يقف مجدي زاهر، من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، حائراً أمام متطلبات بناته الثلاث اللواتي يحتجن إلى حقائب جديدة، وقرطاسية، وزي مدرسي للالتحاق بمقاعد الدراسة في الصفوف الثالث والسابع والعاشر على التوالي.
الحالة المادية لزاهر ليست على ما يرام، فهو موظف حكومي يتقاضى 80 في المائة فقط من راتبه بسبب الأزمة المالية للسلطة الفلسطينية، وقد سدد قبل أيام قليلة قيمة القسط الجامعي لابنه مراد، والذي التحق بكلية الهندسة في جامعة بيرزيت شمال رام الله، بعد أن حاز على معدل مرتفع في الثانوية العامة قبل شهر واحد.
يقول زاهر لـ"العربي الجديد": "لم أشتر حقائب مدرسية منذ ثلاث سنوات، وباتت حقائب البنات بالية، لكن سعر أقل حقيبة اليوم يزيد عن 50 شيكلا (يساوي الدولار 3.26 شواكل)، كما أن أسعار القرطاسية من دفاتر وأقلام والمستلزمات الأخرى ارتفعت، وثلاثتهن بحاجة إلى ملابس. كل واحدة منهن بحاجة إلى مريولين على الأقل، والواحد يتراوح ثمنه بين 60 و80 شيكلا. أفرح بعودة الدراسة وانتظامها، لكن التكاليف لا ترحم".
من جهته، يؤكد صاحب مبادرة "الحقيبة المدرسية"، الإعلامي عميد دويكات، لـ"العربي الجديد"، أن الحملة استطاعت خلال أقل من أسبوع توزيع أكثر من 400 حقيبة مع القرطاسية على العائلات المحتاجة، وسدد ثمنها أهل الخير، وهو رقم يبلغ ضعف ما تم توزيعه خلال العام الماضي، ما يؤكد أن المزيد من الأسر لم تعد قادرة على توفير مستلزمات الدراسة لأبنائها.
ويتابع دويكات: "من خلال تواصلي مع أصحاب المكتبات وموردي القرطاسية، علمت أن الأسعار ارتفعت بشكل ملموس مؤخراً، أسوة بكثير من السلع، ما زاد من الأعباء الملقاة على عاتق الاهالي، فمن لديه عدد من الأبناء على مقاعد الدراسة سيكون في حيرة من أمره، فإما أن يشتري كامل الحاجيات لعدد منهم ويترك الآخرين، أو يشتري للجميع الضروريات ويتجاهل الكماليات".
وبرزت مخاوف من التشويش على انطلاق العام الدراسي الجديد بعد بيان أصدره "حراك المعلمين الموحد" في الضفة الغربية، الجمعة الماضية، والذي قرر بدء إضراب مع طابور الصباح، مؤكداً أنه سيتم نشر برنامج مفصل بالفعاليات النقابية التي سيخوضها الحراك في قادم الأيام، بما يضمن تحقيق المطالب العادلة للمعلمين.
وقالت مصادر في الحراك لـ"العربي الجديد"، إن الاتفاق المُعلن بين وزارة التربية والتعليم واتحاد المعلمين الفلسطينيين عبارة عن "عملية تسويف" تجريها الحكومة، ويتواطأ فيها الاتحاد، وإن ما جاء في الاتفاق لن يقنع المعلمين لأنه لا يُقدّم أيّ خطوة نحو الأمام في الملفات التي يريد المعلمون إنجازها.
ووفق إحصائيات وزارة التربية والتعليم، فإن نحو مليون و385 ألف طالب وطالبة سيتوجهون صبيحة الإثنين، إلى مقاعد الدراسة في جميع محافظات الضفة الغربية وقطاع غزة، من بينهم أكثر من 911 ألفا في المدارس الحكومية البالغ عددها 2333 مدرسة، وأكثر من 339 ألف طالب في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، موزعين على 375 مدرسة، ونحو 135 ألف طالب في المدارس الخاصة والتي يبلغ عددها 484 مدرسة.
في حين يبلغ عدد المعلمين الإجمالي نحو 74 ألف معلم ومعلمة، من بينهم أكثر من 52 ألفا في المدارس الحكومية، وأكثر من 11 ألفا في مدارس أونروا، وأكثر من 10 آلاف معلم ومعلمة في المدارس الخاصة.
وأكد أمين عام اتحاد المعلمين في الضفة الغربية، سائد ارزيقات، في تصريحات صحافية، أن قرارات مجلس الوزراء المعدلة تنتظر تطبيق وزارة المالية ما يختص بتحويل العلاوة الإشرافية إلى طبيعة عمل بنسبة 15 في المائة لكل المعلمين المستحقين لهذه العلاوة، وصرف علاوة الإداريين، ومساواتهم بالإداريين من أصل معلم من أجل أن يكون هناك افتتاح آمن للعام الدراسي، ومن أجل بدء عام دراسي مستقر.
وأضاف ارزيقات: "تم إرسال القرار الصادر من مجلس الوزراء بالتعديل، وسنتابع مع وزارتي التربية والتعليم والمالية تنفيذ القرارات، لأن الاتفاق مع وزارة المالية أن يتم التنفيذ من راتب الشهر الحالي".
بدوره، طالب المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، صادق الخضور، في حديث مع "العربي الجديد"، جموع المعلمين الالتزام بالدوام الكامل، وعدم الانجرار وراء من يريد تخريب العملية التعليمية، وتابع أن "الوزارة حريصة على نيل المعلمين لكافة حقوقهم، وأن يعيشوا بكرامة، وتتابع عن كثب مع وزارة المالية تنفيذ قرارات الحكومة في ما تم التوافق عليه من قضايا على قسيمة راتب الشهر الجاري".
ويؤكد الخضور أن "منظومة التربية والتعليم ستعمل كل ما يحتمه عليها الواجب الوطني والأخلاقي والتربوي لضمان انتظام العملية التعليمية، وحمايتها من أي إرباك إعمالاً لحق أطفالنا في التعليم. العام الدراسي الجديد أطلق عليه اسم (عام سيادية التعليم في القدس)، تعبيراً عن التزام الكل الفلسطيني بالذود عن هوية ومضامين التعليم في مدينة القدس، وحمايته من الأسرلة، ومن تزوير حقائق التاريخ والجغرافيا. وندعو الجميع إلى العمل بجد واجتهاد لحماية تعليم أطفالنا، وترسيخ روايتنا الوطنية، وتعويض الفاقد التعليمي والاجتماعي والنفسي الذي عانى منه أطفال فلسطين خلال جائحة كورونا، وما اعترى العملية التعليمية من تشويش خلال السنوات الماضية".
وعلى صعيد الترتيبات، شدد المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم، على أن الوزارة عملت على استكمال كافة الأمور الفنية، ومنها توظيف المعلمين الجدد، وتوريد الكتب واللوازم إلى المدارس، إلى جانب صيانة الأبنية المدرسية استعداداً لانطلاق العام الدراسي الجديد.
وأوضح الخضور أن "ممارسات الاحتلال وانتهاكاته بحق التعليم ما زالت التحدي الأكبر الذي يواجه العملية التعليمية الفلسطينية، وهناك العديد من المدارس المهددة بالهدم كونها واقعة بمحاذاة المستوطنات، ويصل عددها إلى أكثر من 36 مدرسة، من بينها 6 مدارس في القدس. تسليم الاحتلال إخطارات هدم للمدارس في تزايد، ويندرج في مسلسل متواصل لاستهداف التعليم، خاصة في مسافر يطا، ومحافظة القدس، وفي إطار مخطط الاحتلال لترحيل المواطنين من هذه المناطق".