حذّر مسعفون في قطاع غزة، اليوم الأحد، من أنّ الآلاف قد يموتون بسبب النقص الشديد في الوقود والإمدادات الأساسية في المستشفيات المكتظة بالجرحى، نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.
ويكافح الفلسطينيون في القطاع المحاصر للعثور على الغذاء والمياه وأماكن آمنة، قبل تنفيذ الاحتلال الهجوم البري الذي يستعد له.
وبدعم من سفن حربية أميركية انتشرت في المنطقة، تمركزت القوات الإسرائيلية على طول حدود غزة، وأجرت تدريبات استعداداً لما وصفته بأنّه "حملة واسعة النطاق لتفكيك حركة حماس".
وقد أدّى أكثر من أسبوع من الغارات الجوية العنيفة، منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، إلى تدمير أحياء بأكملها في قطاع غزة.
وبحسب البيانات الأخيرة لوزارة الصحة في غزة، فإنّ 2329 فلسطينياً لقوا مصرعهم منذ اندلاع القتال، وهو عدد أكبر ممّا سُجل في عدوان عام 2014 على غزة، والذي استمرّ أكثر من ستة أسابيع. وهذا ما يجعل هذا العدوان الإسرائيلية الأكثر دموية.
ومن المتوقّع أن ينفد الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطوارئ في مستشفيات غزة في خلال أقلّ من يومَين، بحسب الأمم المتحدة، التي حذّرت من أنّ ذلك سوف يعرّض حياة آلاف المرضى للخطر.
وكانت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة قد توقّفت عن العمل بسبب نقص الوقود، بعد أن أغلق الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل المنطقة التي تمتدّ على 40 كيلومتراً.
في مجمّع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، الذي يُعَدّ ثاني أكبر مستشفيات القطاع، تمتلئ غرف قسم العناية المركّزة بالجرحى، معظمهم من الأطفال دون الثالثة.
يقول الطبيب الاستشاري في المستشفى محمد قنديل إنّ مئات الأشخاص الذين أصيبوا بجروح ناجمة عن الانفجارات وصلوا إلى المستشفى في الأيام الثمانية الماضية، مشيراً إلى أنّ كثيرين منهم معرّضون للوفاة، إذ من المتوقّع أن ينفد الوقود بحلول يوم غد الاثنين.
ويوضح قنديل أنّ إصابات كثيرين خطرة ومعقّدة، وهم يحتاجون إلى رعاية مكثّفة. ويضيف أنّ ثمّة 35 شخصاً في وحدة العناية المركزة يعتمدون على أجهزة التنفّس الاصطناعي للبقاء على قيد الحياة، فيما يخضع 60 مريضاً آخرون لعمليات غسل كلى.
ويتابع قنديل أنّ نفاد الوقود "يعني أنّ النظام الصحي برمّته سوف يتوقّف، وستتوقّف الخدمات... نحن نتحدّث عن كارثة أخرى.. جريمة حرب أخرى.. مأساة تاريخية".
ويؤكد قنديل أنّ "جميع هؤلاء المرضى معرّضون لخطر الموت إذا انقطعت الكهرباء"، فيما كان أطفال يئنّون من الألم في الخلفية.
من جهته، يقول الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى الأطفال التخصصي في مجمّع كمال عدوان الطبي، شمالي قطاع غزة، إنّ إدارة المجمّع لم تخله بعد على الرغم من الأوامر الإسرائيلية في هذا الإطار.
ويضيف أبو صفية أنّ ثمّة سبعة أطفال حديثي الولادة في وحدة العناية الفائقة بالمستشفى، وهم يعيشون بواسطة أجهزة التنفّس الاصطناعي. ويشدّد على أنّه "لا نستطيع إخلاء المستشفى، فهذا يعني الموت لهؤلاء الأطفال ولمرضى آخرين تحت رعايتنا. هذا أمر مخيف".
ويستمرّ وصول جرحى الغارات الإسرائيلية إلى المستشفى بأطراف مقطوعة، وحروق بالغة، وإصابات أخرى مهدّدة للحياة.
وفي مجمّع الشفاء الطبي بمدينة غزة، احتشد رجال ونساء وأطفال، قدّر مسؤولون طبيون عددهم بنحو 35 ألفاً، على أمل إنقاذهم من الهجوم التالي، فالاحتلال أمر أهالي المدينة وشمالي القطاع بإخلائهما، تمهيداً لاجتياح بري.
ومدينة غزة، حتى قبل العدوان الأخير، كانت تعاني بالفعل من أزمة إنسانية بسبب النقص المتزايد في المياه والإمدادات الطبية بسبب الحصار الإسرائيلي. ومع إغلاق عدد من المخابز، أفاد سكان في المدينة بأنّهم لم يتمكّنوا من شراء الخبز. كذلك قطع الاحتلال إمدادات المياه، ما أجبر كثيرين على الاعتماد على الآبار قليلة الملوحة.
يُذكر أنّ الاحتلال الإسرائيلي أسقط منشورات على مدينة غزة، ونشر تحذيرات على مواقع التواصل الاجتماعي، في إطار الأوامر التي أصدرها بشأن إخلاء أكثر من مليون فلسطيني، أي نحو نصف سكان القطاع، مناطقهم والتوجّه جنوباً.
وتحذّر الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية من أنّ النزوح الجماعي في داخل قطاع غزة، إلى جانب الحصار الإسرائيلي المطبق على القطاع، سوف يتسببان في معاناة إنسانية لا يمكن وصفها.
وشبّهت منظمة الصحة العالمية عمليات الإخلاء بـ"حكم الإعدام" الذي أُنزل في حقّ أكثر من ألفَي مريض في المستشفيات الواقعة شمالي القطاع.
من جهتها، تبيّن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أنّ ما يُقدَّر بنحو مليون شخص نزحوا في غزة خلال أسبوع واحد.
(أسوشييتد برس)