مصر: معتقل بسجن شبين الكوم آخر ضحايا الإهمال الطبي في 2020

31 ديسمبر 2020
المعتقل المتوفى صفوت الشامي (فيسيوك)
+ الخط -

أعلن مركز الشهاب لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية) وفاة المواطن صفوت الشامي (58 عاماً)، الخميس 31 ديسمبر/كانون الأول 2020، إثر إصابته بفيروس كورونا في سجن شبين الكوم العمومي، وقد نقل إلى مستشفى الحميات بشبين الكوم بعد تفاقم حالته وفارق فيه الحياة.

وحمّل مركز الشهاب لحقوق الإنسان وزارة الداخلية المصرية، مسؤولية الوفاة، وطالب المركز النيابة العامة المصرية، بالتحقيق في وفاة المواطن، وإحالة المتورطين فيها على المحاسبة، كذلك طالب المركز بالإفراج عن جميع المعتقلين تلافياً لمخاطر الوباء.

وقبل ساعات في اليوم الأخير من العام، توفي محمد صبحي (74 عاماً)، الأربعاء، في قسم أول الزقازيق بدلتا مصر، بسبب الإهمال الطبي المتعمد بحقه، بعد حرمانه الدواء، رغم سنه الكبيرة ومعاناته من مياه على الرئة.

والشامي ثاني حالة وفاة نتيجة الإهمال الطبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في ديسمبر/كانون الأول 2020 والحالة الثالثة والسبعون والأخيرة خلال عام 2020.

وتوفي ثلاثة سجناء في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية في نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بعد وفاة حسن جودة علي يوسف، في التاسع والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني، وكان معتقلاً في سجن الفيوم العمومي منذ فضّ اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/ آب 2013، ووفاة المعتقل مصطفى الديب (50 عاماً) في محبسه بسجن وادي النطرون، بسبب الإهمال الطبي، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بعد تدهور حالته الصحية نتيجة إصابته بالسل وفقدان البصر. ومدحت محمد الصغير (41 عاماً) الذي توفي في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني في سجن العقرب شديد الحراسة، نتيجة الإهمال الطبي.

بينما شهد أكتوبر/ تشرين الأول 2020 خمس حالات وفاة نتيجة الإهمال الطبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، حيث توفي المواطن كمال حبيب مرزوق، في سجن الوادي الجديد، والطبيب مجدي الصفتي (61 عاماً)، المعتقل في سجن طرة، بعد معاناة طويلة مع المرض، وتوفي في مستشفى السجن في 25 أكتوبر/ تشرين الأول. وتوفي المواطن حمدي رياض في 20 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بعد منع العلاج عنه في سجن المنيا جنوبي مصر.

وتوفي المواطن يوسف جنيدي (66 عاماً)، وكان يعمل موظفاً في مركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة بدلتا مصر، وقد شيعت جنازته يوم 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2020 بعد وفاته بسبب الإهمال الطبي. وتوفي مصطفى أحمد هاشم (معلم رياضيات) من مركز ملوى بمحافظة المنيا جنوبي مصر، يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بمعهد الأورام بالقاهرة، نتيجة الإهمال الطبي.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وشهد شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، سبع حالات وفاة نتيجة الإهمال الطبي، وخاصة مع انتشار وباء فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19". كذلك شهدت الثمانية أشهر الماضية، في العام الميلادي الحالي، سقوط 56 حالة وفاة في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، حيث توفي سبعة معتقلين في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في يناير/ كانون الثاني الماضي، وخمسة معتقلين في فبراير/ شباط الماضي، و6 معتقلين في مارس/ آذار الماضي، ومعتقل واحد في إبريل/ نيسان الماضي، وثمانية معتقلين في مايو/ أيار الماضي، و13 حالة وفاة في يونيو/حزيران الماضي، و10 حالات وفاة في يوليو/ تموز، و6 حالات وفاة في أغسطس/ آب الماضي.

وطبقاً لآخر توثيق صادر عن مركز الشهاب، قبل أيام من نهاية عام 2020، شهد السجناء والمعتقلون انتهاكات جسيمة بحقهم ازدادت ضراوتها خلال هذا العام 2020 مع وجود وباء كوفید 19 الذي لم تتعامل معه الدولة المصرية جیداً في العموم.

وحسب التقرير الذي حمل عنوان "المشهد الحقوقي"، أكد مركز الشهاب أنه رغم وجود نصوص صريحة في قانون السجون ولائحته التنفیذیة، إلا أن هذه النصوص لا تطبَّق بشكل كامل، فالمحبوسون یعانون من مجمل انتهاكات لا تتوقف، وهي متفاوتة النسب بحسب السجن أو مكان الاحتجاز، ومنها الإهمال الطبي ومنع الزيارات وإدخال الأدوية والمتعلقات الشخصية والتعذيب والحبس الانفرادي والتغريب (النقل من سجن لآخر بعيد) ومنع التریض وغیرها من الانتهاكات.

وطبقاً لتقرير المركز، يبلغ عدد السجون في مصر 68 سجناً، بالإضافة إلى 382 مقر احتجاز داخل أقسام الشرطة. ويقدَّر عدد المسجونین السیاسیین في مصر بـ60 ألف سجين ومحبوس.

وخلال السبع سنوات الماضية، قضى نحو 774 محتجزاً داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، حيث توفي 73 محتجزاً عام 2013، و166 محتجزاً عام 2014، و185 محتجزاً عام 2015، و121 محتجزاً عام 2016، و80 محتجزاً عام 2017، و36 محتجزاً عام 2018، و40 محتجزاً عام 2019، و72 محتجزاً عام 2020.

وخلص التقرير الصادر عن مركز الشهاب إلى أن عام الانتهاكات للمحبوسين داخل السجون وأماكن الاحتجاز يمكن تلخيصه في التعامل من قبل مصلحة السجون ومأموري السجون والضباط وأمناء الشرطة بغلظة شديدة مع المحبوسين واستعمال القسوة معهم في أشد صورها. ومعاناة المحبوسين من الإهمال الطبي الشديد وعدم تقديم الرعاية الطبية الكافية لهم، وخاصة مع وباء كوفيد 19 (كورونا)، أديا إلى زيادة عدد الوفيات وزيادة الأمراض داخل السجون وأماكن الاحتجاز زيادة كبيرة. فضلاً عن التكدس الشديد في أعداد المحبوسين في أماكن الاحتجاز بشكل كبير، لكثرة عددهم ولضيق مساحة العنابر والزنازين.

وفي السياق، ترتفع المطالبات الحقوقية في مصر، بتوفير عدد كافٍ من الأطباء من التخصصات المختلفة في السجون يتناسب مع عدد السجناء في كل سجن، واتخاذ المؤسسات المعنية التدابير الملائمة للحفاظ على صحة حياة السجناء، خاصة مع وجود احتمالات صعود موجة ثانية من تفشي وباء كورونا في فترة الشتاء، وزيارة وتفتيش السجون وأماكن الاحتجاز دورياً، مع تفعيل المساءلة القانونية للعاملين بمصلحة السجون، ومن بينهم الأطباء والإعلان بشفافية عن تفاصيل المساءلة القانونية. فضلاً عن بعض المطالبات البديهية بالتعامل الجاد مع استغاثات المساجين في الحالات الطارئة وتسهيل الإجراءات اللازمة لتلقي الرعاية الصحية داخل السجون أو في مستشفيات خارجية، وتخصيص ميزانية من وزارة الداخلية من أجل تحسين البنية التحتية فى السجون وأماكن الاحتجاز وتوفير الأجهزة والأدوات الطبية اللازمة بدلاً من الاعتماد على الإسعافات الأولية فقط.

وتنص المادة الـ55 من الدستور المصري على "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك، لائقة إنسانياً وصحياً، وتلتزم الدولة توفير وسائل الإتاحة للأشخاص ذوي الإعاقة، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يعاقب مرتكبها وفقاً للقانون، وللمتهم حق الصمت، وكل قول يثبت أنه صدر عن محتجز، تحت وطأة شيء مما تقدم، أو التهديد بشيء منه، يهدر ولا يعول عليه".

وتنص المادة الـ 56 من الدستور على أن "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون وأماكن الاحتجاز للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر. وينظم القانون أحكام إصلاح وتأهيل المحكوم عليهم، وتيسير سبل الحياة الكريمة لهم بعد الإفراج عنهم".

المساهمون