اعتبرت الولايات المتحدة، أنها قد تصدر ترخيصا للقاح ضد كوفيد-19 في غضون أسابيع قليلة، بعدما أعلنت شركة "فايزر" أن لقاحها التجريبي يخفض بنسبة 90 % خطر الإصابة بفيروس كورونا، إلا أن على بقية دول العالم أن تنتظر لأشهر بعد.
واستقبل الدكتور أنتوني فاوتشي مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية يوم الاثنين نبأ نجاح لقاح للوقاية من فيروس كورونا تطوره شركة فايزر باعتباره "أمرا عظيما"، وقال إن الولايات المتحدة قد يكون لديها جرعات لقاح جاهزة قبل نهاية العام.
وفي مقابلة مع شبكة "سي.أن.أن" الإخبارية، قال فاوتشي إنه يعتقد أنه سيبقى في منصبه الحالي في الوقت الراهن، وليس لديه نية لترك موقعه.
وقالت شركتا فايزر (الولايات المتحدة) و"بيونتك" (ألمانيا) إن لقاحهما الذي يؤخذ على جرعتين تفصل بينهما ثلاثة أسابيع، "فعال بنسبة 90 %" على ما أظهرت النتائج الأولية للمرحلة الثالثة من التجربة السريرية الجارية. ولم تكشف الشركتان عن تفاصيل هذه النتائج.
ويعني ذلك بالنسبة إلى الأميركيين الذين طلبوا منه مائة مليون جرعة مسبقا، أن أولى عمليات التلقيح قد تبدأ قبل نهاية السنة شرط تأكيد سلامته على الصحة البشرية اعتبارا من الأسبوع المقبل. وتنوي "فايزر" التقدم بطلب ترخيص من الهيئة الأميركية للأغذية والعقاقير التي ستبت سلامة اللقاح وفعاليته.
وقال وزير الصحة الأميركي أليكس عازار، إن توزيع اللقاح سيكون عندها "مسألة أسابيع" فقط. وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنتهية ولايته قد جعلت من تطوير لقاحات أساسا لمواجهتها الأزمة الصحية هذه.
300 مليون جرعة لأوروبا
وفي الاتحاد الأوروبي الذي اشترى مسبقا 200 مليون جرعة ويفاوض لطلب مائة مليون أخرى "قد لا يتوافر اللقاح قبل مطلع العام 2021" على ما أفاد مصدر أوروبي.
وتقدمت دول أخرى مثل اليابان وكندا وبريطانيا بطلبيات للحصول على لقاح فايزر ومن المتوقع أن يتجاوز الطلب الكميات المتوافرة في البداية؛ إذ إن فايزر تتوقع توفير 50 مليون جرعة في 2020 و1,3 مليار العام المقبل. فيما تأمل إسبانيا في توفير لقاح كورونا لنحو 10 ملايين شخص، و قال وزير الصحة الإسباني سلفادور إيلا، إن الحكومة تسعى للحصول على لقاح كوفيد-19 لنحو 10 ملايين شخص من أصل 47 مليونًا في البلاد باستخدام اللقاح الجديد الذي طورته شركة فايزر الدوائية الأميركية وشريكتها الألمانية بيو نتك، وفقا لما نقلت عنه وكالة "أسوشييتد برس".
وقال وزير الصحة الثلاثاء، إن التطعيم سيكون مجانيًا. ويتوقع أن يتم توفير عدد كافي من اللقاحات لكل سكان إسبانيا، إلى جانب شراء لقاحات أخرى، بحلول مايو/ أيار 2021. وقال الوزير في مقابلة مع قناة "تي في إي إن" الدولة تتوقع تلقي الجرعات الأولى من شركة فايزر أوائل عام 2021. كما تعهد بمواجهة الأشخاص الذين يعارضون التطعيم بالحجج العلمية، حيث أشار استطلاع الرأي الذي أجراه معهد سي آي إس، إن 43 بالمائة من الإسبان يبدو قلقا بشأن الحصول على اللقاح. وقال إيلا: "سنكون واضحين للغاية ومقنعين ضد الأشخاص الذين يكذبون ويحاولون التصدي للعلم". وسجلت إسبانيا أكثر من 39000 حالة نتيجة فيروس كورونا وأكثر من 1.38 مليون حالة إصابة مؤكدة.
مخاوف من الدول الغنية
من جهتها، تعرب المنظمات غير الحكومية منذ أشهر عن قلقها من استحواذ الدول الغنية على جرعات اللقاح، فضلا عن السعر المحتمل للقاح فايزر. وقال روبن غيتار الناطق باسم "أوكسفام" في فرنسا "اللقاح سيكون فعالا بنسبة 0 % للأشخاص الذي لا يملكون المال للحصول عليه". ولا يعرف حتى الآن إن كان اللقاح يوفر مناعة طويلة الأمد. إلا أن الإعلان أثار فورا موجة أمل وارتفاعا كبيرا في البورصات العالمية بعد عشرة أشهر فقط على وضع الخريطة الجينية لفيروس كورونا، هذا في ما يعتبر إنجازا علميا.
لقاحات أخرى منتظرة
وتطور شركة "موديرنا "الأميركية لقاحا تجريبيا آخر ينتظر صدور نتائجه في الأسابيع المقبلة يستخدم التكنولوجيا نفسها. ويترقب العالم أيضا نتائج لقاح آخر بات في مراحل متقدمة وتطوره شركة "أسترازينيكا" مع جامعة أكسفورد. وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس إن الإعلان "مشجع" عن نبأ "فايزر".
ورحب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب في تغريدة، بهذا الإعلان معتبرا أنه "نبأ رائع". وأكد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن أنه يرى مؤشر "أمل" في إعلان شركتي "فايزر" و"بيونتيك" محذّراً من أن "المعركة" لا تزال طويلة. وناشد الأميركيين وضع الكمامة "التي لا تشكل تموضعا سياسيا".
البرازيل تعلق تجاربها
في المقابل، أعلنت السلطات الصحية في البرازيل، أنّها علّقت التجارب السريرية على لقاح كورونافاك التجريبي الصيني الذي يطوره مختبر سينوفاك بايوتيك، بعد تعرّض أحد المتطوّعين لـ"حادث خطير" لم تحدّد ماهيّته. وقالت وكالة اليقظة الصحية (أنفيزا) في بيان إنّها "قرّرت وقف التجارب السريرية على لقاح كورونافاك بعد حادث خطير" وقع في 29 أكتوبر/تشرين الأول.
ولم توضح الوكالة ماهيّة الحادث الخطير، لكنّها أوضحت أنّ هذا النوع من الحوادث يمكن أن يكون وفاة أو آثاراً جانبية قد تتسبّب بالوفاة، أو إعاقة شديدة، أو حالة تستدعي الاستشفاء، أو "حدثاً مهماً سريرياً".
ولقاحا فايزر وسينوفاك التجريبيان بلغا المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب، ما يعني أنّه سيتقرّر على ضوء نتائج هذه التجارب ما إذا كانت السلطات الصحية ستجيزهما أم لا. وتجري تجارب سريرية على كلا اللقاحين في البرازيل، ثاني دولة في العالم بعد الولايات المتحدة من حيث عدد الوفيات الناجمة عن الوباء (أكثر من 162 ألف وفاة).
وشكّل اللقاح الصيني محور معركة سياسية في البرازيل بين أحد كبار مؤيّديه، جواو دوريا حاكم ولاية ساو باولو وخصمه السياسي الأبرز الرئيس جايير بولسونارو. وشنّ الرئيس اليميني المتطرّف هجوماً شرساً على "كورونافاك" قائلاً إنّ مصدره هو "ذاك البلد الآخر"، وهو يروّج بدلاً منه للقاح تطوّره جامعة أكسفورد بالتعاون مع مجوعة "أسترازينيكا" البريطانية للصناعات الدوائية.
قيود في أوروبا
وسجلت الولايات المتحدة لأيام متتالية عددا قياسيا من الإصابات الجديدة التي تفوق المائة ألف يوميا، وتوفي أكثر من 238 ألف شخص في الولايات المتحدة جراء كوفيد-19 وفق الأرقام الرسمية إلا أن السلطات الصحية ترى أن الحصيلة الفعلية تزيد عن 300 ألف بكثير. وسجلت أكثر من 50,3 مليون إصابة في كل أنحاء العالم منذ ظهور الوباء في الصين في ديسمبر/كانون الأول، بحسب تعداد أجرته وكالة فرانس برس استناداً إلى مصادر رسميّة.
وفي أوروبا، حيث سجلت أكثر من 12,7 مليون إصابة، فرضت البرتغال اعتبارا من الاثنين حالة الطوارئ الصحية يرافقها حظر تجول في القسم الأكبر من البلاد. وقال رئيس الحكومة البرتغالية أنطونيو كوستا "لا يمكننا مواجهة الجائحة من دون تضحيات" فيما تجاوزت الحصيلة اليومية للمرة الأولى ستين وفاة.
وفرضت في غالبية دول أوروبا مستويات مختلفة من الإغلاق أو حظر التجول. ففرضت رومانيا الإثنين حظر تجول ليليا مع ضرورة وضع الكمامات في الخارج وحظر الاحتفالات العامة والخاصة، في وقت تقترب البلاد من تسجيل عشرة آلاف إصابة يومية جديدة.
وفي المجر، أعلن رئيس الوزراء فيكتور أوربان إغلاقا جزئيا اعتبارا من الأربعاء. وستحظر التجمعات وتغلق المطاعم وتلغى المناسبات الثقافية فيما سيصبح حظر التجول ساريا اعتبارا من الساعة الثامنة وحتى الخامسة فجرا. وستفرض هذه التدابير التي تحتاج بعد إلى موافقة البرلمان، لمدة 30 يوما كحد ادنى.
في فرنسا تستمر الموجة الثانية بالانتشار لكنها تباطأت في أول مؤشر مشجع بعد عشرة أيام على إعادة فرض الإغلاق، خصوصا في منطقة باريس إلا أن الضغط على المستشفيات لا يزال كبيرا جدا مع تجاوز البلاد عتبة 40 ألف وفاة جراء الفيروس.
في إيطاليا، يرى الأطباء أن الوضع الوبائي "خارج عن السيطرة بشكل واسع" ويطالبون الحكومة بفرض "إغلاق تام" فورا.
لا إغلاق جديدا في روسيا
أما روسيا، فقد سجلت مستوى قياسيا جديدا لعدد الإصابات مع حوالى 22 ألف حالة جديدة، فتجاوزت موسكو للمرة الأولى المستوى الأعلى المسجل في مايو/ أيار. إلا أن السلطات الروسية تستبعد حتى الآن إغلاقا جديدا واسع النطاق. وأعلنت إصابة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي بفيروس كورونا وهو في صحة جيدة على ما قال جهازه الإعلامي.
(فرانس برس، رويترز)