استمع إلى الملخص
- **النقابة تتابع حالة الطبيب المصاب وتدعم حقوقه القانونية، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لحماية الأطباء. نقيب الأطباء حذر من أن استمرار الاعتداءات سيدفع الأطباء للهجرة.**
- **إيهاب الطاهر ندد بالاعتداءات المتكررة، مشيراً إلى تزايد استقالات الأطباء من الحكومة. طالب بتأمين الأطباء ومنع دخول أكثر من مرافق واحد مع المريض ووقف حملات التشويه الإعلامية.**
أثارت واقعة الاعتداء على طبيب بشري في مستشفى العبور بمحافظة كفر الشيخ، شمالي مصر، غضباً واسعاً بين جموع زملائه، خصوصاً أنها واقعة متكررة في غياب مظلة قانونية تحمي الأطباء والمنشآت الطبية والصحية من مثل تلك الاعتداءات.
وتقدمت النقابة العامة للأطباء ببلاغ إلى النائب العام، في واقعة الاعتداء ومحاولة قتل استشاري الباطنة ومقرر لجنة الفيروسات بمستشفى العبور بمحافظة كفر الشيخ مصطفى مختار الشناوي، بعد استدعاء مريض وزوجة ابنه أشخاصاً من الخارج، والتعدي على الطبيب والشروع في قتله، ما أدى إلى إصابته بكسر في الكتف اليمنى استدعى إجراء عمليه جراحية وتركيب مسامير له، بالإضافة إلى إصابته بتهتك في الأربطة، وكسر في أصابع اليدين وكسر في إحدى قدميه.
وتعود تفاصيل واقعة الاعتداء على الطبيب داخل مستشفى العبور التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي بكفر الشيخ لاستدعاء أحد المرضى ترافقه زوجة ابنه أشخاصاً من خارج المستشفى، واعتدائهم جميعاً على الطبيب والشروع في قتله وتوجيه السب والقذف له، وذلك إثر مشادة كلامية نشبت بينهما عندما طلب الطبيب من المريض استكمال بعض التحاليل الضرورية المطلوبة لتحديد نوع العلاج الذي سيُصرفه له. وتلقى الطبيب تهديدات من المريض بالقتل لدى خروجه من المستشفى دهساً بالسيارة، قائلاً له: "هدوسك بعربيتي وديتك عندي 50 جنيه".
وطبقاً لبلاغ نقابة الأطباء للنائب العام، فإنه عند وصول كافة المتهمين إلى المستشفى الذين استدعتهم زوجة ابن المريض، نصبوا كميناً محكماً للطبيب داخل المستشفى. وفور خروجه من غرفة لجنة الفيروسات، طاردوه في محاولة لقتله أمام المنتفعين، ما تسبب في حالة من الذعر للمرضى، وتعطيل سير العمل بالمستشفى، ومنع الأطباء من ممارسة عملهم وتوقف صرف الدواء للمرضى بالصيدلية، وهو ما وثقته كاميرات المراقبة الموجودة بالمكان.
وعندما توجه الطبيب إلى قسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة، فوجئ بتحرير محضر كيدي ضده من المريض، وتعرض في القسم لضغوط شديدة منهم لكي يتنازل عن المحضر لكنه رفض، كما تعرضت زوجته لتهديدات هي الأخرى أثناء وجودها في النيابة، بأنهم سيلاحقونها وزوجها في المنزل والعيادة إذا لم يتنازل عن المحضر.
وأشارت النقابة في بلاغها إلى أن الإصابات التي تعرض لها الطبيب تستلزم نحو ثلاثة أشهر على الأقل من العلاج، تليها رحلة أخرى مع العلاج طبيعي. وخلال تلك الفترة، ستتوقف حياة الطبيب تماماً لعدم قدرته على العمل سواء في المستشفى أو في عيادته الخاصة، كما أن الطبيب كان يستعد لأداء امتحانات الدكتوراه وقد لا يتمكن من دخولها بسبب حالته الصحية والكسور التي تعرض لها في كتفه وأصابع يديه والشروخ الموجودة في قدمه.
وشددت النقابة العامة للأطباء على أنها تتابع حالة الطبيب المصاب للاطمئنان على صحته، وستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة لدعمه وحفظ حقوقه، مطالبة بضرورة توقيع أقصى عقوبة على الجاني. كما كلف نقيب الأطباء المستشار القانوني للنقابة أسامة عبد الحي بمتابعة سير التحقيقات مع المتهم، وتقديم كل الدعم القانوني للطبيب لحمايته وحفظ حقوقه، وتحرير محضر بعدم التعرض للطبيب، خصوصاً في ظل محاولات الضغوط والابتزاز التي يتعرض لها من ذوي المتهمين للتنازل عن المحضر.
وأكد نقيب الأطباء ضرورة التزام وزارة الصحة وكافة أجهزة الدولة بمسؤولياتها نحو حماية المستشفيات والمنشآت الصحية، والأطباء العاملين بها، واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للقضاء على هذه الظاهرة الهمجية. وأشار عبد الحي إلى أن وقائع الاعتداء المشينة المتكررة بحق الأطباء ستدفع من تبقى منهم للهجرة إلى الخارج، بحثاً عن بيئة عمل آمنة، يضمن فيها الطبيب الحصول على حقه أيضاً حال الاعتداء عليه، بدلاً من تعرضه للضغوط والتنكيل به وحبسه مع المجرمين.
وشدد نقيب الأطباء على ضرورة اعتبار جريمة الاعتداء على المنشآت الطبية والعاملين فيها جريمة لا يجوز التصالح فيها بأي حال من الأحوال، خصوصاً أن وقائع الاعتداء تتسبب في وقف تقديم الخدمات الطبية للمرضى بالمستشفيات، ما قد يودي بحياتهم، مؤكدا أنه من دون معاقبة المعتدين أشد العقاب، لن تتوقف هذه الجرائم.
من جهته، ندد عضو مجلس نقابة الأطباء إيهاب الطاهر، عبر حسابه الخاص على موقع فيسبوك، باعتداء من وصفهم بـ"بلطجية" على الطبيب، مشيراً إلى أنه "لا يوجد أي مبرر للاعتداء على مقدم خدمة صحية في أي دولة من دول العالم مهما كانت الأسباب، وإلا لأصبحنا نخضع لشريعة الغاب". ووجه الطاهر رسالة إلى كل مسؤول في السلطة التنفيذية أو التشريعية "متى سيتم اتخاذ إجراءات حقيقية لتأمين البشر وليس فقط تأمين الحجر؟ ومتى سيتم منع دخول أكثر من مرافق واحد مع المريض؟ ومتى سيتم إيقاف الجولات الاستعراضية لبعض المسؤولين، وتحميل الأطباء مشكلات المنظومة الصحية؟ ومتى سيتم توجيه بعض وسائل الإعلام بإيقاف حملات تشويه الأطباء، وضرورة الالتزام بعرض الرأي مع الرأي الآخر في قضايا ممارسة المهنة؟".
وتابع الطاهر تساؤلاته: "متى سيكون التوصيف الطبيعي للاعتداء هو تعد على طبيب أثناء تأدية عمله وليس مجرد مشاجرة؟ ومتى سيتم معاملة البلاغات الكيدية للبلطجية باعتبارها بلاغات كاذبة؟ ومتى سيتم إيقاف محاولات الضغط على الأطباء للتنازل عن بلاغاتهم؟ ومتى سيتم تشديد عقوبات الاعتداء على الأطباء واعتبارها جريمة ضد المجتمع لا يجوز التصالح فيها؟ ومتى سيعمل المسؤولون بجدية على تقليل وتيرة هجرة الأطباء بحثا عن مكان عمل آمن؟ ومتى ستصبح دماء الأطباء غير مستباحة؟".
تساؤلات الطاهر نابعة من كثرة وقائع التعدي على الأطباء، ما تسبب في هجرة الأطباء إلى الخارج، واستقالتهم من القطاع الحكومي. وبحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن نقابة الأطباء، فإنه خلال عام 2016، كان عدد الأطباء المستقيلين من الحكومة 1044 طبيباً، وفي 2017، كان عددهم 2549 طبيباً، وفي عام 2018، كان العدد 2612 طبيباً، وعام 2019، كان العدد 3507 أطباء، وفي 2020، كان العدد 2968 طبيباً، أما في عام 2021، فكان العدد 4217 طبيباً وطبيبة. وخلال عام 2022، بلغ عدد الأطباء الذين تقدموا بمستندات إنهاء خدمتهم من قطاع الصحة الحكومي في مصر واستخراج شهادة "طبيب حر"، التي تعني عدم عمل الطبيب بأي جهة حكومية، 4261 طبيباً وطبيبة بمعدل يومي 12 طبيباً وطبيبة.