ليبيون متفائلون وآخرون متشائمون

01 يناير 2025
طموحات أقل لليبيين في العام الجديد بسبب الظروف القاسية، 28 مارس 2024 (محمود تركية/فرانس بر
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعاني الليبيون من ظروف معيشية صعبة بسبب الحروب والنزاعات، مما أدى إلى نزوح السكان وارتفاع الأسعار وانتشار الغش، ويرتبط ذلك بالانقسام السياسي وهشاشة الأمن، مما يثير التشاؤم بشأن المستقبل.
- نبيلة الثابت تشير إلى تدهور قطاعات التعليم والصحة والأمن، مع ضعف المستوى التعليمي وغياب خطوات التحسين، مما يعزز التشاؤم بسبب تكرار السياسات الحالية.
- سامي القراد وعبد ربه أعظيّم يرون إمكانية للتغيير، متوقعين تقليص نفوذ المسلحين وتنظيم انتخابات جديدة، مما قد يحسن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

تختلف أمنيات الليبيين للعام الجديد. يتفاءل البعض باحتمال أن تتحسّن الأوضاع، ويتشاءم آخرون من احتمال أن تتكرر سيناريوهات السنوات الـ 13 من عمر الأزمة التي واجهتها البلاد. البعض لا يهتم أيضاً بالمستقبل، ويصرون على أولوية عيش الحاضر. وطوال أكثر من عقد عانى الليبيون من ظروف خانقة تتصل بمعيشتهم وحياتهم اليومية، والتي تأثرت بالحروب والنزاعات التي اضطرت كثيرين إلى النزوح فترات طويلة من بيوتهم، كما تأثرت أيضاً بالارتفاع الحاد في أسعار المواد الأساسية وتفشي عمليات الغش في الأغذية والأدوية، والبحث عن بدائل للعمل من أجل تأمين السيولة النقدية التي غابت بسبب أزمات البلاد الاقتصادية. وغالبية هذه الظروف تتصل بشكل وثيق بهشاشة الأمن في أنحاء البلاد والانقسام السياسي الحاد.
وقد جعلت هذه الظروف أمل علي بوهجار (47 عاماً)، وهو مهندس معماري عاد لممارسة مهنته بعدما قاتل في عملية البنيان المرصوص عامي 2019 و2020، يستبعد حصول تغيير كبير نحو الأحسن "لأنه لا جديد في الأوضاع السائدة يمكن أن يمثل بصيص أمل في آخر نفق الأزمات الطويلة التي عاشتها البلاد، وأسأل ماذا استجد لنتفاءل بأي جديد؟ نعيش على أرضنا لكن مصيرنا أصبح في يد من تدخل في بلدنا، ولم يعد القادة يصنعون القرارات بل ينفذون تلك للمتدخلين. من هنا لا جديد إلا إذا قرر المتدخلون الخارجيون تحسين الظروف بحسب ما تقتضيه مصالحهم".
وتوافق نبيلة الثابت (64 عاماً)، وهي معلمة متقاعدة، على آراء أبو هجار، وتتحدث لـ"العربي الجديد" عن "انهيارات في قطاعات التعليم والصحة والأمن التي تعتبر الأكثر ارتباطاً بحياة المواطنين لأنها أساسية في حياتهم، وتؤكد أن الفاعلين على الأرض لم ينفذوا أي خطوات ترسم الأمل في تغيير نحو الأفضل".
وتتحدث عن "سوء الوضع التعليمي، فولداي لا يحصلان على تعليم جيد في مدرسة الحي بمنطقة الدريبي في العاصمة طرابلس، وينجح كلاهما كل عام لكن لا تغيير ملموساً في مستواهما العلمي والمعرفي، وليست هذه حال أولادي فقط بل أبناء أجيال كاملة، حتى من يتخرجون من الجامعات. الأمل منخفض جداً في هذه الأجيال التي لن تقدم أي جديد، لذا يحتاج مستوى التعليم إلى قرارات حاسمة يستبعد أن يصدرها المسؤولون الحاليون الذين سيكررون قراراتهم السابقة".

وتعتبر نبيلة أن التردي في قطاعات الصحة والأمن يشبه قطاع التعليم، وكان عام 2024 نسخة مكررة من السنوات السابقة، وكل ما أتمناه ألا تعود الحرب".
في المقابل يرى سامي القراد أن الليبيين اعتادوا التعايش مع الحروب وظروف الحياة الصعبة، ومحاولة خلق آليات لتجاوز أي ضيق كي تستمر الحياة. وخلال عامين أتقن القراد (31 عاماً)، وهو موظف إداري في هيئة السجل المدني، مهنة إصلاح كهرباء السيارات، واستقل بورشة صغيرة أسسها وسط مدينة الخمس التي تقع شرقي العاصمة طرابلس، وهو يعمل موظفاً إدارياً أيضاً، وبات كل ما يتمناه تحقيق طموحه في بناء بيته الخاص وأسرته. ويعتبر أن "الانشغال في التفكير بالمستقبل القريب الخاص بالعام الجديد هدر للوقت وتشتيت للذهن، فقسوة الظروف التي نعيشها أكبر مني، وحلّها ليس في يدي لذا يجب أن أنشغل في التفكير بالحلول المناسبة لمواجهة أي ظرف".
ويعتقد القراد بأن "أكثر الليبيين يفكرون بطريقته وينصرفون للعيش يومياً ومحاولة توفير مصاريفهم اليومية والتعامل مع واقعهم. مثلاً أعرف أن لا شرعية للمسلحين لكنني مضطر إلى عقد صداقة مع أشخاص موجودين عند حاجز تفتيش أمام بيتي كي اتجنّب التفتيش كل صباح وأعبر بسرعة إلى عملي".

الأولوية لعيش الحاضر في ليبيا، 12 مارس 2024 (محمود تركية/ فرانس برس)
الأولوية لعيش الحاضر في ليبيا، 12 مارس 2024 (محمود تركية/فرانس برس)

في المقابل يطبع بعضَ المواقف التفاؤلُ بأن تحمل السنة الجديدة تغييرات. ويرى عبد ربه أعظيّم (51 عاماً)، وهو أستاذ جامعي، أن "هذا أمر ممكن خصوصاً إذا انتهى انقسام البلاد، وأعتقد بأن المصالح الضيّقة للسياسيين ومن يدعمهم من الخارج بلغت طريقاً مسدوداً، وأنا مقنع بأن وضع الانقسام لم يعد يخدم المتدخلين الخارجيين، حتى أنه بات يهدد مصالحهم".
وفيما لم يمنع تضرر منزل أعظيّم بسبب السيول في مدينة سبها (جنوب) من متابعته شؤون البلاد، يعتبر أن المساعدات التي تلقاها مع جيرانه من مناطق أخرى تشكل مؤشرات لصلابة لحمة المجتمع الليبي العصي على التقسيم، ويقول لـ"العربي الجديد": "هذا مبدأ أصيل فينا، وهو ما شاهده العالم خلال كارثة درنة التي جمعت كل الليبيين، وكان القادة ومن يقف وراءهم في ذهول. هذه المبادئ تزيد التفاؤل".
ويلفت أعظيّم إلى أهمية انعقاد مؤتمر المصالحة الوطني خلال يناير/كانون الثاني أو فبراير/شباط المقبلين، ويتوقع نجاحه، ويقول: "أقل ما يمكن قوله إن استضافة دولة أفريقية بموافقة دولية المؤتمر هو إقرار ضمني بأن طريق خلق الأزمات انتهى، وأن المصالحة باتت أمراً واقعاً وضرورياً".

ويوافق حسن بركان (39 عاماً)، وهو ناشط مدني، على احتمال أن "يكون العام الجديد عام المصالحة والتغيير من خلال تنظيم انتخابات، لأن المجتمع الدولي يضغط في اتجاه حوار سياسي جديد، ما يعني أنه يدرك ضرورة إقصاء عوامل التأزيم والفوضى أي القيادات السياسية المتصارعة".
ويتوقع بركان أن يشهد العام الجديد تقليص نفوذ المسلحين، ويقول: "سينتقل قادة السلاح من مرحلة التحارب إلى البحث عن مصالحهم الاقتصادية، والدليل على ذلك توجيه اللواء المتقاعد خليفة حفتر ميلشياته إلى ملفات الإعمار والبناء. فعلياً أكره استمرار وجود حفتر في مشهد البلاد، لكن قبول أخف الأضرار حتمي، وقد يفتح هذا الاتجاه الباب أمام حل ملفات أخرى أكثر تعقيداً مثل السجون والخطف، وأمام التجارة والاستثمار أيضاً".

المساهمون