- والدته، أمل سليم العدوي، تكشف عن تدهور حالته النفسية والجسدية وتشارك معاناته عبر فيسبوك، مؤكدة على العبء المادي والمعنوي الذي يشكله وجوده في السجن على الأسرة.
- الوضع القانوني لعمر معقد ومحاولات النقض قوبلت بالرفض، وسط تقارير عن تعرضه للتعذيب والتحرش، بينما تحاول عائلته تقديم الدعم النفسي والمادي رغم اليأس من إمكانية الإفراج.
للمرّة الثانية، ناشد السجين المصري عمر محمد علي والدته منحه الإذن بالانتحار، وقد يئس من إمكانية خروجه من سجن بدر الذي يُعَدّ واحداً من أسوأ السجون في مصر، هو المحكوم عسكرياً بالمؤبد. وفي خلال زيارة الوالدة أمل سليم العدوي الأخيرة له في السجن، قال لها إنّ "وجودي جنب بابا أرحم لي ولك، أنا عايش في قبر عند حاكم ظالم، وبابا في قبر عند حاكم عادل". يُذكر أنّ الوالد قضى في أحداث ثورة يناير (2011).
وفي تدوينة نشرتها على صفحتها على موقع فيسبوك، كتبت والدة عمر محمد علي أنّه يعاني ظروفاً قاسية في السجن، وقد خسر كثيراً من وزنه وحالته النفسية سيّئة. ونقلت الوالدة عن ابنها، الذي سوف يبلغ في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل 32 عاماً، قوله إنّ وجوده في السجن يمثّل عبئاً كبيراً عليها وعلى أفراد العائلة الآخرين، إذ إنّ ارتفاع نفقات زيارته في كلّ مرة يُعَدّ عبئاً مادياً على الأسرة البسيطة إلى جانب العبء المعنوي. أضافت الوالدة أنّ ابنها أفاد بأنّه فقد قدرته على التواصل مع العالم الخارجي، وقد مُنع من الكتابة والرسم في زنزانته الانفرادية، بالإضافة إلى أنّه يعاني أمراضاً مزمنة تتطلب علاجاً مكلفاً.
وتابعت الوالدة في تدوينتها أنّه قال لها "انتهيت ومفصول من الجامعة والشغل وشبابي" ولّى، وأنْ لا شيء يمكّنه من بدء حياته من جديد. ودعا عمر محمد علي والدته إلى التفكير في كلامه بتعقّل، وإلى العودة في الزيارة المقبلة وهي "مقتنعة" بجدوى إنهائه حياته. وأكّد لها أنّه لا يريد القيام بأيّ شيء من دون رضاها. وقد أكّدت الوالدة أنّها لم تتمكّن من الردّ على ما طلبه ابنها، وانتهت زيارتها له وهي في حالة من الحزن الشديد.
تجدر الإشارة إلى أنّ عمر محمد علي رفض زيارة العيد التي كانت مقرّرة أخيراً بمناسبة عيد الفطر، وقد أتى ذلك ليمثّل إشارة أولى إلى إمكانية إقدامه فعلياً على إنهاء حياته التي قضى ثلثها نحو عشر سنوات في السجن، الأمر الذي أثّر سلباً على أسرته، لكنّ الأخيرة تتمسّك بأمل خروجه حتى اللحظة الأخيرة، وقد أحضرت له ملابس جديدة للعيد وقرّرت في زيارته لعلّها تمدّه بأمل الخروج قريباً.
وينفّذ عمر محمد علي محكوميته بالسجن المؤبّد عسكرياً في الحبس الانفرادي، بعد خروج رفيق زنزانته الناشط المعروف أحمد دومة استناداً إلى عفو رئاسي في أغسطس/ آب 2023. وقد رفضت المحكمة طلبات النقض التي تقدّم بها وكيله المحامي محمد عبد العزيز، على الرغم من أنّ المتّهم الرئيسي في قضية عمر محمد علي والذي يحمل صفة عسكرية حُكم عليه بالإعدام وحصل على عفو وخرج قبل سنوات، علماً أنّ أكثر من حكم بالإعدام والمؤبد خُفف لمصلحة متّهمين في القضية نفسها.
وكان الناشط والصحافي المصري هشام فؤاد الذي أُفرج عنه بعفو رئاسي بعد اتّهامه بقضية "خلية الأمل"، قد نشر تدوينة قبل عامَين، بمناسبة عيد ميلاد "رفيق الحبسة الولد الشقي عمر محمد علي" الثلاثين، كتب فيها أنّ الأخير اعتُقل عندما كان طالباً في سنته الأخيرة بالهندسة المعمارية وكان في الوقت نفسه يعمل في أحد المصانع الحربية. وشرح فؤاد أنّه أُوقف في عام 2015 من أمام مطعم في المعادي (في العاصمة المصرية)، حيث كان يتناول العشاء، على خلفية قضية عسكرية. ووُجّهت إليه تهمة ضخمة وهي إفشاء أسرار حربية وحُكم بالسجن لمدّة 25 عاماً، على الرغم من أنّ المحكمة بيّنت أنّ المعلومة المنسوبة إليه خاطئة.
وفي سياق متصل، ذكر تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في عام 2016 أنّ عمر محمد علي "اختطف ومعه اثنان من أصدقائه فيما كانوا يسيرون في أحد شوارع القاهرة"، أضاف التقرير أنّه "تعرّض للتعذيب من أجل تصوير فيديو يدلي فيه باعتراف، ليواجه عقوبة السجن مدى الحياة، بعد تعرّضه للتعذيب على يد أحد ضباط المخابرات العسكرية". وقد عُرض عمر محمد علي على النيابة العسكرية، في القضية رقم 174 لسنة 2015 جنايات عسكرية غرب القاهرة، ووجّهت النيابة إليه اتهامات بـ"إفشاء سرّ من أسرار الدفاع"، على خلفية مدّ أحد المتّهمين بمعلومات بشأن أحد ضباط أمن المصنع الحربي الذي يعمل فيه.
وفي عام 2022، تقدّم عمر محمد علي ببلاغ إلى إدارة السجن يتّهم فيه عناصر من الشرطة في سجن بدر بالتحرّش به في أثناء تفتيشه عند وصوله إلى هذا السجن بعد ترحيله من سجن مزرعة طرة. فقد نزع ثلاثة من عناصر الأمن ملابسه بالقوّة وهو مكبَّل اليدَين، وتحرّشوا به مرّات عدّة في حضور أحد مفتّشي المباحث، علماً أنّ ذلك وقع في مكان نُصبت في عدد من كاميرات المراقبة، بحسب منظمات حقوقية. وتثير هذه الواقعة تساؤلات حول أوضاع السجناء في مصر، خصوصاً في ما يتعلّق بالحالة النفسية لهم ومدى حصولهم على الرعاية الصحية اللازمة. كذلك تسلّط الضوء على معاناة عائلات السجناء الذين يتحمّلون عبئاً نفسياً ومادياً كبيراً بسبب ظروف ذويهم.