وضعت نقابة الأطباء الأردنية مسودة لائحة أجور جديدة بدلاً من التسعيرة القديمة التي تعود لعام 2008. لائحة سيكون لها أثر سلبي على المواطنين من متلقي الخدمات الطبية، سواء كانوا يملكون تأميناً صحياً أو لا، وخصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع معدلات البطالة. فاللائحة سترفع قيمة الفاتورة العلاجية التي سيدفعها المواطن المؤمّن وغير المؤمّن.
يقول المواطن سعيد علي لـ"العربي الجديد"، إن أي رفع لأسعار الخدمات الطبية سينعكس عليه سلباً. ففي الوقت الحالي، وقبل رفع الأسعار، لا يقصد الطبيب إذا ما شعر بألم بسيط خوفاً من الفاتورة العلاجية. وفي أحيان كثيرة، يحاول اللجوء إلى الوصفات الطبية الشعبية والتي غالباً ما تعتمد على الأعشاب، أو الاستعانة بمسكنات ذات أسعار مقبولة من الصيدليات. ويشير إلى أنه في أحيان كثيرة، يتعايش مع الألم ويرجئ الذهاب إلى الطبيب بسبب عدم قدرته على تحمل الكلفة المادية، موضحاً أنه لا يتمتع بأي تأمين صحي كونه يعمل بالمياومة، ويتقاضى 20 ديناراً (حوالي 30 دولاراً). وعندما لا يعمل، لا يحصل على أي أجر. وبحسب الأسعار الجديدة، فإن كشفية الطبييب المتخصص هي 20 ديناراً.
أما المواطنة فاطمة المناصر، فتقول لـ"العربي الجديد"، إن "رفع الأسعار سينعكس على جميع المواطنين"، مشيرة إلى أنه في الوقت الحالي وقبل التعديل، يصعب التوجه إلى غالبية أطباء الاختصاص أو أطباء الأسنان، في حال لم يكن في حوزتك 50 ديناراً (حوالي 70 دولاراً) على الأقل.
وتوضح أنه على الرغم من أنها تمتلك تأميناً صحياً حكومياً، إلا أنها تضطر إلى مراجعة أطباء متخصصين في القطاع الخاص بسبب الحاجة السريعة للعلاج أو الرغبة بخدمة معينة، ما يكبدها مبالغ مالية كبيرة. تضيف أن أي رفع للأسعار سيدفع ثمنه جميع المواطنين.
بدوره، يقول عضو مجلس نقابة الصحافيين الأردنيين عدنان برية إن "نقابة الأطباء لم تأخذ بقرارها القاضي باعتماد لائحة أجور جديدة للأطباء الأثر المترتب على مجمل المشهد التأميني في الأردن، وتحديداً الشق المتعلق بقدرة صناديق التأمين على تحمل الارتفاع المتوقع للفاتورة التأمينية، وانعكاس ذلك على المؤمنين أنفسهم".
ويوضح أنّ قرار نقابة الأطباء رفع أجور الأطباء يتجاوز حدود أجر الطبيب إلى الإجراءات الطبية التي يقدمها الطبيب في العيادة أو المستشفى، وستساهم جميعها بارتفاع الكلفة النهائية بنسبة تراوح ما بين 35 و40 في المائة، وفق تقديرات الشركات والصناديق التأمينية. ويشير إلى أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد، إذ ستتجه نقابات وجمعيات على غرار الصيادلة ومزودي التجهيزات الطبية والمختبرات وغيرها إلى اعتماد خطوات مشابهة، وهو ما من شأنه خلق فوضى عارمة في قطاع التأمين الصحي في البلاد.
كلفة التأمين الصحي
في هذا الإطار، يتوقع أن تشهد المؤسسات الصحية الحكومية ضغطاً هائلاً نتيجة ارتفاع كلفة التأمين الصحي في القطاع الخاص، وستلجأ العديد من الصناديق التأمينية إلى تقليص وربما إلغاء خدماتها، ورفع قيمة الأقساط التأمينية، ما يعني بالضرورة انتقال أعداد كبيرة من المؤمن عليهم إلى القطاع الطبي الحكومي، الذي بالكاد يغطي دوره بالتغطية التأمينية.
ويرى أن المسألة في غاية الجدية، وثمة ضرورة قصوى لتدخل مختلف الأطراف المعنية لضبط المشهد قبل انفلاته، وقبل أن يفقد المواطن الأردني من مختلف المشارب الوظيفية والمهنية التغطية التأمينية وقدرته على تلقي خدمة طبية بكلفة تناسب مداخيله.
بدوره، يقول رئيس لجنة الإعلام في نقابة الأطباء حازم القرالة لـ"العربي الجديد"، إن "الأجور المعمول بها حالياً تسببت بهامش تضخم كبير كونها تعود إلى تسعيرة عام 2008"، مشيراً إلى أنه من عام 2008 وحتى عام 2023، لم يطرأ أي تعديل على أجور الأطباء. يضيف: "حالياً، ما من التزام بلائحة أجور 2008 لأن الكثير من الأطباء يرفضون التعامل بها باعتبارها ظالمة وقديمة ولا تتماشى مع التضخم وارتفاع الأسعار الحاصل. وأصبحت هناك أسعار متباينة ومختلفة وأجور بعض الأطباء مرتفعة، واللائحة الجديدة هي محاولة لإعادة ضبط الأمور وترتيبها".
وبحسب القرالة، فإن الجهة الوحيدة الملتزمة بلائحة أجور 2008 هي شركات التأمين لمصلحتها بذلك، مضيفاً أنها رفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 270 في المائة منذ عام 2008، وتحاسب المريض وفق التضخم الحاصل فيما تحاسب الطبيب وفقاً للائحة 2008، كما تحسم حوالي 20 في المائة إضافية.
مراعاة التضخم
ويرى أن المعركة هي بين نقابة الأطباء وشركات التأمين، معتبراً أن المواطن الذي يدفع مباشرة للطبيب غير معني فيها، إذ إن المرضى يدفعون للأطباء الأسعار التي يحددونها ويجرى الاتفاق عليها عند مراجعة مقدم الخدمة. ويوضح أن اللائحة، وبحسب القانون، هي من صلاحية نقابة الأطباء، لكن من أجل أن تعتمد وتصبح نافذة التطبيق، يجب أن تنشر في الجريدة الرسمية الصادرة عن مجلس الوزراء، إلا أنها لم تنشر حتى الآن. يضيف أن النقابة تطمح إلى مراعاة التضخم الذي حدث منذ عام 2008. فالأسعار اختلفت وكل المهن ارتفعت فيها الأجور بلا استثناء، كما أن الطب علم متطور ويفرض إجراءات جديدة كل فترة، وهذه الخدمات غير مسعرة في اللائحة القديمة. وعند محاولة محاسبة المريض، يقول إن هذه غير مسعرة، والأمر يتطلب تحديثاً مستمراً للائحة من أجل وضع سقف أسعار للخدمات الجديدة.
ويقول القرالة إنه في ظاهر الأمر، وإذا ما قورنت الأسعار الجديدة بلائحة 2008، نرى أنها ارتفعت. لكن في الحقيقة اللائحة الجديدة تخفض الأسعار وفق ما هو معمول به حالياً عند مراجعة الأطباء، مشيراً إلى أن هناك أطباء يحصلون على كشفية تصل إلى 50 ديناراً (حوالي 70 دولاراً) وأحياناً أكثر. لكن اللائحة الجديدة حددت السقف بحوالي 30 ديناراً (42 دولاراً)".
ويقول إنه خلال الفترة الماضية، جرت اجتماعات مشتركة بين النقابة وشركات التأمين برعاية البنك المركزي الأردني، لكن لم تكن هناك نتيجة، مشيراً إلى أنه في حال عدم إقرار اللائحة من قبل مجلس الوزراء، ربما ستكون هناك خطوات تصعيدية كمقاطعة شركات التأمين.
أتعاب الكشفية
وبحسب القرالة، فإن أي مريض يستطيع التقدم بشكوى بسبب ارتفاع الخدمات المقدمة، مبيناً أنه خلال العام الماضي أرجعت النقابة حوالي 22 ألف دينار (حوالي 30 ألف دولار) لمرضى بسبب مخالفة مقدمي الخدمة لائحة الأجور. لكن المشكلة تكمن في الخدمات والإجراءات الطبية غير المسعرة، وأي مواطن يشعر بأن هناك غلاء أو ما شابه يمكنه التقدم بشكوى إلى النقابة.
وشملت المسودة أسس احتساب أجور الأطباء وتضمنت الإجراءات الطبية لكل اختصاص، وتم تقييمها استناداً إلى الكشفيات والاستشارات والإشراف الطبي وبعض الإجراءات في العيادات لبعض التخصصات بالدينار الأردني.
وبموجب المسودة، تم اعتماد أتعاب الكشفية في عيادة الطبيب العام من 10 إلى 15 ديناراً (حوالي 14 إلى 20 دولاراً)، والطبيب المتخصص من 20 إلى 30 ديناراً (حوالي 28 إلى 40 دولاراً) ، في حين أن الكشفية في منزل الطبيب أو في عيادته خارج أوقات الدوام هي ضعف أجرة الكشفية في العيادة.
وفي ما يتعلق بالمراجعات بحسب المسودة، فتكون أجرتها نصف الكشفية إذا كانت مرة واحدة وللمريض نفسه خلال 10 أيام. أما مراجعة المريض للطبيب لإطلاعه على تقارير الفحوصات المخبرية وتقارير الأشعة فهي مجانية، في حين تكون أجور المراجعات الأخرى بعد ذلك مماثلة لأجور الكشفية الأولى.
وحول الزيارات النهارية لمنزل المريض، فستكون أجرتها بحسب المسودة، 30 ديناراً (حوالي 40 دولاراً) للطبيب العام و50 ديناراً (حوالي 70 دولاراً) لطبيب الاختصاص. أما الليلية أو الطارئة لمنزل المريض، فستكون 40 ديناراً (حوالي 57 دولاراً) للطبيب العام، و70 ديناراً (حوالي 100 دولار) لطبيب الاختصاص.