استمع إلى الملخص
- **أنشطة اللجنة وفعالياتها**: تنظم اللجنة أسبوعًا سنويًا من الأنشطة في المخيمات الفلسطينية بلبنان، وتمنح جائزة مؤسس اللجنة لمفكر أو صحافي تناول القضية الفلسطينية.
- **تأثير اللجنة والمشاركة الدولية**: تساهم اللجنة في نشر الوعي حول المجزرة من خلال ندوات وكتابات، وتعمل على نشر كتاب "من بيروت إلى القدس" لتعزيز الرواية الفلسطينية عالميًا.
عام 2000، انطلقت من إيطاليا لجنة "كي لا ننسى صبرا وشاتيلا وحق العودة"، الحقوقية الإنسانية، قبل أن تفتتح لاحقاً فرعاً لها في لبنان، لتواصل تذكر المجزرة في 16 سبتمبر/أيلول من كل عام، وتحرص على التذكير بحجم المأساة التي خلّفتها مجزرة المخيم بحق اللاجئين الفلسطينيين، والتي لم تندمل جراحها رغم مرور 42 عاماً.
وتأسست اللجنة على يد المراسل الإيطالي ستيفانو كاريني، الذي تأثر بما رآه وسمعه أثناء تغطيته الصحافية للمجزرة، فعاد لإيطاليا والتقى برلمانيين وحقوقيين وصحافيين وفعاليات إيطالية، قبل أن يقرر زيارة لبنان مجدّداً عام 2000 برفقة وفد إيطالي، لتقديم اقتراحٍ بإنشاء اللجنة. ومنذ ذلك الوقت، تلتزم وفود أجنبية عديدة بزيارة لبنان سنويّاً لإحياء ذكرى المجزرة، نظراً لما أثارته اللجنة من فضول لمعرفة حقيقة تلك المعاناة الإنسانية.
وفي هذا العام، قدِم العشرات من إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وسويسرا والولايات المتحدة وغيرها، للمشاركة في أسبوعٍ حافل بالأنشطة التي تقيمها اللجنة، في الفترة من 16 إلى 21 سبتمبر، في مختلف المخيمات الفلسطينية في لبنان.
يؤكد منسق الفرع الإيطالي للجنة، فلافيو نوفارا، لـ"العربي الجديد"، أن "إحدى المهام تتمحور حول بناء جيل أوروبي وعالمي جديد يدعم القضية الفلسطينية، ويتبنى الرواية الفلسطينية حول حقيقة ما حصل، وتحفيز الأشخاص على التحقق من المعلومات المزيفة بشأن فلسطين. الحرب على غزة لم تبدأ في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وإنما تُعتبر امتداداً لمسلسل متواصل من الإجرام والمجازر الصهيونية التي بدأت قبل عقود طويلة، ولعلّ مجزرة صبرا وشاتيلا، وكل ما سبقها وما تلاها من مجازر إلى اليوم، خير دليل على حجم الإجرام الإسرائيلي، والذي يندرج ضمن المشروع الصهيوني الهادف إلى التطهير العرقي".
يتحدث نوفارا عن دورين أساسيين للجنة، الأول حول حثّ الوفود الأجنبية على زيارة لبنان سنوياً للاحتفاء بذكرى المجزرة، والإلمام بتفاصيل القضية الفلسطينية والإجرام الإسرائيلي عن كثب، ومن ثم سرد الرواية الحقيقية بعد عودتهم إلى بلدانهم، والدور الثاني سياسي، إذ يلتقي ممثلو اللجنة مع فعاليات سياسية ورسمية وناشطين بهدف تكريس الحقوق المدنية والعيش الكريم للاجئين الفلسطينيين.
ويعدد نوفارا، وهو صحافي مناصر لفلسطين، الأنشطة السنوية التي تقيمها اللجنة في إيطاليا، ومن ضمنها مهرجان ضخم مرتبط بذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، يتم خلاله منح جائزة مؤسس اللجنة الصحافي الإيطالي الراحل ستيفانو كاريني، إلى مفكر أو صحافي أو كاتب تناول القضية الفلسطينية أو المجزرة. ويقول: "الجائزة ليست مالية، وإنما تكفّل الفائز بطفل فلسطيني في مخيمات لبنان لمدة سنتين. أطلقنا الجائزة قبل 15 عاماً، وتتألف لجنة التحكيم من رؤساء تحرير وقضاة ومفكرين، كما تبنّت إحدى البلديات الإيطالية المهرجان كجزء من نشاطها السنوي، وهذا بمثابة اختراق سياسي في إيطاليا".
ويشدد الصحافي الإيطالي على أن "عدم محاكمة إسرائيل وشركائها في مجزرة صبرا وشاتيلا، سمح للغرب بتجاهل المجزرة تماماً، وسمح لإسرائيل بالتمادي أكثر. تبقى أنشطتنا مفاتيح أساسية للوصول إلى مختلف الطبقات في أوروبا".
وتصف الناشطة الإيطالية ميرغا غاروتي، مجزرة صبرا وشاتيلا بأنها "جريمة مرعبة"، وتأسف لعدم محاكمة مرتكبيها عبر تطبيق العدالة والاقتصاص من المجرمين، خصوصاً أن أهالي الضحايا اختبروا المجزرة مرتين، الأولى عندما فقدوا أحبّاءهم، والثانية عندما تم تجاهل المجزرة كي يفلت المجرمون من العقاب.
وتكشف غاروتي، وهي أمينة صندوق فرع اللجنة في إيطاليا، لـ"العربي الجديد"، أن "الحس الإنساني دفعها لزيارة لبنان في عام 2003، لاستكشاف حقيقة المجزرة وآثارها عن كثب من خلال الاستماع للشهادات الحيّة، ثم نقل الواقع المرير إلى إيطاليا والدول الأوروبية من خلال ندوات وكتابات ومحاضرات تمثل صوت الفلسطينيين ومعاناتهم، وتنقل صرخات عائلات الضحايا".
لم تتوقف غاروتي طوال 21 عاماً عن زيارة لبنان كل سنة للاحتفاء بذكرى المجزرة، وتقول: "يحدوني الأمل بأن مشاركتي مع الوفود الأجنبية ستترك أثراً ولو بعد حين، حيث يعود كل منا محملاً بحقائق وصورٍ وقصصٍ أليمة لا يمكن أن يصمت أمامها ضميرنا الإنساني، ونندفع لإعادة سردها ضمن بيئتنا ومجتمعنا، ما يزيد حجم الوعي بشأن هذه المجزرة المنسية".
ويرى الإيطالي من أصل فلسطيني والعضو المؤسس للجنة، بسام صالح، أنّ "المجزرة مستمرة في غزة والضفة الغربية ومختلف أنحاء فلسطين، لكن بطريقة أبشع، وبشكل موسع، كونها حرب إبادة جماعية. للأسف، نعيش بعد 42 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا المرحلة العصيبة ذاتها، لكننا نتمسك بالأمل بوصفنا فلسطينيين، مع الداعمين للقضية، كونه الشعاع الذي سيوصلنا إلى فلسطين، الحلم الذي لن نتخلى عنه".
يتحسر صالح في حديثه لـ"العربي الجديد"، كونه لا يستطيع العودة إلى بلاده كفلسطيني، وإنما كمواطن إيطالي، حاله حال العديد من الفلسطينيين الحالمين بالعودة إلى تراب الوطن بهويتهم الفلسطينية، والطامحين لإعادة بناء الوطن، والنهوض بالأمة العربية التي تمتلك كل مقومات تحقيق التطور والتقدم، لولا بعض حكامها" على حد قوله.
يستذكر صالح كيف خرجت أكبر تظاهرة مناصرة لفلسطين في إيطاليا، بعد أيامٍ على مجزرة صبرا وشاتيلا، ويشيد بامتداد اللجنة عالميّاً، إذ أصبحت تضم مناصرين من بلجيكا وفنلندا وإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وغيرها من الدول. ويؤكد أنهم بصدد نشر كتاب بعنوان "من بيروت إلى القدس" من تأليف شاهدة حيّة على مجزرة صبرا وشاتيلا، تحمل الجنسية البريطانية، بعد أن تمت ترجمته إلى اللغة الإيطالية.
ويختم: "حفل إحياء الذكرى خلال السنوات الماضية شهد مشاركة وفود أجنبية عديدة، أضحى عدد منهم بعمرٍ متقدم يمنعه من المشاركة هذه السنة، ومن ضمنهم ممرضة يهودية أميركية سبق أن عملت في مخيمي صبرا وشاتيلا".