ليبيا: مداخيل رمضانية مشجعة للعاطلين
كالعادة في كل عام، يجد شبان وأسر في ليبيا فرصة للعمل في شهر رمضان، خصوصاً من يعانون من البطالة، أو من سوء أوضاعهم المعيشية بسبب تدني مداخيلهم الشهرية.
في وقت يستعد الشباب الليبيون من الجنسين لشهر رمضان عبر الانخراط في مهن تناسب متطلباتهم الخاصة، يأمل طارق المنصوري، في ظل غياب فرص العمل، في أن يجد قبل نهاية هذا الشهر فرصة عمل له. وهو استعد منذ منتصف شهر شعبان مع اثنين من رفاقه لموسم التبضع لعيد الفطر الذي يبدأ بحلول الأسبوع الثاني من شهر الصيام، واشتركوا معاً في شراء كميات من ملابس الأطفال، من أجل عرضها للبيع بأسعار مشجعة لذوي المداخيل المحدودة. يقول طارق لـ"العربي الجديد": "باشرت هذا العمل العام الماضي حين عملت وحدي، ثم ضممت هذه العام أصدقاء لي للانتشار في عدد من نقاط البيع التي تشمل بسطات كبيرة نقيمها في شارع الرشيد بطرابلس، حيث نعرض البضائع الخاصة بالعيد".
سنوات من الرواج
وفيما يطمح طارق ورفاقه بجني مداخيل تناسب أوضاعهم، وتوفر لهم مصاريف دراستهم، انخرطت علجية رمضان التي تسكن في مدينة الزاوية غربي العاصمة طرابلس، بأعمال خاصة بشهر رمضان تديرها من منزلها منذ سنوات، وتعتبرها فرصة موسمية تحرص على الإفادة منها. وتعد علجية مع بناتها الثلاث وزوجها حلويات رمضان، في عمل حقق لها شهرة جيدة بعدما اجتذبت منتجاتها أصحاب محلات تجارية يحرصون على شراء كميات منها قبل شهر الصيام.
وتعلّق علجية على هذا الإقبال بالقول لـ"العربي الجديد": "نمارس هذا العمل للعام الخامس على التوالي. ومع استمرار نشاطنا في التصنيع باتت حلوياتنا معروفة لدى زبائن وأصحاب محلات تجارية، ما جعلنا نتجاوز الكثير من العراقيل، ومنها التسويق، فالباعة وأصحاب المحلات يحجزون مسبقاً الكميات التي يريدون تسويقها، ولا يبقى علينا إلا توصيلها".
وتتابع: "نبدأ في الاستعداد قبل دخول شهر رمضان عبر شراء لوازم صناعة الحلويات الرمضانية، وفي مقدمتها أصناف من الغريبة، ولقمة القاضي المحلية المعروفة لدى الأسر الليبية. وفي السابق كان زوجي يعمل على سيارة أجرة، لكن توسّع العمل يجعله يوقف نشاط قيادة السيارة خلال الأسبوعين الأولين من شهر الصيام، ويتفرغ لتوصيل الطلبيات، علماً أن الإقبال على شراء الحلويات ينخفض خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر رمضان، ثم يعود الطلب في الأيام الأخيرة منه حين يستعد الناس لعيد الفطر، فالحلويات من أطباق الضيافة الأساسية لدى الأسر الليبية في العيد".
وتوفر هذه المهنة دخلاً مناسباً لأسرة علجية، ما شجعها على الاستمرار في مزاولتها على امتداد أيام السنة، لكن الرواج والإقبال يزداد في رمضان، ويرتفع الدخل.
تنويع في الأصناف
واللافت في فرص العمل الرمضانية اختلاف أوقاتها خلال الشهر. ففي الأسبوعين الأولين يبيع شبان فطائر وأنواع تمور وعصائر على بسطات تنتشر في ممرات مزدحمة بالمارة، كما تنشط حركة بيع الخضار.
ويقول محمود عامر الذي يعرض أصناف خضار أمام سيارته التي يركنها قرب مسجد في حي أبو سليم بالعاصمة طرابلس، لـ"العربي الجديد": "في الأسبوعين الأولين يعبّر الصائمون عن فرحتهم بحلول شهر رمضان، عبر الإقبال على شراء خضار ولوازم طعام الموائد اليومية، ثم ينخفض هذا الإقبال خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر لصالح شراء متطلبات أخرى".
وينوّع عامر أصناف مبيعاته مثل التمر والخضار، ويقول: "يفضل كثير من أرباب الأسر شراء هذه المتطلبات اليومية من أماكن قريبة، بسبب الازدحام في أسواق الخضار الكبيرة. وهذا العمل يشكل فرصة لي لزيادة دخلي الشهري، وتلبية التزامات نهاية الشهر الخاصة بأسرتي مثل ملابس العيد".
وقرب المكان الذي اعتاد عامر أن يوقف فيه سيارته لعرض الخضار يقع سوق أبو سليم، الأكبر في العاصمة طرابلس، حيث استأجر حمزة عبد الحكيم دكاناً صغيراً افتتحه قبل خمسة أشهر، وهو ينتظر موسم رمضان متفائلاً بالفرص الكبيرة المتاحة لترويج بضائعه، ويقول لـ"العربي الجديد": "في السابق كنت أعرض بضاعتي التي تتضمن إكسسوارات، خاصة بالنساء على بسطة أمام السوق، ثم وفرت مبلغاً سمح لي بأن استأجر محلاً صغيراً، وأصبحت لي معرفة بأنواع الإكسسوارات المطلوبة وأسعارها، والمحل وفرّ لي مساحة تسمح بعرضي أنواعاً أكثر، والإقبال يكون أكبر في الأيام التي تسبق عيد الفطر".