حذّرت وزارة الصحة التونسية من اللجوء إلى عادات قديمة مثل محاولة شفط الدم من مكان لدغة العقرب أو الثعبان، أو وضع خلطات وأدوية تقليدية على مكان اللدغة، وشددت على ضرورة التوجه السريع إلى المراكز الصحية للعلاج للوقاية من المضاعفات التي يمكن أن تصل إلى الموت.
ودعت الوزارة إلى اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لتجنب التعرض للدغات الزواحف والحشرات السامة، التي تشهد ذروتها مع بداية موسم الصيف، خصوصاً في مناطق وسط البلاد وجنوبها، وأوصت بضرورة الحرص على نظافة محيط المنازل عبر إزالة الحصى والحجارة والأعشاب، وإغلاق كل الثغرات والشقوق والتصدعات في الحوائط والأسقف، والتخلص الآمن من النفايات المنزلية، وإبعادها عن المجمعات السكانية.
وتنشر وزارة الصحة سنوياً تحذيرات مماثلة مع حلول فصل الصيف، تشمل فحص الأحذية والملابس والفراش قبل استعمالها، والانتباه في أثناء تحريك الأحجار والأخشاب أو الأعشاب، خصوصاً بالنسبة إلى المزارعين، ومع ذلك تتكرر بين سكان المناطق الريفية والجبلية الإصابات بلدغات العقارب والأفاعي.
وقبل أيام، توفي طفل لدغه عقرب بينما كان نائماً في بهو المنزل بريف منطقة العين البيضاء في محافظة القيروان، إذ لفظ أنفاسه الأخيرة خلال نقله إلى المستشفى لتلقي الإسعافات الأولية، وعبّر سكان المنطقة عن غضبهم من انعدام وسائل الإسعاف، إضافة إلى بعد المراكز الصحية عن التجمعات السكنية في الأرياف.
تقول عربية عباسي، من منطقة حفوز بمحافظة القيروان، إن "المنطقة تسجل سنوياً عشرات الإصابات بلدغات العقارب والثعابين، وغالباً ما يكون التعامل معها بطرق تقليدية مثل (تشليط) مكان اللدغة، وامتصاص الدماء منها، ثم وضع بعض الأعشاب التي تساعد على امتصاص السم وتهدئة مكان اللدغة، وهي طرق متوارثة معتمدة في الكثير من المناطق الريفية. فالعديد من الأرياف تفتقر إلى المراكز الصحية، وأقرب مركز صحي قد يستغرق الوصول إليه ساعة أو أكثر. لذا، نلجأ إلى الطرق التقليدية التي تفيد في كثير من الحالات، لكنها تفشل أحياناً في إنقاذ الشخص، خصوصاً إذا كانت اللدغة شديدة السُّمية".
ويمثل فصل الصيف كابوساً لأهالي العديد من المناطق التونسية، وسجلت خلال العام الماضي، 6832 إصابة بلدغات عقارب و209 لدغات أفاعٍ، وأغلب الإصابات سجلت في جهات ريف وسط البلاد وجنوبها، وفي المناطق الصحراوية، وكانت غالبية الحالات لأطفال.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تداول كثيرون صوراً لزواحف يجدونها في بهو المنزل أو الساحات الخارجية، متسائلين عن أنواعها ومدى خطورتها، وعن الطرق التي تمنعها من الاقتراب أو من دخول المنازل.
ويعتمد سكان الأرياف والمناطق الجبلية التونسية طرقاً تقليدية متوارثة لإبعاد الأفاعي والعقارب عن مساكنهم، من بينها زراعة نباتات ذات روائح تنفر منها الزواحف بالقرب من المنازل، على غرار "الشيح" أو "الحرمل"، فيما يستخدم البعض أنواعاً من المبيدات الحشرية ذات الرائحة النفاذة لإبعاد الزواحف.
يقول بشير البجاوي، وهو صائد أفاعٍ معروف في تونس، إن "السنوات الأخيرة شهدت تسجيل ارتفاع كبير في أعداد الإصابات في عدة جهات، خصوصاً بالوسط والجنوب، ولا سيما في فصل الصيف. تلقيت منذ ارتفاع درجات الحرارة اتصالات عديدة من مواطنين يطلبون المساعدة في إخراج ثعبان أو أفعى من المنزل بسبب عدم الدراية بكيفية التصرف من دون التعرض لأذى، وأجهزة الحماية المدنية تتواصل معي أيضاً في حال مناداتها للتعامل مع الأفاعي السامة التي توجد في المنازل".
ويشير البجاوي إلى أن "الزواحف باتت تبحث عن قوتها في البيوت بسبب الجفاف والحرائق، إضافة إلى بحثها عن المياه بعد جفاف كثير من البحيرات والأودية، وبات بعض سكان الأرياف يتركون أواني مليئة بالمياه على مسافات بعيدة عن المنازل حتى لا تقترب الثعابين من محلاتهم السكنية، ومع ذلك لا يسلم العديد من سكان المناطق الجافة من الأفاعي والعقارب، ولا سيما في المحافظات الجنوبية".
ويقول عبد المجيد خماسي، وأحد سكان منطقة السند بمحافظة قفصة، إن "المنطقة تعتبر من بين أكثر مناطق تونس جفافاً، ويوجد فيها عدة أنواع من الأفاعي السامة، والأهالي يوفرون المياه في المناطق البعيدة عن التجمعات السكانية لدرايتهم أن الزواحف تقترب من التجمعات السكنية بحثاً عن الماء. لكن رغم ذلك، تسجل المنطقة سنوياً إصابات، ويجد الأهالي في بيوتهم أفاعي، على الرغم من الحذر والحيطة، وأغلبها خطرة، فضلاً عن العقارب التي توجد بأعداد كبيرة، والتي يعمل البعض على جمعها وبيعها لمعهد باستور، ما يخفف من وجودها".