أعربت تسع منظمات حقوقية مصرية عن بالغ استنكارها للحكم الصادر في 14 يونيو/حزيران الجاري، من محكمة النقض المصرية، بتأييد حكم الإعدام بحق 12 قياديا من جماعة الإخوان المسلمين، في القضية المعروفة إعلاميًا بـ"أحداث فض اعتصام رابعة العدوية".
وطالبت المنظمات، في بيان مشترك، بالتعليق الفوري لعقوبة الإعدام، ووقف تنفيذ ما صدر بها من أحكام، وإعادة النظر فيها، كما جددت المنظمات طلبها ضرورة فتح تحقيق جاد ومستقل في وقائع القتل الجماعي بحق المتظاهرين أثناء فض اعتصام رابعة العدوية، تمهيدًا لمحاسبة الجناة.
وتعود وقائع تلك القضية إلى الفض الدامي لاعتصام ميدان رابعة العدوية في القاهرة، والذي استخدمت فيه قوات الأمن الذخيرة الحية ضد المعتصمين، ما أدى لسقوط أكثر من 1000 قتيل.
وقالت المنظمات إنه بدلاً من محاسبة الجناة الحقيقيين عن جريمة القتل الجماعي للمتظاهرين، وجهت النيابة لأكثر من 700 شخص من الناجين اتهامات باستعراض القوة، والقتل والشروع في القتل، واحتجاز مواطنين، ومقاومة السلطات، وتخريب مبان ومرافق حكومية.
وأضاف البيان: "في محاكمة جماعية تفتقر لضمانات العدالة، أصدرت محكمة الجنايات، ومن بعدها محكمة النقض، أحكامها المشينة بالإعدام والمؤبد والسجن لسنوات طويلة بحق المتهمين، في إعلان واضح من السلطات المصرية بترسيخ سياسة الإفلات من العقاب. وذلك رغم ما ورد في توصيات لجنة تقصي الحقائق وتقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان حول ضرورة محاسبة الجناة وتعويض الضحايا".
وسبق أن أدانت منظمات حقوقية حكم محكمة جنايات القاهرة،
الصادر في سبتمبر/أيلول 2018، بإعدام 75 شخصًا، والسجن المؤبد لآخرين في هذه القضية، مشيرة إلى ما شاب المحاكمة من خروقات قانونية، وعدم مراعاة الحد الأدنى من ضمانات المحاكمات العادلة. ثم جاءت محكمة النقض لتؤيد هذا الحكم الهزلي، في انتقام واضح من خصوم النظام الحالي السياسيين.
وقالت المنظمات إنه على مدى السنوات الماضية توسعت المحاكم المصرية بكافة أشكالها ودرجاتها (المدنية والعسكرية ومحكمة النقض) في توظيف القضاء للتنكيل بالخصوم السياسيين، وذلك من خلال إصدار أحكام إعدام جماعية وأحكام بالسجن المؤبد والمشدد في محاكمات جماعية أصابها العوار.
وشددت المنظمات على أن مصر تعرضت للإدانة الدولية الواسعة بسبب توسعها غير المسبوق في عقوبة الإعدام، إذ تلقت الحكومة المصرية العديد من المطالبات والتوصيات بالوقف الاختياري لعقوبة الإعدام تمهيدًا لإلغائها، وتعليق تنفيذها وبحث إمكانية تخفيفها، سواء خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي أمام الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أو في قرارات البرلمان الأوروبي الصادرة خلال أعوام 2018 و2019 و2020 بشأن مصر.
وجددت المنظمات الحقوقية رفضها التام لعقوبة الإعدام، وطالبت السلطات المصرية بوقف تنفيذها، كما طالبت الحكومة المصرية بالامتثال للمطالبات والتوصيات الدولية بتعليق هذه العقوبة، والتوقف عن تنفيذ أحكام الإعدام بدعوى الحرب على الإرهاب أو للانتقام من الخصوم السياسيين. وقالت "هذا التوسع غير المسبوق في التعدي على الحق في الحياة لا يتماشى مع ادعاءات الدولة المصرية إطلاق استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان".
وبحسب منظمة العفو الدولية، جاءت مصر في الترتيب الثالث عالميًا عام 2020 من حيث تنفيذ عقوبة الإعدام، ففي أكتوبر 2020، نُفذ حكم الإعدام بحق 53 شخصاً، من بينهم 13 متهمًا في قضايا ذات طابع سياسي، وفي إبريل/نيسان 2021، تم تنفيذ حكم الإعدام بحق 9 متهمين في القضية المعروفة إعلاميا بـ"قضية اقتحام مركز شرطة كرداسة"، وكان قد نُفذ الإعدام بحق 3 من المتهمين في القضية نفسها في أكتوبر/تشرين الأول 2020.