لقاحات السجون... موجة كورونا الرابعة في مصر تُهدّد المعتقلين

07 سبتمبر 2021
خارج مستشفى سجن النساء بالقناطر (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

مع إعلان السلطات المصرية في نهاية أغسطس/ آب الماضي ظهور إصابات بالمتحور الهندي "دلتا" من فيروس كورونا الجديد، منذ يوليو/ تموز الماضي، وتفشي الموجة الرابعة من وباء كورونا في البلاد، تجددت المطالبات بالنظر في أوضاع السجون والسجناء، وإنقاذ الآلاف من عدوى جماعية قد تؤدي إلى كارثة.
ورفع سجناء سياسيون سابقون وأسر وأهالي سجناء حاليين خمسة مطالب رئيسية للتعامل مع السجون والمساجين، في ظلّ تراخي النظام في تلقيح السجناء على الرغم من وعوده بذلك، بالإضافة إلى اكتظاظ السجون وظروف الاعتقال غير الإنسانية في مختلف مقار الاحتجاز الرسمية. وتشمل المطالب "الإفراج عن كل السجناء فوق عمر 60 عاماً، والإفراج عن كل من قضى نصف مدته، والإفراج عن كل السجناء في الجرائم غير الخطيرة مثل الغارمات والغارمين، والإفراج عن المحبوسين احتياطياً الذين تخطوا 6 أشهر من دون إحالات للمحاكمات، والإفراج عن كل من تخطى مدة الحبس الاحتياطي المقررة قانوناً عامين كاملين من دون إخلاء سبيله أو إحالته للمحاكمة".
وبحسب قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، والتي تعرف بـ "قواعد نيسلون مانديلا" فإنه "ينبغي أن يحصل السجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع، وينبغي أن يكون لهم الحق في الحصول على الخدمات الصحية الضرورية مجاناً ومن دون تمييز على أساس وضعهم القانوني".
وتنص المادة 18 من الدستور المصري الصادر عام 2014 على أنه "لكل مواطن الحق في الصحة والرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان في حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة". كما تنص المادة 55 من الدستور على أنّ "كلّ من يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنياً أو معنوياً، ولا يكون حجزه أو حبسه إلا في أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانياً وصحياً...". كما تنص المادة 56 على أن "السجن دار إصلاح وتأهيل. تخضع السجون للإشراف القضائي ويحظر فيها كل ما ينافي كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر".

ووفرت بعض الدول اللقاح للسجناء بالفعل في المنطقة العربية وفي أفريقيا، مثل المغرب التي نظمت حملة للتطعيم داخل السجون وأماكن الاحتجاز، استهدفت من تخطّوا الستين عاماً. وبحلول مارس/ آذار 2021، تم تطعيم 77 في المائة من الفئة المستهدفة داخل السجون. وكذلك أعلنت دول، منها الكويت والبحرين، عن بدء حملات للتطعيم داخل السجون وأماكن الاحتجاز. كذلك وضعت جنوب أفريقيا المساجين في المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد فيروس كورونا.
وسبق للحكومة المصرية اتخاذ حزمة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي كورونا، شملت تعطيل حق السجناء والمحتجزين في الزيارة الدورية لذويهم مدة تجاوزت الثلاثة أشهر كاملة من دون توفير أي وسائل أخرى للتواصل، الأمر الذي أثر على صحتهم النفسية تأثيراً سلبياً مضاعفاً لما يعانيه الأفراد خارج السجون، فضلاً عن حرمانهم من احتياجاتهم التي توفرها الزيارة من الغذاء والأدوية. وعندما سمح بعودة الزيارة في أغسطس/ آب 2020 جاءت بشروط جديدة تطول فيها الفترة الزمنية بين الزيارة والأخرى. كذلك تعذّر حضور العديد من المسجونين احتياطياً أمام النيابة واستمر حبسهم بالمخالفة للمدة القانونية المحدّدة للحبس الاحتياطي وقانونيته.
ووفقاً لـ"خارطة طريق منظمة الصحة العالمية لتحديد أولوية توفير اللقاح في سياق الإمدادات المحدودة" المنشورة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، فإن السجناء والمحبوسين احتياطياً يقعون ضمن المجموعات الأكثر عرضة لاكتساب العدوى ونقلها، وذلك لوجودهم في أماكن مزدحمة ومغلقة يصعب فيها مراعاة التباعد الجسدي.

تستعد لإعطاء اللقاح (خالد دسوقي/ فرانس برس)
تستعد لإعطاء اللقاح (خالد دسوقي/ فرانس برس)

ويبلغ عدد السجون الجديدة التي صدر قراراً بإنشائها بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011 وحتى اليوم، أي في خلال 10 سنوات، 35 سجناً تضاف إلى 43 سجناً رئيسياً كانت تعمل قبل ثورة يناير، ليصبح عدد السجون الأساسية نحو 78 سجناً.
وتقدر الشبكة العربية للأبحاث والنشر عدد السجناء والمحبوسين احتياطياً والمحتجزين في مصر حتى بداية مارس/ آذار 2021 بنحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين ومحبوس سياسي، ونحو 54 ألف سجين ومحبوس جنائي، ونحو ألف محتجز لم تتوصل الشبكة لمعرفة أسباب احتجازهم.
ومن ضمن السجناء والمحتجزين بلغ عدد السجناء المحكوم عليهم إجمالاً نحو 82 ألف سجين، وعدد المحبوسين احتياطياً نحو 37 ألفاً. وكانت وزيرة الصحة المصرية هالة زايد قد وعدت خلال مداخلة تلفزيونية "بإتاحة اللقاحات للفئات الموجودة في أماكن مغلقة مثل دور رعاية المسنين والسجون". إلا أن وزارة الداخلية ومصلحة السجون التابعة لها وحتى وقت توجيه الإنذار لم تعلنا البدء بتطعيم السجناء والمحبوسين احتياطياً أو أعداد الإصابات ونسب الشفاء والوفاة بسبب فيروس كورونا داخل السجون وأماكن الاحتجاز.

ووعدت الحكومة بتطعيم السجناء خلال اجتماع مجلس الوزراء في 17 مايو/ أيار الماضي. وقد أبلغت زايد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن الاحتياطي من الأوكسجين الذي يحتاج إليه مرضى كورونا، والأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، وضرورة البدء بتطعيم جميع السجناء باللقاحات المضادة لكورونا، والاتفاق مع رئيس اتحاد الصناعات المصرية على تخصيص عدد من المراكز لتكون مقرات تقدم من خلالها خدمة تطعيم العاملين بكافة المجمعات الصناعية وفق خطة محددة، موضحة في الوقت نفسه أنه سيتم تمركز سيارات بالقرب من أماكن صرف المعاشات (الرواتب) بهدف التطعيم. 
ولم يتطرق البيان الصادر عن مجلس الوزراء بشأن هذا الاجتماع إلى أي معلومات إضافية عن خطة تطعيم السجناء، كما لم تطبق حتى كتابة هذه السطور على الرغم من أن وزيرة الصحة المصرية هالة زايد أكدت وجود "دلتا" في البلاد، لافتة إلى أنه ليس أصعب ولكنه سريع الانتشار، وأن أعداد المصابين بكورونا قد ارتفعت خلال الموجة الرابعة في مصر، وسيشهد النصف الثاني من شهر سبتمبر/ أيلول المقبل ارتفاعاً في أعداد إصابات كورونا بشكل كبير، وهو توقيت ذروة الموجة الرابعة للفيروس ليس في مصر فقط، وإنما في جميع البلدان المجاورة.

المساهمون