ليبيا: ارتفاع عدد قتلى الحوادث المرورية

17 فبراير 2021
سيارات في طرابلس (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تشكل الحوادث المرورية على طرقات ليبيا خطراً يومياً على المواطنين، إذ تتسبب في خسائر مادية وبشرية، فيما تقتصر المتابعة الرسمية على رصد أضرارها من دون تقديم حلول للحدّ منها. وأعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق عن إحصائية صادمة للحوادث المرورية المسجلة بمديريات الأمن، منذ مطلع العام الماضي حتى 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إذ بلغ عدد الحوادث 4131، أسفرت عن 1761 وفاة، فيما وصل عدد الإصابات البليغة للأفراد إلى 1743، والمتوسطة 1532 إصابة. أما عن الأضرار المادية فقد رصدت الإحصائية تضرر 6641 مركبة، مقدرة قيمتها بـ280 مليون دينار ليبي (62 مليون دولار أميركي)، وقد تضررت من جراء الحوادث 6641 مركبة.
يصف المسؤول في إدارة شؤون المرور والتراخيص في وزارة الداخلية في العاصمة طرابلس، عبد القادر مصطفى، الإحصائية بأنّها "صادمة ومروعة"، لافتاً إلى أنّ أرقام الوفيات مرتفعة جداً إذا ما قورنت بإحصائيات الأعوام الماضية.
يشير في حديثه إلى "العربي الجديد" إلى أنّ العام 2019 بأكمله أعلنت فيه الوزارة مقتل 450 شخصاً في 368 حادث سير، مع وقوع حوادث أخرى، فيما وصل مجموع الإصابات إلى 551 شخصاً. وفي الوقت الذي يؤكد فيه المسؤول الأمني أنّ مديريات الأمن في البلاد تمتلك قدرة على تحديد أسباب الحوادث ويمكنها إجراء الدراسات حولها، يتساءل عن "تخلي هذه الجهات عن مسؤوليتها تجاه هذا الخطر"، مؤكداً أنّ الأرقام تفوق وفيات الحروب خلال عام واحد.

قضايا وناس
التحديثات الحية

في الإحصائيات التي أعلنتها الوزارة، اكتفت بالإشارة إلى أنّ السرعة المفرطة وعدم كفاءة السائق ووسائل النقل، هي الأسباب الأبرز لهذه الحوادث، وشددت على ضرورة معاقبة المستخفين بالقيادة من قبيل "عدم التركيز أثناء القيادة واستخدام الهاتف المحمول" وغيرها من التنبيهات. لكنّ مصطفى، بحسب متابعته لملف الحوادث، يؤكد أنّ اعتماد المواطن على التنقل بالسيارات الخاصة تَسبَّب في زيادة الحوادث وبالتالي الإصابات والوفيات، في ظل غياب الالتزام بقوانين المرور والتهور لدى كثير من سائقي السيارات الخاصة، إذ يقودونها بسرعة مفرطة في كثير من الأحيان. ويرى مصطفى أنّ اعتماد السلطات خططاً لتقليل عدد الحوادث يعتمد على ضرورة توفيرها، في المقابل، وسائل النقل الحكومي التي تلتزم بقواعد المرور، مثل الحافلات والمترو للمسافات القصيرة والمتوسطة، والقطار للمسافات الطويلة بين المدن. يتابع: "معظم البلاغات عن حوادث المرور المميتة تأتي من المناطق الريفية والصحراوية حيث تمتد الطرقات مسافات طويلة، ما يشجع على القيادة بسرعة عالية، من دون وسائل أمان في المركبات". ويلفت، من جهة أخرى، إلى أنّ "أغلب الطرقات، حتى داخل المدن، متهالكة، ولم تعد تصلح للسير أصلاً" وهو ما يزيد الحوادث بدوره، خصوصاً إذا اختفت الإشارات الضوئية، وامتلأت الطرقات بالحفر والمطبّات. ومن بين الأسباب التي يحددها المسؤول الأمني، لتزايد الحوادث المرورية أيضاً، إطارات السيارات المستوردة المصممة لبيئات تختلف عن بيئة البلاد، ما يعني أنّها إطارات تعرض السيارة للانزلاق.
في سبتمبر/ أيلول الماضي، حذرت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق، المواطنين من الإقبال على شراء السيارات المستوردة، مشيرة إلى أنّ 70 في المائة من مجمل حوادث السيارات في البلاد، سببها إطارات السيارات المستوردة بشكل مخالف للقانون. وفيما ذكرت الوزارة، في البيان نفسه، أنّ في ليبيا 650 ألف سيارة مستوردة بشكل مخالف للقانون، يلفت مواطنون، إلى أنّ استيراد السيارات ليس جديداً على البلاد، متسائلين: "ما الذي رفع عدد الوفيات ونسب الحوادث إلى هذا المستوى الخطير في الفترة الماضية؟".

من جانبه، يؤكد عمر دبيب، وهو من سكان طرابلس، مشاركة السلطات في تزايد الحوادث المرورية، قائلاً لـ"العربي الجديد": "إذا كانت وزارة في مستوى الداخلية تكتفي بالتحذير، فمن المسؤول عن تسرب هذه السيارات بشكل مخالف؟". ويشير إلى أنّ بيانات السلطة منقوصة، فهي لم تحدد المعايير والشروط حتى يعرفها المواطن ويبتعد عن شراء مثل هذه السيارات. ويوضح دبيب، وهو سائق شاحنة مخصصة للنقل، أنّ أغلب الطرقات غير مجهزة بإشارات وإرشادات مرورية، كما لا تتوفر فيها الإضاءة الكافية، حتى في المدن. يضيف: "معايير الأمان على الطرقات غير متوفرة غالباً، فحتى الحيوانات الشاردة تقطع الطرقات بكثرة، ولا مسارات آمنة للرؤية". ويطالب بضرورة عمل السلطات على توفير طرقات آمنة خصوصاً أثناء الأمطار والضباب في الشتاء، والغبار والأتربة في الصيف، معتبراً أنّ غياب الطرقات الآمنة، التي يفترض أن تجهزها السلطات، هو أبرز أسباب تزايد الحوادث المرورية.

المساهمون