مبانٍ غير صالحة للسكن في الشمال السوري

08 فبراير 2023
كثير من المباني السورية المتضررة حديث البناء (محمد الرفاعي/فرانس برس)
+ الخط -

غادر السوري أحمد قنطار منزله في مدينة إدلب، هرباً من الهزات الارتدادية الناتجة عن الزلزال الذي ضرب مناطق شمال غربي سورية، فجر الإثنين الماضي، واتخذ من خيمة منزلاً مؤقتاً قرر أن يقضي فيه الفترة المقبلة خشية أن يتعرض مع أفراد عائلته لانهيار مبنى يؤويهم خلال الزلزال أو تبعاته.
يقول قنطار لـ"العربي الجديد": "نقلت أفراد أسرتي جميعاً إلى مخيم الفاروق قرب معرة مصرين، شمالي إدلب، خوفاً من تأثير الهزات الارتدادية التي بدأت بعد الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة. المنزل الذي كنت أقيم به ظهرت عليه آثار تشققات في السقف والجدران، ولن أعود إليه أبداً، فقد أصبح الخوف ملازماً لأفراد عائلتي بعد رؤية المباني المجاورة تنهار على رؤوس قاطنيها".
بدوره، يقول حسن الأحمد لـ"العربي الجديد"، إنه فضل البقاء في السيارة الخاصة به على أطراف مدينة إدلب، على المكوث في المنزل الذي استأجره قبل عامين في حي جبارة بالمدينة، والذي تضرر بشكل كبير نتيجة الزلزال، مضيفاً أن "جميع المباني في الحي تضررت بشكل كبير نتيجة الزلزال والهزات الارتدادية التي لا تزال مستمرة، ولم يعد المكوث بها آمناً، ولن أعود إلى الحي بعد إنهاء هذه الفترة. سوف أختار أحياء تضم مباني أكثر قوة خلال رحلة البحث الجديدة عن منزل للإيجار".
من جانبه، يوضح الناشط أحمد خطيب لـ"العربي الجديد"، أن "أكثر من 600 عائلة من سكان مدينة إدلب لجأت إلى الكورنيش الغربي للمحافظة، ومنهم من يجلس في سيارته، وعدد كبير اتخذوا من صالات الألعاب والمتنزهات مكاناً للتجمع. الأوضاع الإنسانية سيئة في المحافظة، وكثير من العوائل التي لا تمتلك آليات للتنقل، أو مكان أقل خطورة من المباني ذات الطوابق المرتفعة، فيما تركز المنظمات الإنسانية على انتشال ضحايا الزلزال، ولا نلومهم على ذلك، فالمشهد مؤلم للغاية".

وأصبحت كثير من مباني محافظة إدلب عرضة للانهيار، والأسوأ من بينها هي المباني الحديثة التي بناها متعهدون لصالح منظمات بهدف إيواء النازحين، وتم ذلك من دون مراعاة لأي معايير هندسية، وبمواد بناء رديئة.

يقول المهندس سارية بيطار، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "معرفة المنازل القابلة للسكن من المنازل التي أصبحت غير صالحة تتطلب أمرين، الأول هو فحص واختبار مجسات لجميع أعمدة البناء، فإن وجدت تصدعات أو كانت الخرسانة غير متماسكة، فالمنزل غير قابل للسكن، والأمر الثاني هو كشف فيزيائي، فإن كانت الجدران أو الأعمدة والجسور الإنشائية متصدعة، فهذا المبنى من الخطر أن يسكن به أحد".

كثير من المباني مخالفة لشروط السلامة (عارف وتد/فرانس برس)
عدد كبير من المباني مخالف لشروط السلامة (عارف وتد/فرانس برس)

بدوره، يعرب المهندس المدني أحمد المصطفى عن قلقه الشديد حيال مستقبل المنازل التي بنتها المنظمات المحلية، إضافة إلى المباني التجارية التي شيدت خلال الفترة الأخيرة في محافظة إدلب، ووصفها بأنها ملائمة للكوارث، وغير مطابقة للمعايير الهندسية. ويؤكد المصطفى خلال حديث مع "العربي الجديد"، أن "90 في المائة من المنازل التي دمرت نتيجة الزلزال هي من المباني الحديثة والتجارية التي شيدت خلال الأعوام القليلة الماضية، وعلى المسؤولين تشكيل لجنة خاصة من المهندسين للإشراف على عملية تقصي واسعة لجميع المناطق التي تضررت، ويجرى إخلاء المباني التي يمكن أن تنهار بفعل الهزات الارتدادية التي سنشهدها في الأيام القليلة المقبلة"، ويشير إلى أن المباني التي شيدت خلال الفترة الأخيرة تخلو من عناصر مقاومة الزلازل، أو كما نسميها في العلم الهندسي الجدار القصي، إضافة إلى أن مواد البناء ليست ذات جودة كبيرة، ولهذا يجب وضع دراسة شاملة لعمليات البناء، ووضع معايير يلتزم بها منفذو المقاولات تفادياً للمخاطر".

ويقول الخبير الجيولوجي أنس الرحمون، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "مثل هذا النوع من الزلازل تعقبه عدة هزات أرضية أضعف، والجميع يشعر بهذه الهزات، وفي اليوم الثاني من الزلزال يكون عدد الهزات الأرضية أقل من اليوم الأول بمقدار النصف، وكلما ابتعدنا زمنياً عن لحظة الزلزال، تكون الهزات الأرضية أقل، وتبدأ بالاندثار"، ويضيف: "التوقعات لقادم الأيام أن تعود الصفيحة الأرضية إلى حركتها الطبيعة، والصفائح هي الصفيحة العربية، وصفيحة الأناضول، والصفيحة الأوراسية، والصفيحة الأفريقية، ونحن متجهون إلى استقرار في حركة تلك الصفائح".
ووثق "الدفاع المدني السوري" (الخوذ البيضاء)، وفاة أكثر من 700 شخص، من بينهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 1000 مدني في مناطق شمال غرب سورية نتيجة الزلزال الذي ضرب المنطقة. وبحسب ناشطين محليين، فإنّ أكثر المناطق تضرراً هي مدينة جنديرس الواقعة بريف حلب الشمالي الغربي، وقرية بسنيا الواقعة بريف إدلب الغربي.

المساهمون