ليبيا: نشاط حكومي لتطويق تهريب وفساد الأغذية

28 ابريل 2021
هل طاولت حملات الضبط بضائع هذا المحلّ؟ (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

 

أطلق جهاز الحرس البلدي في ليبيا حملات واسعة لضبط المخالفات التي يرتكبها أصحاب المحال التجارية والغذائية في شهر رمضان، مع إقبال المواطنين بشكل كبير على التبضّع بمناسبة هذا الشهر. وأتت الحملة بالتزامن مع توحيد فروع الجهاز في إطار جهود حكومة الوحدة الوطنية الجديدة لتوحيد المؤسسات في البلاد بعد تسلّمها مهام الحكومتَين السابقتَين. وقد أعلنت وزارة الحكم المحلي عن بدء اتخاذ كل الإجراءات لدعم وتفعيل جهاز الحرس البلدي وفروعه في البلديات.

وعلى الرغم من أنّ جهاز الحرس البلدي يتبع لوزارة الداخلية، فإنّ وزارة الحكم المحلي أكدت أنّها ساعية في ربط الجهاز بالبلديات في مختلف أرجاء البلاد، كونه "الأداة الضبطية التي يعوّل عليها لضبط القانون وخط الدفاع الأمامي لحماية المواطن وحماية المستهلك". وقد ضبطت دوريات جهاز الحرس البلدي بالتنسيق مع مركز الرقابة على الأغذية والأدوية الحكومي، عدداً من المخالفات في محال بيع المواد الغذائية واللحوم. يُذكر أنّ الأسواق الليبية منفتحة على السلع الغذائية المستوردة من دون رقابة، في ظلّ غياب القانون وضعف المؤسسات الضبطية والانفلات الأمني الذي قوّى المجموعات المسلحة الحامية للتجّار الجشعين. وفي هذا الإطار، يؤكد المسؤول في إدارة المكاتب التابعة لمركز الرقابة على الأغذية والأدوية الحكومي عبد الحميد العكاري، لـ"العربي الجديد"، تسرّب عشرات أصناف السلع الغذائية المستوردة المخالفة للمواصفات المعتمدة لدى الدولة. يضيف أنّه "على الرغم من بذل مركز الرقابة على الأغذية والأدوية جهوداً حثيثة في متابعة التجاوزات الكبيرة التي تستهدف غذاء المواطن الأساسي، فإنّ ضعف المؤسسات الأمنية والضبطية حال دون ممارسته لاختصاصه في الفترات السابقة". ويتابع العكاري أنّ "عمل المركز اقتصر في فترات عدّة على زيارة المحال لتحديد المواد الغذائية المستوردة بالتجاوز وبعيداً عن الرقابة، ونشر صورها على صفحته الرسمية"، موضحاً أنه "لقد عوّلنا على وعي المواطن والتخاطب معه بشكل مباشر فلم يكن لدينا من سبيل آخر".

واليوم، يشرف المركز على حملات بالتنسيق مع جهاز الحرس البلدي وجهات ضبطية أخرى على علاقة بالأجهزة الأمنية. وهذا ما يؤكده الضباط في الإدارة العامة لجهاز الحرس البلدي الجالي حسن، لـ"العربي الجديد". ويقول إنّ أكثر من 10 سيارات ضُبطت في مدينة طبرق، شرقي البلاد، في خلال الأسبوعَين الأوّلَين من شهر رمضان، وهي محمّلة بسلع أساسية هُرّبت عبر الحدود الشرقية. يضيف حسن أنّ "شحنات كبيرة من اللحوم المخالفة للمعايير الصحية وغير الصالحة للاستهلاك صودرت بعد دخولها البلاد عبر التهريب"، مشيراً إلى أنّ "المنافذ البرية هي أكبر معابر التهريب لشتّى أنواع السلع الغذائية. وقد أسفرت الحملات في هَذين الأسبوعَين عن إقفال ما لا يقلّ عن خمسين محلاً لبيع اللحوم والمواد الغذائية والخضروات في مختلف مناطق البلاد وإحالة أصحابها الى الجهات الأمنية للتحقيق معهم في التجاوزات". ويتابع حسن أنّ "الحملات تشمل التأكد من الاشتراطات الصحية والإجراءات القانونية، كتراخيص المزاولة ومعايير الجودة والوزن والشهادات الصحية بالنسبة إلى العمالة الأجنبية وارتداء الأزياء المخصصة للعمل في محال بيع اللحوم والمخابز".

ويستعدّ جهاز الحرس البلدي بالتنسيق مع مركز الرقابة على الأغذية والأدوية، بحسب ما يوضح العكاري، لتلف أطنان من المواد الغذائية منتهية الصلاحية التي صودرت من المحال ونُقلت إلى مخازن، مشيراً إلى أنّه "الإجراء الأكثر ضرورة كون الأيادي الفاسدة والتجار الجشعين قادرين على تزوير شهادات جديدة لاسترداد الكميات المصادرة وبيعها". ويكمل العكاري أنّ "الحملات لا تقتصر على متابعة نشاط تهريب البضائع الغذائية الفاسدة وانتشارها في الأسواق، بل تتابع كذلك تهريب الأدوية. وقد ضُبطت كمية من الأدوية تضمّ أكثر من 800 ألف دواء. وهي أكبر كمية تُضبط حتى الآن وسوف تُتلف قريباً".

في سياق متصل، يلفت حسن إلى أنّ "السلطات تدرس تشكيل لجنة مشتركة بمشاركة عدد من الوزارات لتشديد الرقابة على تدفّق المواد الغذائية إلى السوق. والمدن القريبة من المنافذ الحدودية تُعَدّ سوقاً مناسباً لتلك البضائع كونها مناطق تهريب"، خصوصاً اللحوم والمواد الغذائية المعلّبة. لكنّه يتحدّث عن "معضلة تواجه عمل أجهزة الدولة، وهي المصانع المحلية التي تنتج أصنافاً غذائية لا تخضع لأيّ رقابة. ونحن نملك تقارير تؤكد أنّ أكثر من نصف المصانع تضع أسماءها على منتجات غذائية غير مرخّصة ولا قيود لها في سجلات وزارة الاقتصاد". ويتابع حسن أنّ "متابعة تلك المصانع ما زالت أمراً صعباً، كونها تعمل بمعظمها من مزارع أو مبانٍ خاصة وفي مناطق بعيدة عن المدن، وليس أمامنا الآن سوى تعاون المواطن من خلال وعيه بأضرار تلك المصنوعات". من جهته، يطالب العكاري بضرورة "إطلاق حملات توعية بين المواطنين لمقاومة تفشّي الأغذية الفاسدة من خلال حثّ المواطن على ضرورة الاطّلاع على تاريخ الصلاحية واستهلاك منتجات تكون علاماتها التجارية معروفة بدلاً من العلامات المجهولة".

المساهمون