أعلن مركز الشهاب لحقوق الإنسان تردّي الحالة الصحية للمعتقل المصري حسن البرنس، رئيس قسم الأشعة بكلية طب الإسكندرية، وذلك بسبب الإهمال الطبي.
حسن البرنس، طبيب بشري وأستاذ جامعي ورئيس قسم الأشعة التخصصية بكلية الطب ونائب محافظ الأسكندرية الأسبق، معتقل في سجن برج العرب بمحافظة الإسكندرية، اعتُقل في 21 أغسطس/آب 2013 وأودع في 8 يونيو/حزيران 2018 في الحبس الانفرادي بسجن برج العرب، وهو ممنوع من الزيارة ومحبوس انفرادياً لسنوات.
والبرنس محروم من العلاج والأغراض الشخصية، حيث يعاني من مرض السكر وضعف شديد في البصر، بسبب مرض الكتاركت (الماء الأبيض) والإهمال في علاج مرض السكر، وضعف شديد فى السمع، وفقد حوالي 20 كيلو من وزنه.
وطالبت منظمة نجدة لحقوق الإنسان، السلطات المصرية، بالكف عن سياسة القتل البطيء التي تمارسها على نطاق واسع بحق المعتقلين السياسيين، ومنهم حسن البرنس، وبتمكينه من حقه الذي كفله الدستور والقانون المحلي والقانون الدولي في تلقي العلاج. وحمّلت السلطات المصرية المسؤولية عن حياته وعن سلامة جسده. وأدان مركز الشهاب الانتهاكات بحق البرنس، وطالب بتوفير الرعاية الطبية اللازمة والإفراج عنه فوراً.
وتعتبر حالة البرنس ليست حالة فردية للإهمال الطبي المتعمد في السجون المصرية، لكنها أحدث حالة، رغم أن الحق في الصحة منصوص عليه في الدستور والقوانين ولائحة السجون المصرية.
وتنص المادة 18 من الدستور المصري الصادر عام 2014 على أن "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة وفقًا لمعايير الجودة… ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة".
كما تنص المادة 55 من الدستور على أن "كل من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًّا وصحيًّا".
وكذلك تنص المادة 56 على أن "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون للإشراف القضائي، ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرّض صحته للخطر".
ومع ذلك؛ يعاني المعتقلون في السجون المصرية كلها، كي يتم السماح لهم برؤية طبيب السجن، والذي يعامل المحتجزين بطريقة سيئة ويتهمهم بالتمارض، وهو ما يدفع كثيرا من المحتجزين إلى الاعتماد على الأطباء المحتجزين معهم لتشخيص حالاتهم.
ثم يمتد الإهمال الطبي في السجون ليشمل المنع غير المبرر لدخول الأدوية اللازمة للمحتجز، أو السماح له بالخروج لإجراء التحاليل الطبية، أو الخروج لمستشفى بالخارج إذا كانت حالته تستدعي ذلك، وهو أمر يحتاجه كثير من المحتجزين في ظل التجهيزات المتواضعة لعيادة أو مستشفى السجن، والتي عادة أيضًا لا توفر إجراء التحاليل، وهو ما يدفع الأهالي إلى سحب عينات الدم من المحتجزين في الزيارات وأخذها إلى أقرب معمل طبي. وقد أكد كثير من المحتجزين في سجون مختلفة أن طبيب السجن عادة ما يكتفي بإعطاء المحتجزين المسكنات بغض النظر عما يشكون منه، حسب تقرير حديث صادر عن الجبهة المصرية لحقوق الإنسان -منظمة مجتمع مدني مصرية- في 24 مايو/أيار الماضي.
وإذا كانت الأرقام تعبر عن حجم الفاجعة، فإن عام 2020 وحده شهد 73 حالة وفاة نتيجة إهمال طبي في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر، بينما قضى نحو 774 محتجزاً داخل مقار الاحتجاز المصرية المختلفة، خلال السنوات السبع الماضية، حيث توفي: 73 محتجزاً عام 2013، و166 محتجزاً عام 2014، و185 محتجزاً عام 2015، و121 محتجزاً عام 2016، و80 محتجزاً عام 2017، و36 محتجزاً عام 2018، و40 محتجزاً عام 2019، و73 محتجزاً عام 2020.
بينما توفي 26 مواطناً في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة في مصر، منذ مطلع العام الجاري، نتيجة الإهمال الطبي المتعمد، أو الإصابة بفيروس كورونا.
وتفتقد السجون المصرية، بشكل عام، مقومات الصحة الأساسية، والتي تشمل الغذاء الجيد والمرافق الصحية، ودورات المياه الآدمية التي تناسب أعداد السجناء، وكذلك الإضاءة والتهوية والتريض، كما تعاني في أغلبها من التكدس الشديد للسجناء داخل أماكن الاحتجاز، ما جعل العديد من المنظمات الحقوقية المصرية، تطالب بإلزامية فتح النيابة العامة تحقيقاً في وفاة كل معتقل وسجين في حال وفاة أي مواطن داخل أحد أماكن الاحتجاز أو السجون المصرية، بغض النظر عن التاريخ المرضي للسجناء.
فضلاً عن المطالبات البديهية بالتعامل الجاد مع استغاثات المساجين في الحالات الطارئة وتسهيل الإجراءات اللازمة لتلقي الرعاية الصحية داخل السجون أو في مستشفيات خارجية، وتخصيص ميزانية من وزارة الداخلية من أجل تحسين البنية التحتية فى السجون وأماكن الاحتجاز، وتوفير الأجهزة والأدوات الطبية اللازمة، بدلًا من الاعتماد على الإسعافات الأولية فقط.