مدارس لبنان: حداد على استشهاد ثلاث تلميذات بالقصف الإسرائيلي

06 نوفمبر 2023
الشهيدات ريماس وتالين وليان (فيسبوك)
+ الخط -


التزمت غالبية المدارس والثانويات والمهنيات الرسمية والخاصة في لبنان، اليوم الاثنين، بقرار وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي، بالوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح التلميذات الشقيقات الثلاث ريماس (14 سنة) وتالين (12 سنة) وليان (10 سنوات) محمود شور، اللواتي استشهدن مع جدّتهنّ أمس (الأحد) إثر استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي سيارة مدنية جنوب لبنان. وأقفلت مدرسة راهبات القلبين الأقدسين في عين إبل (جنوب لبنان)، وأعلنت إدارتها الحداد على تلميذاتها الثلاث.
تعبّر مديرة المدرسة مايا بعينو، في حديثها لـ "العربي الجديد"، عن حزنها الشديد وأسفها "للخسارة الكبيرة والصعبة التي أودت بحياة ثلاث وردات عُرفن بهدوئهنّ ونشاطهنّ وأخلاقهنّ وخجلهنّ ولم تفارق البسمة وجوههنّ. جئن مع والدتهنّ منذ ثلاث سنوات من أفريقيا إلى لبنان، وسجّلن في مدرستنا، في حين لا يزال والدهنّ يعمل في الخارج. وقد حاولنا بدورنا مساعدتهنّ في تمكين لغتهنّ العربية". تضيف: "نعزّي قلوب عائلتهنّ وأساتذتهنّ ورفاقهنّ ومحبّينهنّ. قدرهنّ أن يُختطفن بثوانٍ على يد العدو الإسرائيلي، ونحن نحضّر لصلوات من أجل راحة أنفسهنّ".
وسألت إدارة المدرسة عبر صفحتها على "فيسبوك": "ما ذنب الأطفال في لعبة الشر والحرب والموت؟ وما ذنب البراءة أن تُدنّس بوحول الكراهية والبغض والعنجهية؟ إنه اعتداء غاشم مرفوض إنسانيّاً وأخلاقيّاً وحدث مشؤوم ومستنكر بكل معاجم اللغة وكلماتها".
وكانت مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان قد ضجّت بالدعوات إلى إغلاق المدارس حداداً على أرواح التلميذات الثلاث. غير أن نقابة المعلمين في لبنان دعت في بيانها إلى "الالتزام بيوم الحداد التربوي في المدارس الرسمية والخاصة، وإقامة أنشطة رمزية تندّد بالجريمة، ويعبّر فيها الطلاب عن تضامنهم مع العائلة المفجوعة وإدارة المدرسة".

أضاف البيان: "مرة جديدة يستهدف العدو الإسرائيلي لبنان بأطفاله الأبرياء، وبوحشية ليست جديدة على هذا العدو الذي يقتل الأطفال بالمئات في غزة الجريحة. ثلاثة أطفال وجدّتهن يقتلن بدم بارد باستهداف لسيارة مدنية. ألا يحرك هذا الاستهداف ضمائر الإنسانية في عواصم العالم لإدانة إسرائيل في ما ترتكب من جرائم، ولوقف هذا الإجرام وهذا التمادي غير المسبوق عالمياً لكيان غاصب في استهداف المدنيين من دون رادع؟".
بدورها، أصدرت الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية في لبنان، بياناً استنكرت فيه "وحشيّة العمل الإجرامي الذي ارتكبه العدو الإسرائيلي بحق التلميذات الثلاث مع جدتهنّ، والذي يستتبع سلسلة المآسي واللوعة والحزن ومسلسل الإجرام والتهجير والتدمير. كلّ الإنسانية تبكي دماً اليوم حزناً على خسارة الطفولة البريئة، وتتساءل حول فظاعة انعدام الضمير العالمي والحس الإنساني وتجاهل المواثيق والأعراف الدولية". ودعت إلى "وقفة صلاة وتضامن، التزاماً ببيان الاستنكار والتعزية الصادر عن وزير التربية، حيث تُرفع الصلوات في كل مدارسنا راحة لأنفسهنّ، وأنفس كلّ الشهداء الأبرياء".


ويقول الأمين العام للمدارس الكاثوليكية في لبنان، الأب يوسف نصر، لـ "العربي الجديد"، إن "الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية واتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، اعتمدا سلسلة إجراءات، حيث جرى إقفال المدرسة المعنية، ولجأت كل مؤسساتنا إلى تخصيص ساعة للتوعية والتثقيف والحديث عن الاعتداء وكيفية حصوله، من منطلق إعطائه حقه وتسليط الضوء على ما حصل من انتهاك لحُرمة الطفولة، بالإضافة إلى ما شهدته مدارسنا من صلوات وأدعية وابتهالات ووقفات تضامنية روحية وإنسانية واجتماعية مع ذوي التلميذات الشهيدات". وأسف "كوننا تعوّدنا في لبنان على التعطيل، مع العلم أن ملازمة التلاميذ لمنازلهم لا يعني إعطاء ما حدث حقه. فالتربية ليست بالتعطيل وإقفال المدارس، إنما بالتوعية والشرح وبالجرأة على التعمق بالموضوع وتسمية الأمور بأسمائها".


من جهته، دان اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة في لبنان، الجريمة وأعلن تضامنه ودعمه لـ"حق أطفالنا في حياة آمنة". ورأى في بيانه أن "الموت العبثي لا يزال يحيط بأطفالنا متجسداً بكيان محتل على أرض فلسطين، وكيف ننسى مجزرة قانا والمنصوري وغيرهما. هو سياق لتاريخ من الانتهاكات يعود لـ 75 سنة من القتل الممنهج والمتعمد. وواجبنا كأهل ومدارس أن نرافق أطفالنا في هذه المحنة، وأن نعينهم على فهم ما يدور حولهم، فهم يحتاجون أن يفهموا لماذا رحلت ريماس وتالين وليان، ولماذا يرحل مئات الأطفال كل يوم في غزة، ولماذا لم تستطع الشرعية الدولية وقف هذا القتل؟".

وتوضح رئيسة الاتحاد، لما الطويل، لـ "العربي الجديد"، أن "المدارس فتحت أبوابها اليوم، والتزمت بقرار وزير التربية بالوقوف دقيقة صمت. وقد دعونا كاتحاد إلى عدم الاكتفاء بدقيقة الصمت، على الرغم من تأثيرها الكبير لجهة نشر الوعي بين الطلاب، غير أننا طلبنا تخصيص ساعة أو ساعتين لتعميق معرفة الطلاب بحقوقهم وبحقوق الإنسان والقضية الفلسطينية، كي يدركوا أن كل هذه المجازر منافية للاتفاقيات الدولية برمّتها. كما دعونا إلى تقوية عزيمة أطفالنا، والتركيز على مساوئ الحروب وضحاياها". وتكشف أنه "لا يمكن المضي بقرار تعطيل المدارس، فنحن نعيش في لبنان مصيراً مجهولاً لناحية السلم والحرب، ناهيك عن الخلافات السياسية المتواصلة في البلاد، والتي قد تطيح بالعام الدراسي بأي لحظة".


وكان "تجمّع اتحاد المدارس الخاصة في الجنوب" قد أعلن الحداد العام وإقفال المدارس، استنكاراً للاعتداء الإسرائيلي المتمادي، وتجاوباً مع حملة #الحداد_واجب_أخلاقي، التي أطلقتها مجموعة "التنسيق الإعلامي"، تحت شعار "شهيدات لبنان لسن مجرد أرقام... ودمهنّ لا يجب أن يذهب هدراً".  

المساهمون