبنا دون جدوى طوال هذه السنوات بتحسين ظروف الاحتجاز وتوفير الرعاية الطبية اللازمة للسجناء والنتيجة عشرات الوفيات جراء الإهمال الطبي في مراكز الاحتجاز. ولذلك دعت هذه الرسالة الأمم المتحدة لحث السلطات المصرية على الإفراج فورا عن هدى عبد المنعم لأن استمرار احتجازها يعرض حياتها للخطر".
ومن ضمن الموقعين على الرسالة، منظمات آي إس هيتش آر (نيويورك وجنيف)، ومنظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي، وإنترناشونال لويرز دوت أورج (جنيف)، ومنَا لحقوق الإنسان (جنيف)، ومبادرة حرية (واشنطن)، ومنظمة "أرتيكل 19".