وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ملابسات وفاة المواطن المعتقل عبد الباسط علي عبد الحليم عبد الدايم البالغ من العمر 59 عاماً، نتيجة إهمال طبي.
وعبد الدايم من قرية الرملة مركز بنها بمحافظة القليوبية، شمال شرقي البلاد، وهو كان مديراً لنقابة المهندسين في القليوبية قبل دخوله إلى السجن.
وأوضحت الشبكة أنّ قوات الأمن المصرية ألقت القبض على عبد الدايم في 16 ديسمبر/ كانون الأول 2016 وتمّ التحقيق معه على ذمة القضية 99 لسنة 2017 كلي شمال بنها، بتهمة الانضمام إلى جماعة محظورة وحيازة مطبوعات وإشاعة أخبار كاذبة. وفي 11 إبريل/ نيسان 2017، حُكم عليه بالسجن المشدّد لخمس سنوات تنتهي في 16 ديسمبر 2021، وقد حُبس في سجن وادي النطرون رقم 1.
وأفادت الشبكة بأنّ أعراض المرض الشديد ظهرت عليه في شهر فبراير/ شباط الماضي، واكتُشفت إصابته بالتهاب وتليف في الكبد، لتبدأ رحلة معاناة امتدت أشهراً عدّة، حاولت أسرته ومحاميه في خلالها إنقاذه بطلب العلاج على نفقة الأسرة في أحد المستشفيات الخارجية. وقد تقدّمت أسرته بشكوى أمام نيابة السادات التي يقع في دائرتها السجن، من أجل علاجه خارجياً على نفقتها الخاصة. وبالفعل نُقل في 13 يوليو/ تموز الماضي إلى المستشفى الميري بالإسكندرية لبدء مرحلة العلاج المطلوب، لكنّ عطلاً في جهاز الأشعة أدّى إلى نقله في اليوم نفسه وتحت حراسة الأمن إلى سجن الحضرة إلى حين إصلاح الجهاز. وعلى الرغم من سداد تكاليف فحص الأشعة بمعرفة أسرته، ظل فى سجن الحضرة وهو يعاني من آلام شديدة.
وفي الأوّل من أغسطس/ آب الجاري، زارته أسرته للمرة الأخيرة، فيما لازم هو سجن الحضرة على الرغم من علم المسؤولين بحالته المرضية الحرجة، وقد استمرّ هؤلاء في رفض نقله إلى المستشفى الميرى للعلاج، بداعي عدم الانتهاء من إصلاح جهاز الأشعة، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة فجر الجمعة 20 أغسطس في سجن الحضرة. ولم تعلم أسرته بوفاته إلا في اليوم التالي، وتسلّمت جثمانه من مشرحة كوم الدكة بالإسكندرية.
وعلّقت الشبكة المصرية على وفاة هذا السجين السياسي بالقول: "يتواصل حصاد الأرواح داخل السجون المصرية، وبوفاة المعتقل عبد الباسط عبد الدايم، ارتفع عدد المعتقلين الذين توفوا داخل السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة في مصر منذ بداية العام إلى 34 معتقلاً، منهم ستة خلال شهر أغسطس/ آب الحالي، وهي نتيجة طبيعية لظروف الاحتجاز القاسية وغير الآدمية، والتي تخالف الحد الأدنى من معايير السجون في مصر والعالم، لتزداد وتيرة حصد أرواح الأبرياء الذين ظلموا باعتقالهم تعسفياً من دون أدلة تذكر وأغلبها بمحضر تحريات. وانتهى بهم المطاف بفقدان أرواحهم بعد التنكيل بهم ومنعهم من تلقي العلاج والدواء المناسب في الوقت المناسب".
وشهد عام 2020 وحده 73 وفاة بإهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر. وفي السنوات الثماني الماضية توفي 774 محتجزاً داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، إذ توفي: 73 محتجزاً عام 2013، و166 محتجزاً عام 2014، و185 محتجزاً عام 2015، و121 محتجزاً عام 2016، و80 محتجزاً عام 2017، و36 محتجزاً عام 2018، و40 محتجزاً عام 2019.
ويُعَدّ الإهمال الطبي في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية جريمة يعاقب عليها القانون، ومع ذلك فإنّ ذلك يُمارس بشكل دائم ومتكرر. وتنصّ المادة 18 من الدستور المصري الصادر عام 2014 على أنّ "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة… ويُجرَّم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة". كذلك تنصّ المادة 55 من الدستور على أنّ "كل من يُقبض عليه أو يُحبس أو تُقيَّد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيّاً أو معنويّاً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيّاً وصحيّاً".
كذلك تنصّ المادة 56 على أنّ "السجن دار إصلاح وتأهيل. وتخضع السجون للإشراف القضائي ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرّض صحته للخطر". ومع ذلك، يعاني المحتجزون في السجون المصرية كي يُسمَح لهم باستشارة طبيب السجن، والذي يعامل المحتجزين بطريقة سيّئة ويتهمهم بالتمارض، الأمر الذي يدفع محتجزين كثيرين إلى الاعتماد على الأطباء المحتجزين معهم لتشخيص حالاتهم.