ليبيات متزوجات من أجانب أمام القضاء للمطالبة بحقوق أبنائهن

24 يونيو 2021
هل يمكنهما منح الجنسية لأبنائهما؟ (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

تعتزم نساء ليبيات متزوجات من أجانب المطالبة بحقوقهن أمام محاكم محلية، استباقاً لنتائج الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، الذي تطالب النخبة السياسية بتسريع إجرائه تمهيداً لتنظيم الانتخابات المقبلة في 24 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
ومنذ أن بدأت السلطات في منح مواطنيها أرقام الهوية الإلكترونية منتصف العام 2013، دار جدل قانوني حول حقوق أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب، واللواتي يُقمن في البلاد، في الحصول على الجنسية، باعتبار أن إسقاط هذا الحق يعني ضياع حقوق هؤلاء الأبناء في التعليم والتملك والحصول على علاج مجاني وغيرها، بحسب ما تقول المحامية مريم البريكي لـ"العربي الجديد".

وتفرّق مسوّدة التشريع بين الليبي والليبية في شأن منح الجنسية للأبناء، إذ تمنع المواطنات من ذلك في حال تزوجن من أجنبي. لكن نزهة حميد، المتزوجة من أجنبي، تتهم السلطات بـ"التهرب من مسؤولياتها في تنفيذ تشريعات دستورية لا تلحظ هذه التفرقة". تقول حميد لـ"العربي الجديد": "التعديلات المتلاحقة على قانون الجنسية أهدرت حقوق الأبناء. وخلال مرافعات أمام محاكم في بنغازي، وعدت السلطات بمنح أبناء الليبيات المتزوجات من أجانب حق الإقامة فقط، بلا حق المواطنة، وهذا أمر مرفوض نعتبره تحايلاً وتهرباً من المسؤولية"، علماً أن حميد انضمت إلى مجموعة نساء يعتزمن رفع دعوى قضائية أمام المحاكم، لتحديد حق أبنائهن وفقاً للتشريعات النافذة التي تلزم السلطات بذلك.

المرأة
التحديثات الحية

وحول إمكان نجاح حصول هؤلاء النساء على حقوق أبنائهن، تشير البريكي، وهي محامية امرأة من هذه الشريحة، إلى دعوى ينظر فيها القضاء في بنغازي: "سيستمر هذا الجدل حتى استقرار الوضع السياسي وضبط الأمن". وتوضح البريكي في حديثها لـ"العربي الجديد" أن "العقبة الأولى تتمثل في عدم امتلاك السلطات أي رقم دقيق لعدد المعنيين بالمسألة، ما يجعلها قضية مفتوحة على كل الاحتمالات حتى في حال قبلت المحكمة النظر في الدعوى. وهناك مشكلات كثيرة عالقة حول الجنسية تخشى السلطات مواجهتها، بينها زواج مهاجرين سرّيين من دول أفريقية بليبيات أنجبن أبناءً لهم في الوطن".
وتتحدث حميد عن صعوبات تواجهها أسرتها، "فأنا تزوجت من تونسي مولود في ليبيا، وقدمت إلى مصلحة الأحوال المدنية أوراقاً تثبت ذلك، وحصلت عليها من سلطات منطقتي المحلية. لكن ذلك لم يسهّل نيلي حقوق أبنائي الثلاثة الذين أدفع نحو 1600 دولار سنوياًِ رسوماً لتدريسهم". وفي شأن العلاج تقول: "كأية ليبية أقصد مصحات خاصة بسبب انهيار الوضع الصحي في البلاد".

ليبيا 2
ليبية خلال تجمع نسائي للمطالبة بحقوق (محمود تركية/ فرانس برس)

توضح المحامية البريكي أنها تحاول الحصول على وثائق من إدارة البحث الجنائي في بنغازي، في إطار بحثها عن مستندات قانونية تدعم مرافعتها في قضية المتزوجات من أجانب. وتشير إلى أن هذه الإدارة أعلنت، في فبراير/ شباط الماضي، بدء عمل لجنة خاصة لجمع المعلومات عن العرب والأجانب المقيمين في البلاد. لكن هذه اللجنة لم تنهِ عملها، في حين تتحجج إدارة البحث الجنائي بسرّية العمل.
ورغم اعتقادهن بضعف احتمال أن تلقى الدعاوى تجاوباً كبيراً لدى القضاء، تؤكد نساء متزوجات من أجانب أن وقوف منظمات أهلية حقوقية إلى جانبهن قد يعطي القضية الزخم المطلوب، "خصوصاً إذا جرى التركيز على دوافع النساء للزواج من أجانب، مثل هجرة الشبان وارتفاع نسب العنوسة وكلفة الزواج".
وتختلف قضية حواء نقيق، المتزوجة من سوداني طلّقها بعد ولادة طفلين وهاجر من دون أن يترك أي عنوان. تروي لـ"العربي الجديد" أنها تزوجت برضا أسرتها وأن عقدها قانوني، لكن عدم حصول طفليها على الجنسية منعها من إضافتهما إلى راتبها الحكومي، وراكم التزامات مادية كبيرة عليها. تقول: "هجرة زوجي أبقت طفليّ بلا أوراق رسمية لتجديد إقامتهما في ليبيا كونهما أجنبيين أيضاً، فأدخلتهما مدرسة خاصة بالتحايل، وسأصطدم إذا تخرجا بعقبة عدم إمكانية حصولهما على شهادة رسمية".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفيما تؤكد البريكي أن عدد النساء اللواتي يستعددن لتقديم دعاوى أمام القضاء يتجاوز العشر، تلفت إلى أن التشريع الليبي المعتمد حتى العام 2010 كان يمنح الجنسية لأبناء الليبيات المتزوجات من أجانب شرط ولادتهم في البلاد، لكن تعديلات قانون الجنسية خلال السنوات التالية جعل الأمر عسيراً جداً. واعتبرت أن الفوضى القانونية التي يعانيها التشريع الليبي قد يُجبر الجهات المعنية على إجراء مراجعات ومنها قانون الجنسية، ما يجعل العودة إلى قانون الجنسية لعام 2010 هو الأمل الوحيد المتوفر حالياً لإنقاذ مصير عشرات من الأطفال الذين وقعوا ضحية الفوضى السائدة في البلاد.

المساهمون