ليبيا: قرار العفو عن سجناء خطوة لحلحلة الملف

17 ابريل 2024
داخل أحد السجون الليبية (أحمد إيزغي/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- السلطات القضائية الليبية تعلن عن إعفاء 1345 محكومًا من باقي عقوباتهم بمناسبة عيد الفطر، استجابة لتوجيهات المجلس الأعلى للقضاء، مستهدفة النزلاء المؤهلين بشروط محددة.
- القرار يستثني المتورطين في جرائم خطيرة ويشترط سداد الغرامات والتعويضات المالية، ولكن تأخر تنفيذ الإفراج يثير تساؤلات حول موعد ونطاق تطبيقه.
- التحديات تواجه النظام القضائي وإدارة السجون في ليبيا، مع دعوات لدعم دولي أكبر للمؤسسة القضائية لاستعادة السيطرة على السجون وضمان تطبيق القانون بشكل عادل.

خطت السلطات القضائية الليبية خطوات باتجاه ملف السجون ومؤسسات الإصلاح ونزلائها بعد سنوات طويلة من غياب هذا الملف عن المشهد العام، إذ عفت النيابة العامة عن 1345 محكوماً من تنفيذ باقي العقوبات الموقعة عليهم، وجاء قرار الإعفاء بالتزامن مع حلول عيد الفطر.
ووفقاً للنيابة العامة، فإن هذا الإعفاء جاء تنفيذاً لقرار المجلس الأعلى للقضاء بشأن العفو عن تنفيذ بقية العقوبات، والصادر منذ حوالي أسبوعين. وأوضحت النيابة أنّها شكلت فريقاً من أعضائها لدراسة وثائق تنفيذ الأحكام الجنائية ضد المحكومين من نزلاء مؤسسات الإصلاح والتأهيل، بهدف اختيار النزلاء ممن تنطبق عليهم الشروط المقررة في قرار المجلس الأعلى للقضاء.
وأشار بيان النيابة إلى أن الفريق انتهى إلى أن الشروط تنطبق على 1345 محكوماً، لتبدأ النيابة إجراءات تنفيذ قرار العفو بخصوصهم، لافتة إلى أنها وجّهت أوامرها إلى أجهزة الضبط القضائي بمباشرة الإفراج عن المحددة أسماؤهم في قرار العفو.
وكان المجلس الأعلى للقضاء قد أعلن قبل نحو أسبوعين إعفاء من تتوفر فيهم الشروط من إتمام مدة عقوباتهم في السجون.
ووفقاً لقرار المجلس، فقد شملت الشروط من أمضى نصف المدة المحكوم بها على الأقل، وربع مدة الحكم لمن يعاني من مرض مزمن ويحتاج إلى رعاية طبية خاصة أو من تجاوز عمره الستين. وذكر قرار المجلس أن العفو يشمل من حكم عليه بالسجن المؤبد شريطة ألا تقل مدة قضائهم للعقوبة عن 15 سنة ميلادية في السجن.
وفي وقت اشترط المجلس ضرورة سداد المسجون لقيمة مبالغ الرد والغرامات المحكوم بها لخزينة الدولة، استثنى من قرار العفو من اعتادوا أو من دخلوا في تشكيل عصابات مسلحة، بالإضافة إلى جرائم أخرى لا عفو على المحكومين فيها. ومن بين هذه الجرائم، ذكر قرار مجلس القضاء تلك المتعلقة بالإرهاب وأمن الدولة والقصاص والحدود وجرائم القتل العمد والشروع فيه، وجرائم الضرب المفضي إلى الموت والخطف والسرقة بالإكراه، ما لم يجر التصالح مع المجني عليه، وجرائم المخدرات التي تتجاوز مدة عقوبتها عشر سنوات.
ولم تنفذ سلطات الضبط القضائي التي تخضع السجون لسلطتها قرار العفو حتى الآن، وفقاً لشهادة ذوي بعض المسجونين. ومن المنتظر أن يبدأ تنفيذ القرار خلال المدة القريبة المقبلة بحسب ما أبلغوا من مسؤولي الشرطة القضائية. ومن غير المعلوم ما إذا كان عدد السجناء الذين شملهم العفو هم من القابعين في سجون العاصمة طرابلس أم يشمل غيرها من مدن ومناطق البلاد. لكن الناشط الحقوقي نعيم معيوش يؤكد أنه من غير المرجح أن يشمل القرار السجون الواقعة تحت سلطة اللواء المتقاعد خليفة حفتر في شرق البلاد الذي ينفرد بقراراته ولا يخضع لسلطات أي جهة البلاد.

ولا يعرف على وجه التحديد عدد السجون في البلاد، فأغلبها يتبع سلطات الدولة بشكل اسمي فيما تخضع إدارتها لعدد كبير من المجموعات المسلحة التي ترفع شعارات ومسميات مختلفة على صلة بالجهات العدلية والأمنية. وتشرف الدولة على عدد قليل منها لا سيما في العاصمة طرابلس، وعدد محدود من المدن الكبرى، وغالبيتها لا تسمح للجان المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بزيارة مقرات السجون الخاضعة لها، كما يؤكد معيوش.
وما من إحصائيات رسمية معلنة من الجانب الليبي بشأن أعداد السجناء القابعين في مختلف السجون الليبية، باستثناء إحصاء نشرته الأمم المتحدة في أغسطس/ آب الماضي استناداً إلى أرقام قدمتها وزارة العدل بطرابلس، وتضمنت وجود 11903 أشخاص يقبعون في 28 سجناً رسمياً ضمن السجون الخاضعة لسلطة الوزارة من بينهم 216 امرأة، وأن نحو 29 في المائة من هؤلاء النزلاء هم رهن الحجز التحفظي للمحاكمة منذ فترة طويلة، من دون أن تتاح لهم سوى إمكانية محدودة للوصول إلى العدالة أو تأخر تقديمهم إلى المحاكمة.

وفي وقت يُرحّب معيوش بخطوة العفو عن 1345 سجيناً، معتبراً إياها "خطوة شجاعة من مؤسسة القضاء لبدء استعادة السيطرة على ملف السجون"، يُطالب بالمزيد من الدعم الدولي للمؤسسة القضائية الليبية "للسيطرة الفعلية على أوضاع السجون". ويؤكد وجود أعداد أخرى من السجون غير مذكورة في التقرير الأممي، واستشهد بتقارير منظمة العفو الدولية التي تحدثت عن انتهاكات عنيفة بحق السجناء جرت في العديد من السجون، من بينها سجن قرنادة الواقع شرق البلاد. ويقول: "الإشكال حتى الآن سببه خضوع السجون لإدارة المجموعات المسلحة، وتحديداً الجهات الأمنية التي تتصل بمصالح أطراف في ساحة الصراع السياسي وتحتفظ بسجون لمعاقبة معارضيها. وبسبب وجودها في السجون لأسباب لا توافق عليها القوانين الرسمية، تتحفظ على الاطلاع على ما في داخلها من سجناء".
واشتهرت العديد من السجون الليبية بتاريخ سيئ، وأكثرها شهرة سجن أبو سليم بطرابلس الذي وقعت فيه مجزرة عام 1996، وراح ضحيتها أكثر من 1200 سجين. ولم يصدر القضاء أي حكم في شأنها حتى الآن على الرغم من أن قضيته منظورة أمام المحاكم منذ عام 2012.

المساهمون