قتل خمسة أشخاص من عائلة واحدة، أمس السبت، في الريف الشرقي لمحافظة الحسكة السوريّة، جراء انفجار لغم بسيّارتهم أثناء عملهم بمنطقة جبل كوكب، بينما نجت إحدى المصابات التي كانت معهم وتعرضت لجروح متوسطة.
وذكر الناشط الإعلامي أسامة أبو عدي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الضحايا كانوا يعملون في نقل الأحجار قرب قرية "دبي" بمحيط جبل كوكب في منطقة تخضع لسيطرة قوات النظام السوري، مشيرا إلى أن خطر الألغام والعبوات الناسفة ما زال قائما في كافة المناطق شمال شرقي سورية، موضحا أن الألغام في المنطقة قد تكون من زراعة قوات النظام السوري أو تنظيم "داعش".
ولفت أبو عدي إلى أن الألغام والعبوات الناسفة ما زالت تمثل تهديدا مباشرا لأمن وسلامة المواطنين في مناطق دير الزور والرقة والحسكة، وأيضا في أنحاء متفرقة من ريف الرقة والمدينة الخاضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، رغم تمشيط فرق الهندسة التابعة لقوى الأمن الداخلي أغلب أحياء وشوارع المدينة، موضحا أن بعض المباني، خاصة في شارع النور، ما زالت فيها ألغام لم يجرَ التعامل معها.
وأضاف أبو عدي: "في باقي المناطق من شمال وشرق سورية، ما زال داعش يستخدم الألغام والعبوات في استهداف القوات العسكرية والأمنية، كما حصل منذ أيام عندما انفجرت عبوة ناسفة في محيط مدينة عين عيسى أدت لإصابة عنصر من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وما حصل أمس في منطقة "دبي" قد يكون من فعل التنظيم أو قوات النظام".
خطر الألغام والعبوات الناسفة مازال قائما في كافة المناطق شمال شرق سورية
وشدد على أن خطر تجدد زراعة الألغام والعبوات الناسفة ما زال قائما، وهو أسلوب تتبعه خلايا تنظيم "داعش" في عموم مناطق البادية السورية وأرياف الرقة والحسكة ودير الزور، والمدنيون هم في قائمة ضحاياها.
وأوضح أبو عدي أن "العبوات والألغام يصعب التعرف عليها، سواء تلك الأرضية المضادة للأفراد التي تزرعها قوات النظام، أو الألغام التي تزرعها "داعش"، حيث تُخفى بشكل جيد، وتأخذ أشكال الصخور، وهو ما يجعلها صعبة التمييز، ويجعل المدنيين لا يدركون ماهيتها أو خطرها".
و"لا يمكن للأشخاص العاديين التمييز غالبا ومعرفة ما إذا كانوا يتعاملون مع لغم أم لا، كون الأمر صعب على غير الخبراء والمختصين"، وفق ما قال زبير الرملة، الذي فقد طرفيه السفليين بانفجار لغم أواخر عام 2017 عند منزله في الرقة، موضحا لـ"العربي الجديد" أن شقيقه أيضا فقد أحد طرفيه بذات اللغم.
وأضاف الرملة أنه لم يكن يدرك أبدأ أنه قد يتعرض للغم، خاصة أن المكان كان طبيعيا للغاية، وأوضح: "بقيت أخضع للعلاج مدة عامين ونصف، وبعدها حصلت على طرفين اصطناعيين سفليين بقيمة 4500 دولار لكل طرف، وذلك على نفقتي الخاصة، وكل ما أتمناه أن يحصل مصابو بتر الأطراف، وهم بالمئات في مدينة الرقة، على أطراف اصطناعية ذات جودة مقبولة، ليتمكنوا من مواصلة الحياة والتغلب على وضعهم الصعب".
الطبيب فراس ممدوح الفهد، أحد القائمين على مبادرات طبية وتعليمية لمساعدة ضحايا الحرب بالرقة، تحدث بدوره لـ"العربي الجديد" وقال: "أسسنا منظمة صناع الأمل الإنسانية لتركيب الأطراف الاصطناعية في 2018 لضحايا الحرب وعملنا حتى 2021، وكان العدد المجمل الذي قمنا بإحصائه عبر جولات ميدانية في أغلب أحياء الرقة هو 1300 حالة بتر للأطراف، وركب صناع فريق الأمل من دون أي دعم من أي جهة، خلال 4 سنوات، 53 طرفا اصطناعيا سفليا للحالات الأكثر فقرا. وتطوع معنا في العمل العديد من الأطباء تخصص تركيب أطراف اصطناعية وأطباء جراحة عظمية".
وتدفع الأحوال المعيشية الصعبة بعض الأهالي إلى جمع الأحجار البركانية السوداء المنتشرة في منطقة جبل كوكب البركاني، الواقع ضمن مناطق سيطرة النظام السوري في الحسكة، ونقلها في الشاحنات من أجل استخدامها في عمليات البناء، وهذا ما يعرضهم لخطر الألغام.