لماذا أبرمت رواندا اتفاقاً مع بريطانيا لاستقبال مهاجرين؟

21 ابريل 2022
الاتفاق مع بريطانيا حول ترحيل المهاجرين إلى رواندا يثير جدالاً (هولي أدامز/ Getty)
+ الخط -

يتعرّض الاتفاق المثير للجدال حول ترحيل بريطانيا مهاجرين وطالبي لجوء إلى رواندا لانتقادات كثيرة، لا سيّما من قِبل المعارضة البريطانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي طالبت بإلغائه. لكنّه لم يُحكَ كثيراً عن دوافع رواندا في هذا السياق، علماً أنّها دولة صغيرة يسكنها 13 مليون نسمة وتقع في منطقة البحيرات الكبرى في أفريقيا، وقد لقيت سياستها التنموية ترحيباً في حين لاقت انتقادات بسبب سجلّها الحقوقي.

وبينما لم يُكشف إلا عن تفاصيل قليلة فقط حول الاتفاق الذي يرى نقّاد بريطانيون احتمال مواجهته تحديات قانونية قد تُجبر واضعيه على التخلي عنه، في ما يأتي أجوبة حول الأسباب المحتملة التي دفعت كيغالي إلى التوقيع على هذا الاتفاق والتحديات التي سوف تواجهها.

لماذا أبرمت رواندا الاتفاق مع بريطانيا؟

سوف تموّل لندن الاتفاق بنحو 144 مليون يورو في مرحلة أولى، لكنّ ثمّة مراقبين يظنّون أنّ المال ليس الحافز الرئيسي لكيغالي. وقد وضع الرئيس الرواندي بول كاغامي بلاده في موقع حليف للغرب ويحاول أن يؤدّي دوراً في إخماد النزاعات في أفريقيا. وقد أرسل خصوصاً قوات إلى موزمبيق في العام الماضي للمشاركة في مكافحة تمرّد جهادي هناك.

بحسب ما يقول المحلل والمحامي الرواندي لويس غيتينيوا، ترغب رواندا في تحسين صورتها الدولية مع تخفيف الانتقادات الموجّهة إلى إدارتها على خلفية ملفات حقوق الإنسان. ويؤكد أنّ "الرئيس كاغامي يعتزم استخدام هذا الاتفاق لتعزيز الثقة في سياسته بشأن حقوق الإنسان"، مشيراً إلى أنّ رئيس الدولة الذي يحكم رواندا بقبضة من حديد، منذ الإبادة الجماعية في عام 1994، يريد أن يظهر كأنّه "زعيم أفريقي رئيسي". يضيف غيتينيوا أنّ كيغالي تأمل كذلك في الحصول على "دعم دبلوماسي من بريطانيا عند تقديم قرارات ضدّ رواندا ومناقشتها أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".

ما هو التأثير المتوقع للاتفاق على إدارة حقوق الإنسان؟

في يناير/ كانون الثاني من عام 2021، طلبت الحكومة البريطانية من كيغالي النظر في "القيود المستمرة على الحقوق المدنية والسياسية وحرية الصحافة". لكنّ خطاب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الأسبوع الماضي تغيّر بصورة كبيرة، إذ وصف رواندا بأنّها "واحدة من أكثر الدول أماناً في العالم، وهي تحظى باعتراف دولي لاستقبالها ودمجها المهاجرين". ويشير هذا التغيير في الخطاب إلى أنّ كيغالي تأمل في التأثير على التصوّر الخارجي لسياستها تجاه المعارضين، خصوصاً الذين فرّوا إلى خارج البلاد.

لكن بحسب مدير وسط أفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" لويس مودج، فقد "أظهرت رواندا مراراً عدم احترامها للحماية الواجب توفيرها للاجئين بموجب القانون الدولي". يضيف أنّ "ثمّة معلومات موثوقة تفيد بأنّ عناصر روانديين نفّذوا اغتيالات بحقّ لاجئين روانديين في الخارج، ويخشى لاجئون كثر من أن تكون للحكومة الرواندية ذراع طويلة تصل إلى أوروبا وكندا وأستراليا".

ما هو رأي الروانديين في الاتفاق؟

لم يقل الروانديون الكثير عن هذا الاتفاق بعد، باستثناء مواقف ترحيب نادرة. وفي هذا الإطار يصرّح أستاذ القانون الدستوري في "جامعة رواندا" توم موليسا لوكالة "فرانس برس" بأنّه "لأمر جيّد أن تضع رواندا نفسها في هذا الاتجاه، للمساهمة في حلّ أزمة الهجرة التي تؤثّر على العالم أجمع".

أمّا الصحافي جون ويليامز نتوالي فيبدو من الأشخاص القلائل الذين انتقدوا الاتفاق علناً، إذ يرى أنّه "ينتهك حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء". ويقول: "هذا اتفاق غير أخلاقي يجبر الناس على الذهاب إلى بلد لم يختاروه".

ما هي التحديات التي يطرحها الاتفاق على رواندا؟

يقول رئيس حزب الخضر الديمقراطي في رواندا فرانك هابينزا إنّ "الاتفاق ليس مستداماً"، مشيراً إلى أنّ "الدولة المكتظة بالسكان تواجه منافسة قوية للحصول على الأراضي والموارد الأخرى". وأفاد في بيان أصدره الأسبوع الماضي بأنّ "التكفّل بمهاجرين من بريطانيا سوف يزيد من الضغط على الأرض ومن تحديات العيش".

من جهتها، سلّطت زعيمة المعارضة فيكتوار إنغابير، وهي من أشدّ المنتقدين للرئيس كاغامي، الضوء كذلك على الضغط الاقتصادي الذي تواجهه البلاد منذ أزمة كورونا. وقالت إنّه "من غير الواضح كيف ستدعم رواندا المهاجرين الذين يُعاد توطينهم، في ما يتعلق بتنميتهم الشخصية وتوظيفهم". أضافت أنّه لا بدّ على الحكومة الرواندية من أن "تركّز على حلّ مشكلاتها السياسية والاجتماعية الداخلية التي تحوّل مواطنيها (...) إلى لاجئين في بلدان أخرى".

تجدر الإشارة إلى أنّ رواندا استقبلت في الماضي مهاجرين أفارقة تقطّعت بهم السبل في ليبيا، وذلك بموجب اتفاق مع الاتحاد الأفريقي والمفوضية الأفريقية. وفي العام الماضي، عرضت البلاد اللجوء على أفغان فرّوا من بلادهم على أثر عودة حركة طالبان إلى السلطة.

(فرانس برس)

المساهمون