نشر صياد ليبي مقطع فيديو يظهر اصطياده لقرش حوت على ساحل مدينة سرت في وسط شمالي البلاد قبل نحو أسبوعين، ما أحدث هلعاً بين المصطافين، وتلى ذلك انتشار مقاطع فيديو تظهر تمكن صيادين من اصطياد أعداد من أسماك القرش قبالة سواحل كل من درنة، والبيضاء، وبنغازي، والزويتينة في الشرق، إضافة إلى وقائع مماثلة قبالة سواحل مصراتة، والقربولي وغيرها من مناطق غربي البلاد.
بدوره، وثّق مصطاف كان على متن قارب خاص، ظهور حوت ضخم قبالة ساحل العاصمة طرابلس، زاعماً أنه حوت "أوركا" القاتل، الأمر الذي زاد من مخاوف المواطنين. في حين تحدثت تدوينات أخرى متداولة عن مدى شراسة الأوركا، وقدرته على التهام البشر، وجرأته على الوصول إلى الشواطئ.
وأثار تزايد انتشار تلك الفيديوهات التي تظهر اصطياد أعداد من أسماك القرش في أكثر من منطقة ساحلية ليبية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مخاوف كثير من المواطنين، خصوصاً مع بدء فصل الصيف الذي يشهد كثافة التوجه إلى الشواطئ للسباحة والاستجمام.
وعلى الرغم من محاولة جمعيات وجهات مختصة بعلم البحار والبيئة تبديد المخاوف، إلا أن استمرار تداول وسائل الإعلام بشكل واسع لمقطع فيديو يظهر سمكة قرش تلتهم سائحاً روسياً قبالة سواحل مدينة الغردقة المصرية، ساهم في تفاقم المخاوف، وزاد غياب أي موقف أو تصريح رسمي من تلك المخاوف، بالتزامن مع تضارب التصريحات بين خبراء البحار ومسؤولي الجمعيات المعنية بالبيئة.
يقول رئيس الجمعية الليبية لعلوم البحار، ضو حدود، إن "ظهور أسماك القرش على شواطئ ليبيا خلال هذه الفترة أمر طبيعي، إذ إنها تتزاوج في هذه الفترة، وتضع بيضها في المناطق الرملية"، مشيراً إلى وجود 30 نوعاً تقريباً من أسماك القرش قبالة السواحل الليبية.
في المقابل، أعلنت منظمة العلوم والأحياء البحرية عن إطلاق حملة للحد من تواجد المفترسات على الشواطئ الليبية، وقال رئيس المنظمة، عز النصر أبزيو، في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية الرسمية، إن الحملة "تهدف إلى التوعية بمخاطر المفترسات البحرية بشكل عام، وأسماك القرش بشكل خاص"، مؤكداً أن المنظمة "ستعمل على توسيع دائرة التوعية الإعلامية للحيلولة دون وقوع إصابات بشرية".
ورداً على وجود هذه الأسماك على الشواطئ الليبية، لفت أبزيو إلى أن "ظهورها هو نتيجة الصيد الجائر بالمتفجرات الذي يخلف آثاراً تجذب هذه المفترسات. خلال فصل الصيف، يبدأ موسم تزاوج هذه الأسماك، ما يجعلها أكثر شراهة لتناول الطعام. من هنا، ينبغي تعزيز مراقبة السواحل الليبية"، مؤكداً أن منظمة العلوم والأحياء البحرية "حذرت في السابق من إهمال هذه القضية التي تعد تهديداً مباشراً لحياة الإنسان، لا سيما في بداية فصل الصيف، وزيادة الحركة على السواحل، ما قد يوقع إصابات بشرية".
من جهتها، قالت مؤسسة جمعية علم الأحياء البحرية في ليبيا، سارة المبروك، إن "بعض الأسماك المتواجدة في مقاطع الفيديو المتداولة تعرف محلياً باسم (زرقاية) أو (ثعلب بوعين). عملية صيد هذين النوعين كانت عرضية، وحدثت على مسافات تبعد نحو 60 كيلومتراً من الشاطئ"، مشيرة إلى استغرابها من ترويج أن أسماك القرش تسبح دائماً على مقربة من الشاطئ، وبالتالي التسبب في ترويع المواطنين.
وتوضح المبروك أن "ظهور أسماك القرش يكثر في الفترة الممتدة من شهر فبراير/ شباط وحتى يونيو/ حزيران، وذلك لأسباب عدة، من بينها التزاوج خلال هذه الفترة من العام، والفيديو الذي أظهر مشاهد لحوت، وقال أحد المصطافين إنه حوت الأوركا الشرس، غير صحيح بالمرة، وما يظهر فيه هو حوت المنك المعروف في الشواطئ الليبية، وقد سجل وجوده بين عامي 2019 و2020".
ووسط هذا الجدل، وعلى الرغم من بعض التطمينات، إلا أن صاحب "مصيف السندان" بمدينة الخمس شرق طرابلس، موسى بن حسن، يشير إلى تراجع الإقبال بشكل كبير على المصايف في الموسم الحالي. ويوضح لـ "العربي الجديد": "أنا أيضاً أشعر بالخوف على الرغم من متابعة آراء الخبراء، ومعرفتي أن ظهور أسماك القرش ليس جديداً. عدم إقبال الناس بكثافة على الشواطئ حتى الآن قد يكون مرتبطاً أيضاً بعدم ارتفاع درجات الحرارة بعد. في حين أن بعض أصدقائي الذين يملكون استراحات على السواحل مخصصة للإيجار، يؤكدون بدء توافد الناس، وأرجح أن تكون الاستراحات الخاصة بديل المواطنين في هذا العام عن شاطئ البحر، كونها توفر مسابح خاصة".