ليبيون يشكون غياب أماكن الترفيه

20 فبراير 2021
يلجأ كثيرون إلى أماكن الترفيه الخاصة (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تعدّ الأماكن الترفيهيّة شبه غائبة في ليبيا، نتيجة للفوضى الناجمة عن الحرب التي تعيشها البلاد منذ نحو عشر سنوات، والتي طاولت أماكن الترفيه حتى لم يعد لها وجود، خصوصاً في المدن الكبرى. وحتى ثمانينيات القرن الماضي، كانت المسارح ودور السينما تنتشر بكثرة في المدن الكبرى، خصوصاً في طرابلس وبنغازي. إلا أن الإهمال المتعمد من قبل السلطات في ذلك الوقت، أدى إلى تراجع القطاع الثقافي في البلاد شيئاً فشيئاً حتى اختفى تماماً، كما يقول المواطن شعبان العمامي، الذي يعيش في بنغازي.
ويشدّد العمامي، في حديثه لـ "العربي الجديد"، على أهمية الفنون ودورها الترفيهي والثقافي في المجتمع، موضحاً أن المسلحين استولوا على دور السينما والمسارح وحولوها إلى مقرات لهم، وصار الناس يقضون أوقاتهم في المقاهي للترفيه عن أنفسهم".
من جهته، يشكو رائد الحسومي، وهو مواطن من طرابلس، بسبب عدم وجود أماكن للترفيه في البلاد، مؤكداً أن "مدينتي طرابلس وبنغازي باتتا خاليتين تماماً من الحدائق العامة"، ما اضطره والكثير من المواطنين للجوء إلى أماكن الترفيه الخاصة. ويشهد الاستثمار في قطاع الترفيه هذا اقبالاً كبيراً. ففي كبرى المدن في البلاد، توجد حدائق مائية ومقاه للعائلات وحدائق حيوانات وملاه للأطفال. إلا أن فوزية الشوين تشكو ارتفاع أسعارها. وتقول: "بدلاً من أن يساهم التنافس في ما بينها في تراجع الأسعار، حدث العكس إذ إن الأسعار تزداد شيئاً فشيئاً". 

ورغم اضطرار الشوين للذهاب إلى مدن الألعاب الخاصة كونها الفضاء الوحيد للترفيه، إلا أنها تخشى تأثيرها الصحي السلبي. تقول لـ "العربي الجديد": "عادة ما تكون الأماكن الترفيهية مقفلة ومن دون تهوئة، وهذا غير مناسب من الناحية الصحية في ظل تفشي فيروس كورونا". وإن كانت ترى أن للقطاع الخاص الترفيهي أهميته، إلا أنها تشير في الوقت نفسه إلى أنه يساهم في زيادة الطبقية وخصوصاً أنه لا قدرة لجميع العائلات على تحمّل كلفته العالية. 
ورغم المناخ الاجتماعي المحافظ، إلا أن المدن التي تأتي في الصف الثاني بعد طرابلس وبنغازي، باتت تشهد انتشاراً للمقاهي النسائية. وتقول صاحبة أحد المقاهي نهى آدم، إنه "رغم نجاح الفكرة، ألاحظ أن الأجواء المحافظة ما زالت موجودة". ويسأل البعض: "لماذا تبقى النساء وحدهن في مقاه مقفلة؟".
تضيف في حديثها لـ "العربي الجديد" أنها تضطر إلى وضع حراسة أمام المقهى لمنع أي كان من الدخول إليه، إذ إنه مخصص للنساء. وتشير إلى أن الإقبال الكبير على ارتياد مقهاهيها "مؤشر على بحث المواطن عن فضاء لأسرته في أجواء الحرب والفوضى الخانقة".

يوجد في الأرياف هامش للترفيه بسبب اتساع المساحات والبيئة النظيفة


إلى ذلك، تطالب الباحثة الاجتماعية حسنية الشيخ السلطات بالاهتمام بأماكن الترفيه، لافتة إلى أن "المواطن في حاجة إلى مثل هذه الأماكن في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها، للترفيه عن نفسه ما ينعكس إيجاباً على صحته النفسية". تضيف أن فرض رقابة على أسعار المرافق الترفيهية الخاصة ودعم قطاع الترفيه العام، "يمكن أن يتيح هذا الحق لكل شرائح المجتمع الفقيرة والغنية". وتلفت إلى أنه "قد يكون هناك في الأرياف هامش للترفيه بسبب اتساع المساحات وعوامل أخرى كالبيئة النظيفة، على عكس المدن التي تشهد اكتظاظاً".
من جهته، يعزو المسؤول في شركة الخدمات العامة الحكومية عبد الباسط الهاشمي، الإهمال الذي يعيشه قطاع الترفيه في البلاد إلى كثرة المشرفين على الحدائق العامة. ويوضح لـ "العربي الجديد" أن هناك مشكلة تتمثل في نقل اختصاص الإشراف من جهة إلى أخرى، علماً أنها تعاني كلها نقصاً في التمويل ما جعلها غير قادرة على فعل شيء". ويرى أن القرار الأخير لنقل الإشراف على الحدائق إلى البلديات يعد "ناجحاً"، لافتاً إلى أن بعض البلديات بدأت فعلاً في إنشاء حدائق عامة.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وحصل حي غرغور، وسط طرابلس، على دعم من وكالة التعاون الدولي لجمعية البلديات الهولندية، بحسب إعلان لإدارة الحي مؤخراً، لإنشاء حديقة عامة لسكان الحي.
ويلفت الحسومي، في حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى أن الأمر متعلق بالمتابعة الحكومية. ويقول: "كثيراً ما قامت البلديات بصيانة حدائق في نطاقها. لكن عدم المتابعة يجعلها غير صالحة للاستخدام وبالتالي مهجورة". يتابع: "حتى ساحل البحر تقاسمه الجشعين بحماية المجموعات المسلحة، وأقاموا فيه مشاريع خاصة من دون ترخيص"، لافتاً إلى أنه يتوجب عليه دفع مبالغ باهظة للاصطياف.  

المساهمون