مصر: انتهاكات تطاول معتقلات وخوف من تكرار مأساة "عربة الترحيلات"

09 يوليو 2021
إسراء عبد الفتاح قبل عشرة أعوام (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

روت شيماء عبد الفتاح، شقيقة الناشطة السياسية والصحافية المصرية المعتقلة إسراء عبد الفتاح، وقائع انتهاكات حدثت مع شقيقتها في أثناء نقلها في عربة ترحيلات إلى جلسة تجديد الحبس الأخيرة. فكتبت: "اليوم المفروض إسراء تستلم جائزتها ويستلمها بدلاً منها الأستاذ شريف منصور"، لكنّها في الزيارة "كانت نفسياً منهارة، وواصلة لمرحلة من الاكتئاب غير عادية فاقدة الأمل". أضافت شيماء: "قالت لي خلاص ماتجيش تاني كفاية عليكي بهدلة.. كده كده منعوا كمان إنّنا نسبلها فلوس تصرف منها ولازم نروح البريد نحوّلها عن طريق حوالة، والبريد بقالهم يومين السيستم واقع ومش عارفة ليه التعنت ده بجدّ".

وكانت إسراء عبد الفتاح قد فازت في الأوّل من يوليو/تموز الجاري بجائزة "الشجاعة الديمقراطية" التي تقدّمها الحركة العالمية من أجل الديمقراطية، بعد أكثر من عام ونصف عام من الحبس الاحتياطي على خلفية اتهامات، من بينها نشر أخبار كاذبة. والجائزة تهدف إلى تكريم الصحافيين والعاملين في مجال الإعلام على شجاعتهم ودفاعهم عن حرية الصحافة في العالم على الرغم من المخاطر التي تهدّد حياتهم وحريتهم، وإسراء واحدة منهم.

إسراء

وكانت جلسة تجديد الحبس الأخيرة لإسراء عبد الفتاح قد عُقدت الثلاثاء الماضي في السادس من يوليو/تموز الجاري، فنقلت شقيقتها شيماء أنّها "كانت جلسة إسراء ومجموعة من البنات. تركوهم في عربات الترحيلات ساعات والجو حرّ نار من غير ميّه ولا فيها حتى شباك يتنفسوا منه والعربية.. حديد مش قادرين حتى يقعدوا فيها واقفين هيموتوا من الحر والعطش لو كانوا سابوهم ساعة كمان كانوا فطسوا وماتوا.. إسراء قالت الكلام ده للقاضي، وقالت ده إحنا لو كنا بهايم كنتوا فتحتوا تشوفونا عايشين ولا موتنا.. وطلبت من القاضي إنها ما تنزلش جلسات تاني وحرام البهدلة دي أو يكون ليهم سيارات نقل آدمية على الأقل". واختتمت شيماء عبد الفتاح منشورها بـ"اليأس كان متمكّن منها والعجز متمكّن منّي ومن كلّ اللي حواليها.. والله كفاية تعبنا مش كفاية عليها سنة وتسعة شهور.. لله الأمر من قبل ومن بعد".

من جهتها، نشرت الصحافية والناشطة السياسية المصرية رشا عزب تغريدات عدّة عن وقائع نقل إسراء عبد الفتاح ومعتقلات أخريات في آخر جلسة تجديد حبس، وذلك عبر حسابها الخاص على موقع "تويتر". فكتبت: "استغاثة: يوم ستّة يوليو/تموز حصلت الوقائع الآتية: كان تجديد الحبس لماهينور المصرى وإسراء عبد الفتاح ونيرمين حسين وخلود سعيد وأخريات. جابوا 25 سجينة في عربية ترحيلات واحدة وسابوهم جوّا العربية حوالي ساعة تحت حرارة وصلت 40 (درجة مئوية)، حصلت حالات اختناق ولما قعدوا يخبطوا للحرس، زعقولهم وسابوهم جوّه".

أضافت رشا عزب أنّ "إسراء وماهينور المصري - محامية وناشطة سياسية مصرية - دخلوا الجلسة منهارات من اللي حصل لهم وللستات في علبة صفيح مكدّسة ومولّعة تحت الشمس وبلّغوا القضاة والمحامين باللي حصل. الستات كانوا قريّبين من إحساس الموت، قريّبين من تكرار مأساة كلنا عارفين اللي حصل فيها قبل كده. إحنا بنحمّل النظام ده مسؤولية سلامة المعتقلات والسجينات". وتابعت: "خلّينا فاكرين كويّس أوي إنّ ده بيحصل مع معتقلات سياسيات، ما بالنا باللي بيحصل في الترحيلات العادية في الأيام المولّعة دي. في كارثة في إدارة الترحيلات والدولة مش بتتعلّم من جرائمها السابقة زيّ ما احنا شايفين، الرحمة منعدمة والجبروت سايق في أبسط الأمور حتى لو كان نقل مساجين". كذلك أعادت رشا عزب نشر منشور شقيقة إسراء عبد الفتاح الذي يتوافق تماماً مع الاستغاثة التي دوّنتها هي، ومع وقائع الانتهاكات التي كشفتها.

وكانت إسراء عبد الفتاح قد اختُطفت من الشارع، وتعرّضت إلى التعذيب داخل أحد مقار الأمن الوطني، في 29 سبتمبر/أيلول 2019، ثمّ ظهرت في النيابة العامة بعد أسبوع لتعلن إضرابها عن الطعام والشراب مطالبة بفتح تحقيق في واقعة تعذيبها والتحقيق معها كمجني عليها، قبل أن تفضّ إضرابها بناءً على نصيحة محاميها.

من جهتها، اشتهرت ماهينور المصري، عضو "حركة الاشتراكيين الثوريين"، بمعارضتها للمجلس العسكري الذي تولّى السلطة عقب خلع الرئيس الأسبق حسني مبارك، فيما كان موقفها واضحاً من نظام الرئيس الراحل محمد مرسي وكذلك من النظام الحالي. ولأنّها من أبرز الوجوه في ثورة يناير/كانون الثاني 2011، فقد شملتها حملة الاعتقالات التي طاولت عدداً من الشخصيات البارزة خلال السنوات الماضية، وآخرها بالتزامن مع دعوات التظاهر في خلال احتجاجات 20 سبتمبر/أيلول 2019. وألقي القبض على ماهينور في 22 من الشهر نفسه، من أمام مبنى أمن الدولة عقب حضورها التحقيقات بصفتها محامية للذين أوقفوا قبل يومَين في أثناء التظاهرات. وبعد ساعات من اختفائها، ظهرت المحامية الحقوقية في نيابة أمن الدولة على ذمّة القضية 448 لسنة 2019، بتهمة نشر أخبار كاذبة ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.

وسبق أن أمضت ماهينور سنة وثلاثة شهور في السجن على خلفية قضيّة اقتحام قسم شرطة الرمل في عام 2014، وحُبست كذلك في عام 2017 في أثناء التظاهر مع آخرين اعتراضاً على اتفاقية ترسيم الحدود المصرية لتيران وصنافير. لكنّها حصلت على حكم بالبراءة في يناير/كانون الثاني 2018، بعد استئنافها على الحكم بالحبس لمدّة سنتَين بتهمة التظاهر من دون ترخيص.

تجدر الإشارة إلى أنّ ماهينور المصري، ومن خلف أسوار السجن، حصلت على جائزة "لودوفيك تراريو" الحقوقية الدولية في عام 2014، وهي جائزة تمنح سنوياً لمحامٍ تميّز في "الدفاع عن احترام حقوق الإنسان". وقد أهدتها في ذلك الوقت للمعتقلين في السجون المصرية، وللشعب الفلسطيني، وكذلك للشابة الإيرانية ريحانة كلاوي التي حُكم عليها بالإعدام لأنها قتلت مغتصبها دفاعاً عن النفس.