محامو لبنان يعلّقون أطول إضراب وسط انقساماتٍ في الرأي

23 سبتمبر 2021
أهمية تطبيق القوانين التي تراعي وتحفظ كرامتهم (Getty)
+ الخط -

قرّر مجلس نقابة المحامين في بيروت تعليق الإضراب المُعلَن منذ 27/5/2021، وذلك في ضوء الاجتماع الذي حصل ظهر اليوم، الخميس، بين رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات ورئيس هيئة التفتيش القضائي القاضي بركان سعد من جهة، وكلّ من نقيبَيّ المحامين في بيروت وطرابلس (شمالي البلاد)، ملحم خلف ومحمد المراد وأمينَيّ السرّ في النقابتَين سعد الدين الخطيب ويوسف الدويهي من ناحية أخرى.

وأشار المجتمعون إلى أن الغاية الأسمى للسلطة القضائية ولمهنة المحاماة هي تحقيق العدالة وتأمين حقوق المتقاضين، مشددين على أن "تحقيق العدالة يكون في سلطة قضائية مستقلة وفاعلة، وبمحامٍ ملتزم بموجباته وبقسَمه، ومتمتّع بضماناته وحصانات مهنته".

وأكد نقيبا المحامين في بيروت وطرابلس ملحم خلف ومحمد المراد، على احترام المحامين الكامل للقضاء والقضاة، وحرصهم على استقلالية السلطة القضائية وهيبتها. كما يؤكد القضاة على الاحترام الكامل لمهنة المحاماة وللمحامين، وفق قانون تنظيم مهنتهم من أجل أداء دورهم.

وتوافق المجتمعون، بحسب بيان صادر بعد الاجتماع، على تشكيل لجنة تضمّ أربعة قضاة من جهة، ومحاميين من نقابة بيروت وطرابلس من جهة أخرى، تجتمع دوريّاً لمتابعة الأمور ذات الاهتمام المشترك، وإيجاد الاقتراحات المناسبة لأي مسألة طارئة، ومن ضمنها المادة 111 من قانون أصول المحاكمات الجزائية.

ودخل إضراب المحامين حيز التنفيذ في 28 مايو/أيار الماضي، على ضوء سلسلة الأحداث التي حصلت مع المحامي رامي علّيق وطريقة اعتقاله واقتياده إلى جهةٍ مجهولةٍ بطريقة تخالف الإجراءات القانونية المنصوص عنها في المادة 79 من قانون تنظيم مهنة المحاماة وسائر النصوص القانونية والتعاميم الصادرة عن النيابة العامة التمييزية الملزمة للقضاء والأجهزة الأمنية في أي إجراء يتخذ بحق أي محامٍ وتعتدي بالتالي على مسألة الحصانات ودور نقابة المحامين بهذا الصدد، وحذرت النقابة آنذاك من خطورة تجاوز القوانين والانزلاق إلى الدولة البوليسية الأمنية.

وتحوّل الإضراب الذي شمل أيضاً انتفاضة للمطالبة بـ"إقرار قانون استقلالية القضاء"، والذي قد يكون الأطول على مستوى نقابة المحامين، إلى مادة انقسام في صفوف المحامين أنفسهم، باعتبار أن عدداً كبيراً منهم كانوا ضد الإضراب وحذروا من تداعياته ومحاولة البعض استغلاله لعرقلة مقصودة للملفات، لكنهم في الوقت نفسه مضطرون للالتزام به تفادياً لإحالتهم إلى المجلس التأديبي.

وارتفعت في الفترة الأخيرة وتيرة الاعتراضات على استمرار الإضراب والدعوات إلى التراجع عنه، وذلك لأسباب اقتصادية وأخرى ربطاً بتأثيره على ملفات السجناء والموقوفين، خصوصاً الصادرة بحقهم أحكام قضائية والدعاوى والمحاكمات والجلسات، وقد بدأ أكثر من محامٍ، وفق ما أكدوا لـ"العربي الجديد"، يبحثون بفكرة ترك المهنة نهائياً، التي لم تعد "تطعم خبزاً".

وقال المدير التنفيذي لـ"المفكرة القانونية" المحامي نزار صاغية، في تغريدة على حسابه عبر "تويتر"، إن "أسوأ ما شهدناه في إضراب محامي بيروت هو خلوه من استثناء قضايا الموقوفين، بما يشكل اعتداء على حرية الموقوفين وقضايا حيوية أخرى كثيرة"، مضيفاً "فرضت النقابة الحصول على استثناءات حالة فحالة مع ما يستتبع هذه المنظومة من تمييز وتضييع للحقوق وزيادة متاعب المحامين ووكلائهم في أصعب الفترات".

وذكر في تغريدة أخرى أن "الاستمرار في إضراب المحامين يعطل أي إمكانية للنهوض بالمرفق القضائي، ويقلِّل من فرص التغيير أكثر فأكثر"، معتبراً أننا "نحارب اللاعدالة بتفعيل ما لدينا من طاقات إيجابية وليس بجرعة زائدة من اللاعدالة. نحارب اللادولة بالدولة وليس بمزيد من اللادولة".

وشدد صاغية على أن "كل قضايا الفساد والاحتكار والمصارف والاعتداء على الحقوق والحريات تحتاج إلى ساحات العدالة، إلى مواجهات ننظمها وتجري داخل ردهات المحاكم في مسعى لاستنهاض التيار الاستقلالي داخل القضاء. من واجب نقابة المحامين أن تفتح الأفق لهذه المواجهات لا أن تسدّه".

من جهته، قال المحامي علي عباس، لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذا الإضراب قد يكون الأطول في تاريخ نقابة المحامين وأسبابه باتت معروفة في ظلّ الظروف الصعبة التي تمرّ بها المهنة، خصوصاً مع عدم تطبيق القوانين التي تراعي وتحفظ كرامة المحامين وحصانتهم ووجود خلل بالتوازن في العلاقة بين المحامين والقضاة، في حين يفترض أن تكون هناك علاقة متوازنة بين جناحَيْ العدالة".

وشدد عباس على أن "المحامين لا يمكنهم القبول بفرض أمرٍ واقعٍ وتكريسه وتجاوزهم بشكل فاضح وصريح، فكان الموقف التاريخي بالإضراب، واليوم يجب مراعاة الاتفاق الذي توصّل إليه المجتمعون والمعنيون، وإلّا فإننا سنعاود اتخاذ موقفٍ بمجرد حصول خلل في العلاقة ومسّ بحقوق المحامين وكرامتهم وحصانتهم التي هي أساسية لممارسة المهنة بلا ضغوط أو فوقية في التعاون وحكماً يؤثر غيابها على إمكانية تقديم الدفاع اللازم للموكّل وتحصيل حقوقه".

من جهة ثانية، يشير عباس إلى أن "ظروف العمل صعبة وغير لائقة سواء بإضراب المحامين أو عدمه وهو ليس سبب عرقلة الأعمال المتوقفة أصلاً سواء بسبب إضرابات المساعدين القضائيين، أزمة كورونا، الكهرباء المقطوعة عن قصور العدل والمشاكل الموجودة في المؤسسات العامة والوزارات التي يقصدها المحامي لإتمام ملفاته مثل دفع الرسوم في وزارة المال، حيث لا حواسيب شغّالة لإتمام العملية، أضف إليها أزمة البنزين التي تعرقل تنقل المحامي للمحاكم وقصور العدل خصوصاً البعيدة عن بيروت، وغيرها من الصعوبات التي ستبقى حتى لو فك الإضراب والظروف القاهرة التي ستؤدي إلى عرقلة العدالة".

ويوضح عباس أيضاً أنّه خلال فترة الإضراب كانت هناك عطلة قضائية وإقفال للمحاكم، وخفت وتيرة العمل، أما دعاوى العجلة وتلك الأساسية المرتبطة بالموقوفين والمحصورة بمهل معينة فكان يؤخذ بها إذن من النقيب للعمل عليها.

المساهمون