طالبت مؤسسات وجمعيات حقوقية أردنية بتطوير سياسات فعالة للحد من الفقر وتقديم برامج حماية اجتماعية متكاملة تلبي احتياجات الأطفال، وتوسيع مظلة الحماية للحد من عمالة الأطفال، وعدم تسريبهم من العملية التعليمية إلى سوق العمل.
وأوصى المركز الأردني لحقوق العمل "بيت العمال"، في تقرير أصدره اليوم الأحد بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، الذي يصادف 12 يونيو/حزيران من كل عام، بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة على مستوى السياسات الاجتماعية للمساهمة في التصدي لمشكلة عمل الأطفال، بتطوير سياسات فعالة للحد من الفقر، وتحسين الظروف الاقتصادية لأسر الأطفال المعرضين للانخراط في سوق العمل.
وشدد المركز على أهمية قياس مدى الأثر الذي سببته الارتفاعات المتتالية لمعدلات البطالة، وكذلك معدلات الفقر، وبناء قاعدة بيانات شاملة لعمل الأطفال يجرى تحديثها دوريا، مشيرا إلى أنه لا تتوفر حاليا سوى أرقام المسح الوطني لعمل الأطفال عام 2016، الذي كان يشير إلى أن عدد الأطفال العاملين في الفئة العمرية (5-17 سنة) كان يبلغ حوالي 76 ألف طفل، 80 بالمائة منهم أردنيون، وأن أكثر من 45 ألفا من الأطفال العاملين يعملون في أعمال تصنف بأنها خطرة وفق معايير العمل الدولية وقانون العمل.
وحذر التقرير من أن بقاء معدلات الفقر والبطالة مرتفعة بنسب غير مسبوقة واتساع حجم العمالة غير المنظمة سوف يدفعان باتجاه بقاء أعداد الأطفال العاملين مرتفعة، مشيرا إلى التقديرات التي كان قد أطلقها المركز سابقا، والتي قدر فيها أن عدد الأطفال العاملين قد ازداد خلال جائحة كورونا بنسبة تزيد على 25 بالمائة عما كان عليه في آخر مسح إحصائي أجري في عام 2016، وأن عدد الأطفال العاملين قد ارتفع إلى أكثر من 100 ألف طفل عامل، في ظل غياب الحلول الفعالة لمشكلة البطالة التي بلغ معدلها في الربع الأول من هذا العام 21.9 بالمائة، الأمر الذي يدفع العديد من الأسر إلى دفع أطفالهم إلى سوق العمل.
الأردن قد صادق على أهم الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال ولكن لم يفلح ذلك في القضاء على عمالة الأطفال
وأشار التقرير إلى أن أبرز النشاطات الاقتصادية التي يعمل فيها الأطفال تتمثل في" تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات" وفي "الزراعة"، وفي "الصناعات التحويلية، والإنشاءات، مبينا أنهم يتعرضون لمخاطر متعددة على صحتهم وسلامتهم، من أهمها الغبار والدخان والضجيج والحرارة العالية والأدوات الخطرة والمواد الكيماوية، إضافة إلى الإيذاء النفسي والبدني، والمعاملة القاسية والإهانات المتكررة.
وأشار التقرير إلى أن الأردن قد صادق على أهم الاتفاقيات الدولية في مجال مكافحة عمل الأطفال، وجاء قانون العمل الأردني منسجما مع مبادئ هذه الاتفاقيات، فمنع تشغيل الحدث إذا لم يكمل السادسة عشرة من عمره بأي صورة من الصور، ومنع تشغيله في الأعمال الخطرة أو المرهقة أو المضرة بالصحة قبل بلوغ الثامنة عشرة من عمره، وعلى ألا تزيد ساعات عمله عن ست ساعات، وألا يجرى تشغيله ليلا وفي الأعياد والعطل الرسمية والأسبوعية، إلا أن هذه الأحكام لم تفلح في الحد من هذه المشكلة، وما زالت حالات المخالفات التي تُضبط والتي تبلغ سنويا ما يقرب من 500 حالة ضئيلة جدا مقارنة بعدد الأطفال العاملين، حيث لا تتجاوز نسبتها 0.5 (نصف بالمائة) من حجم عمالة الأطفال.
تمكين: وضع الأطفال في سوق العمل يعد صعبًا عمومًا لأنهم في أسفل سلسلة التوريد ويتعرضون لانتهاكات عدّة
وفي السياق، أوصت ورقة مُتخصصة، صادرة عن تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال، بالعمل على إقرار نظام حماية الحدث العامل، وتنفيذ وتقديم برامج الحماية الاجتماعية المتكاملة التي تلبي حاجات الطفل، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية التي تضمن عدم لجوء الأسرة محدودة الدخل لعمل الأطفال وضمان عدم تسريبهم من العملية التعليمية.
وطالبت بمراجعة وتعديل السياسات والقوانين المتعلقة بعمل الأطفال، وتنظيم حملة توعوية شاملة تركز على مخاطر عمل الأطفال وأثرها على الأطفال والمجتمع ككل، وتطوير قاعدة بيانات خاصة بعمل الأطفال تتضمن بيانات صحيحة حول حجم الظاهرة، ووضع الأطفال العاملين وأعدادهم في كل محافظة وقطاع، والقضاء على جميع حواجز الوصول إلى التعليم التي تواجه الأطفال وتدفع بهم إلى دخول سوق العمل، وتخصيص الموارد اللازمة لتأمين وصول الأطفال العاملين إلى التعليم بعد سحبهم من سوق العمل، وتوفير برامج تعليمية مرنة تتوافق مع قدراتهم، وتوفير الرعاية الصحية الأساسية للأطفال، بما في ذلك الفحوصات الطبية الدورية والوقاية من الأمراض والعلاج اللازم عند الحاجة.
وحذرت من أن وضع الأطفال في سوق العمل يعد صعبًا عمومًا لأنهم في أسفل سلسلة التوريد ويتعرضون لانتهاكات عدّة، وتتراوح هذه الانتهاكات بين الأجور المنخفضة، مع دخل شهري منخفض جدًا، وانعدام الصحة والسلامة المهنية، وعدم الشمول بمظلة الضمان الاجتماعي مع عدم وجود تأمين صحي، والأطفال معرضون بشكل خاص لمثل هذه الانتهاكات لأن صحتهم تتأثر سلبًا بالظروف الصعبة التي يتعين عليهم العمل فيها، حيث يُجبر البعض على العمل ساعات طويلة بأجر أقل، بينما يتعرض آخرون للاستغلال الجنسي أو المالي.
وجاء في الورقة كذلك أن الحماية الاجتماعية تهدف إلى توفير الرعاية والدعم للفئات الضعيفة والمهمشة، ومنها الأطفال، وبشكل خاص الأطفال الذين يعملون بشكل غير قانوني أو يتعرضون للاستغلال العمالي، بالتالي، تعد الحماية الاجتماعية إحدى الوسائل الفعالة للحد من عمل الأطفال.
ونبهت إلى أن وجود سياسات حماية اجتماعية جيدة التصميم والمراعية لاحتياجات الأطفال يلعب دورًا بارزًا في القضاء على عمل الأطفال، من خلال تقديم المساعدة للأسر للتكيف مع الصدمات الاقتصادية أو الصحية، وتأمينهم بخدمات تعليم مبكر وأساسي ورعاية صحية أولية وقائية وعلاجية وبرامج حماية ممكنة لهم، كما يساعد الراتب التقاعدي، فضلًا عن إعانات البطالة والأمومة والعجز وإصابة العمل، في منع الحالات التي يضطر فيها الأطفال إلى العمل لاستكمال الدخل العائلي.