لقاحات الأطفال... حملات آمنة في شمال سورية

02 يونيو 2023
حملات التلقيح آمنة وفعّالة (عمر حاج خضور/ فرانس برس)
+ الخط -

تعمل فرق التوعية في مناطق شمال وشمال غرب سورية على تعزيز فكرة الثقة باللقاحات التي تمنح للأطفال، وهي تواجه بين فترة وأخرى شائعات تشكك في فعّالية هذه اللقاحات، في حين أن أهميتها معروفة عالمياً لضمان صحة الأطفال ونموهم السليم الذي يبعدهم عن التعرّض لمخاطر الإصابة بأنواع مختلفة من الأمراض.
وتنفذ الفرق المعنية بتلقيح الأطفال حملات ميدانية بهدف الوصول إلى أكبر شريحة منهم، وتخفيف أعباء تنقل الأهالي وقصدهم مراكز صحية قد تكون في مواقع بعيدة، بينها في مخيمات النازحين التي توجد في مناطق نائية. وتستهدف هذه الحملات أيضاً مساعدة الأهالي الذين تأثروا بكارثة زلزال 6 فبراير/ شباط الماضي، واضطر بعضهم إلى النزوح وتغيير أماكن إقاماتهم، لأنّ من الضروري أن يحافظ أطفالهم على تسلسل عملية اللقاحات وفق "دفتر التلقيح".
وكانت بيانات أصدرتها الأمم المتحدة في وقت سابق من العام الحالي قد تحدثت عن أن "زيادة معدلات التحصين بين الأطفال أولوية في المناطق السورية المنكوبة بالزلزال الذي دمّر 67 مرفقاً صحياً في شكل جزئي أو كلي، وذلك بعد 12 عاماً من النزاع الذي أضعف النظام الصحي بشدة. كذلك نزح حوالى 100 ألف شخص من مناطق الزلزال إلى مخيمات مكتظة تعتبر أنظمة المياه والصرف الصحي والنظافة فيها دون المستوى المطلوب".

يقول عمار عبد المولى، الذي يقيم في مدينة الدانا لـ"العربي الجديد": "نعلم أن اللقاحات مصدرها منظمة الصحة العالمية، وبالتالي موثوقة صحياً للأطفال، لكن حركة النزوح التي أعقبت الزلزال المدمر في 6 فبراير/ شباط الماضي سبّبت تقصيراً على صعيد حصول أطفالنا على لقاحات، وانتظامهم في مواعيدها الدورية بحسب دفتر التلقيح الذي تمنحه الجهات الصحية لهم بعد ولادتهم".
ودفعت الظروف التي تلت كارثة الزلزال، وحركة النزوح الصعبة إلى أماكن غير اعتيادية تفتقر إلى المقومات المناسبة للعيش عبد المولى نفسه إلى إهمال متابعة تلقيح اثنين من أطفاله. ويوضح أن ابنه الأكبر تلقى على مدار أعوام كل لقاحاته في شكل منتظم، لكن طفليه الآخرين لم ينضبطا في الحصول عليها بحسب المواعيد المحددة، ويقول: "حصل إهمال بسبب التنقل وعدم الاهتمام، لكن فرق التلقيح والجهات الصحية المختصة تعمل حالياً لإيصال اللقاحات إلى الأطفال في المدارس والمنازل، ما يخفف عبء بحث الأهالي عن مراكز تلقيح. في السابق أضعت عدة لقاحات على أطفالي بسبب عدم معرفتي بأماكن مراكز التلقيح، لكن الأمر أسهل حالياً، وينفذ من خلال إجراءات أفضل، وأنا أنصح جميع الأهالي بالتزام حصول أطفالهم على لقاحات في المواعيد المحددة".

ترتبط نسبة الأمراض بعدد الملقحين (بكر القاسم/ فرانس برس)
ترتبط نسبة الأمراض بعدد الملقحين (بكر القاسم/ فرانس برس)

وبالطبع، تؤثر حملات التوعية في حصول الأطفال على لقاحات دورية. ويؤكد أحمد بربور، وهو أب لثلاثة أطفال يقيم في ريف إدلب الشمالي، حرصه على تلقي أطفاله اللقاحات الدورية في وقتها، ويقول لـ"العربي الجديد": "تأتي اللقاحات التي يحصل عليها الأطفال في مديرية صحة إدلب وفريق لقاح سورية من منظمة الصحة العالمية، وتعتبر مهمة جداً لحماية الأطفال من أمراض خطرة مثل الحصبة وشلل الأطفال والكزاز. وقد يُصاب الأطفال بأمراض كثيرة إذا لم يحصلوا على تطعيم، ويتعرضون لمخاطر الإعاقات أو حتى الوفاة. ونحن نرى دائماً في الإعلانات الخاصة بحملات التلقيح على الطرقات توصيات بضرورة حصول الأطفال على اللقاحات. وحالياً تقصد الفرق الصحية البيوت لضمان تلقيح الأطفال، علماً أن مبادراتها كانت محدودة في السابق، بينما تعمل حالياً بجهد وإمكانات أكبر، وتصل إلى البيوت والمخيمات، وتقدم للناس وثائق تثبت أن اللقاحات سليمة وآمنة ومجربة في سبيل إزالة مخاوف الأهالي، كذلك تصدر توصيات دائمة بضرورة تعاون الأهالي مع الحملات".

منظمة الصحة العالمية مصدر اللقاحات (عمر حاج خضور/ فرانس برس)
منظمة الصحة العالمية مصدر اللقاحات (عمر حاج خضور/ فرانس برس)

ويؤكد رئيس دائرة الإعداد والتدريب في مديرية صحة محافظة حلب الحرة مهدي سعيدة اعتماد الجهات الصحية في المنطقة على بيانات لمعرفة أعداد الأطفال الذين حصلوا على لقاحات. ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن "نسبة الملقحين تتجاوز 85 في المائة، علماً أنها تُحدَّد من خلال زيارة المنازل لإحصاء أولئك الملقحين وغير الملقحين، وكذلك باستخدام تقارير شبكة الإنذار المبكر الخاصة بالأمراض. والملاحظ أنه إذا كانت نسبة الأمراض مرتفعة، تكون نسبة غير الملقحين مرتفعة أيضاً. ويمكن القول إن الجهات الصحية تبذل جهوداً كبيرة لتوفير كل اللقاحات، لكن ذلك لا يمنع أيضاً عدم وجود لقاحي السحايا والمكورات الرؤية إلا في مراكز خاصة".
يتابع: "ينتج انتشار الأمراض لدى الأطفال من عدم التزام الأهالي تلقيحهم، أما أمراض الحصبة والكوليرا والتهاب الكبد لدى البالغين المنتشرة حالياً، فتحتاج إلى تكثيف الجهود المبذولة في حملات التلقيح، علماً أن أشخاصاً كثيرين يحاربون اللقاحات، لكن الجهات الصحية تضم فرقاً متخصصة بالتوعية تعرّف الأهالي في شكل دائم بأهمية اللقاحات، وضرورة حصول أطفالهم عليها".

ويؤكد سعيدة أن "حملات اللقاح آمنة وفعّالة في مكافحة الأمراض المعدية والوقاية منها لدى الأطفال والبالغين. ومن فوائدها الرئيسية وقاية الأفراد ومنحهم حماية من العدوى، وتقليل درجات المرض، إضافة إلى السيطرة على الأمراض المعدية ومنع انتشارها، وكذلك الأوبئة".
ويعمل فريق لقاح سورية بالتعاون مع مديريات الصحة شمال وشمال غربي البلاد على رفع مستوى الوعي باللقاحات، وتذكير السكان بأن التلقيح المستمر من أسس الصحة الجيدة، ويعتبر السبيل الوحيد لحماية الأطفال من أمراض خطرة ومعدية. وبحسب منظمة الصحة العالمية، تنقذ اللقاحات حياة ملايين الاشخاص في أنحاء العالم سنوياً، إذ تساهم في تقوية المناعة، وهي بالتالي بين تدابير الصحة العامة الأكثر فعّالية من أجل مكافحة الأمراض المعدية، وخفض الوفيات".

المساهمون