أكد البيان الختامي لمؤتمر الدوحة الدولي لحوار الأديان، إدانة كل أشكال وصور خطاب الكراهية، والتبرؤ من ممارسات الجماعات المتطرفة التي تنسب نفسها إلى الدين.
وتضمّن بيان الدورة الرابعة عشرة التي اختتمت، الأربعاء، في العاصمة القطرية، تسع توصيات دعت إلى تبني مقترح يرفع للمنظمات الدولية يقضي بضرورة تطوير المناهج التعليمية، لغرس القيم الدينية الصحيحة التي تدعو إلى احترام الآخر والتعايش معه، وحذف كل ما يحض على الكراهية.
وحذر البيان من وجود بعض صور الخطاب المزدوج بين المعنيين بحوار الأديان؛ فلا يكون هناك خطاب يخاطب به المرء نفسه وأتباع دينه، وخطاب آخر يخاطب به الآخرين، لافتاً إلى أن الخطاب، إن لم يستقم ولم يكن صادقاً وحقيقياً؛ فسيكون أحد أخطر مولدات الكراهية.
وحول الإسلاموفوبيا والتحامل على الإسلام، اعتبر البيان الظاهرة "منهج القلة في الغرب الذين يتجاهلون المعرفة الحقيقية لجوهر الإسلام، ويتجاهلون كذلك الصلات الحضارية المتسامحة بين المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى".
وشدد على ضرورة الانتقال من مرحلة الحوار إلى مرحلة الشراكة الحقيقية والفاعلة بين المؤسسات الدينية والحوارية، ومؤسسات المجتمع المدني ليكون لهم صوت موحد ضد كل أشكال ممارسات خطاب الكراهية من أي طرف كانت هذه الممارسات.
وأشار المؤتمرون في بيانهم إلى التشديد على أن الأديان السماوية تدعو في أصولها وتشريعاتها الأصيلة إلى المحبة والسلام، وترفض كل صور خطاب الكراهية والتطرف والعنصرية والتمييز على أساس الدين أو الجنس أو العرق.
ودعا البيان إلى اتخاذ الوسائل التشريعية لإيجاد استراتيجية إعلامية مهنية وأخلاقية؛ للحد من اتخاذ المنابر الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي كمنصات لنشر خطاب الكراهية، وفرض الرقابة القانونية على تلك المنابر.
وأوصى البيان بإرسال رسالة موحدة إلى الفاعلين الأساسيين في المجتمع الدولي بضرورة توحيد الجهود لمساندة الشعوب المقهورة التي تعاني من خطاب الكراهية والإبادة الجماعية كما يحدث في (كشمير وأقلية الروهينغا والإيغور)، وضرورة الجهر الصريح؛ احتجاجاً ورفضاً وتضامناً، بل وسعياً بكل السبل الممكنة للمساعدة؛ عند حدوث اضطهاد أو كراهية من طرف دون طرف، أياً كان دينه أو جنسه.
وقال الأستاذ في جامعة بورنموث ببريطانيا، حمادي نايت شريف، لـ"العربي الجديد"، إنّ دافع خطاب الكراهية في الإعلام الغربي، يعود للرغبة في كسب المزيد من الجمهور، مضيفاً أنّ وسائل إعلامية في الغرب تستخدم خطاب الكراهية حتى تستجذب أكبر عدد من القراء أو المشاهدين أو المستمعين، ضارباً مثلاً في المؤسسات الغربية اليمينية، بتركيزها على الإسلام والمسلمين بشكل سلبي، رغم أن المسلمين أقلية في تلك المجتمعات، فيما لا تسلط الأضواء على الأقليات الدينية الأخرى.
وحول سبل التصدي لذلك، قال نايت شريف: "لا أنتظر من المؤسسات الإعلامية الغربية أن تقوم بتصحيح صورة المسلمين، لكن أنتظر من المسلمين في الغرب أن ينشئوا مؤسسات إعلامية تخاطب الغربيين من غير المسلمين، فالقنوات التلفزيونية الإسلامية في الغرب تخاطب المسلمين بنسبة 100%، في حين أن صورة المسلمين لدى الآخر يتكفل بها غير المسلمين وهذه مشكلة كبيرة"، حسب رأيه.
ولفت أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة أبوظبي بالإمارات، محمد حبش، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ المؤتمر الرابع عشر لحوار الأديان عقد تحت عنوان "مواجهة ثقافة الكراهية"، معتبراً خطاب الكراهية أحد الأسباب الأساسية لانفجار العنف.
وأشار حبش إلى مسألتين: الخطاب التكفيري، وخطاب الكراهية الذي ينتشر، ويجب الاعتراف بأنه موجود، ولا ينفع شيئاً تعليقه على الآخرين، واعتباره مؤامرة استخباراتية وغربية. وذهب حبش إلى ضرورة الاعتراف بأن ذلك الخطاب موجود في الثقافة الإسلامية، مضيفاً: "لا تزال المدارس الإسلامية تمارس ثقافة الكراهية من حيث تريد أو لا تريد، ولا تزال جذور ثقافة الكراهية موجودة".
وأضاف حبش: "المسألة الأخرى حول خطاب الكراهية الموجه ضد الإسلام ما يسمى الإسلاموفوبيا، فثمة مؤسسات وهيئات وجهات غربية تحارب الإسلام ثقافياً وتنشر ثقافة الكراهية"، مطالباً بأكثر من المؤتمرات والدراسات والتظاهرات، مشيراً في هذا الصدد إلى "النضال الحقوقي"، للوصول إلى قوانين تجرم ثقافة الكراهية، المختلطة تماماً بحرية الرأي ويجري الدفاع عنها في الغرب بتلك الحجة.
وأضاف: "توجد جهة في السويد تأخذ كل فترة المصاحف وتجلدها بلحم خنزير وتحرقها أمام الناس وبترخيص حكومي، وهذا منتهى الاستفزاز لديننا وقيمنا وتاريخنا"، وطالب حبش بتكريس الجهود لنضال حقوقي لمواجهة خطاب الكراهية الذي يصدر عن متطرفين مسلمين، أو خطاب الكراهية الذي يصدر عن متطرفين غير مسلمين ضد الإسلام.
وخصص مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، مؤتمره هذا العام لموضوع "الأديان وخطاب الكراهية بين الممارسة والنصوص"، في محاولة لاستعراض أسباب هذه الظاهرة التي تنامت في السنوات الأخيرة، وبحث سبل مواجهتها قانونياً ودينياً وأخلاقياً.