لبنان: غواصة الإنقاذ تعجز عن انتشال "زورق الموت"

29 اغسطس 2022
خلال الاستعداد لإطلاق غواصة للعثور على حطام القارب (فاضل عيتاني/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أن قضية "زورق الموت" في طرابلس شمال لبنان عادت إلى نقطة الصفر في ظلّ عدم تمكّن طاقم الغواصة الهندية من انتشال المركب الغارق على عمق 459 متراً نتيجة صعوبات كبيرة تحول دون إنجاز المهمة، بالإضافة إلى الضحايا بعد تحلّل جثثهم التي مرّ على غرقها أكثر من 4 أشهر وتناثرها رماداً.

وقال النائب في البرلمان اللبناني أشرف ريفي إن "المهمة أنجزت بجزئها الأول بعد تحديد مكان المركب. أما انتشال المركب الذي غرز عميقاً في قعر البحر، فيحتاج إلى معداتٍ أكثر قدرة مما وفّرنا"، مطالباً الدولة اللبنانية وأجهزتها بـ "استكمال المهمة، وكان يفترض أن تبدأ بها منذ اللحظة الأولى لوقوع الكارثة".

وتبرع مغتربون لبنانيون في أستراليا بتكاليف الغواصة (حوالي 250 ألف دولار)، بمواكبة من جمال ريفي شقيق النائب الشمالي، في ظل تقصير فاضح من قبل الدولة اللبنانية التي لم تتابع القضية بجدية، وعدم امتلاكها وأجهزتها القدرات اللازمة على انتشال المركب.

ولفت ريفي في بيان، يوم الإثنين، إلى أن "فريق العمل يقوم حالياً بتوثيق كل مشاهداته وملاحظاته وما استجد معه طوال لحظات الغوص، بالإضافة إلى الصور والفيديوهات، وسنضع هذه المعلومات بين أيادي الأهل الذين نشاركهم مأساتهم، فنحن مستمرون بالمطالبة بتحمّل الدولة مسؤولياتها في هذه المهمة الإنسانية والوطنية".

وبدأت الغواصة مهامها يوم الإثنين الماضي، لكنها عادت وتوقفت نتيجة ارتفاع موج البحر، فكانت الغطسة الأولى الأربعاء الماضي، ووجدت المركب في اليوم التالي وحدّدت مكانه وقامت بتصويره من جوانب متعددة. كما تم العثور على بعض جثث المفقودين لكن نتيجة تحللها تناثرت رماداً عند محاولة انتشالها.

في المقابل، ومع عجز الطاقم عن انتشال المركب، هناك تعويل على الصور والفيديوهات التي التقطت له من جوانب عدّة لكشف ما حصل في تلك الليلة وتحديد المسؤوليات، وسط اتهامات بعض أهالي الضحايا والناجين الجيش اللبناني بإغراق المركب بعد ضربه، والتسبب بوفاة الركاب. في المقابل، يصر الجيش على القول إن المركب غرق نتيجة حمولة زائدة. ووضعت هذه الصور واللقطات كأدلة جديدة بيد القضاء.

ويقول ريفي لـ "العربي الجديد" إن "مهمة الغواصة انتهت، ولم تتمكن من انتشال الزورق الذي بات تحت الطمي بدرجة كبيرة، ولا يمكن تحريك الزورق إلا بمعدّات معينة لا تمتلكها الغواصة، التي لديها فقط بالونات هوائية تعجز عن ذلك".

ويلفت ريفي إلى أن "الجثث التي تم العثور عليها وتحديدها هي 11 فقط، علماً أنه يقدر عدد الذين غرقوا بحوالي 33 شخصاً معظمهم من النساء والأطفال. وننتظر التقارير المفصلة التي سيرفعها قائد الغواصة سكوت ووترز والتي تحتاج إلى وقت، ليضعها بتصرف الجيش والتحقيق والأهالي".

ويوضح ريفي أن "الأهالي حتماً غاضبون؛ إذ كانوا يعلقون آمالاً على عمل الغواصة وهذا حقهم الطبيعي. من هنا، نطالب الدولة التي تأخرت كثيراً ولم نسمع صوتها أبداً أن تقوم بواجباتها".

من جهته، يقول الوكيل القانوني عن بعض أهالي الضحايا المحامي محمد صبلوح لـ "العربي الجديد": "كان من المفترض أن تصلنا الصور التي التقطت بتقنية عالية، كالتي تحدث عنها قائد الغواصة. لكن تلك التي أتتنا غير واضحة، وهناك تناقضات ما تزال موجودة بشأن تعرض المركب لضربة من الأمام بانتظار التقرير الذي سيصدر عن قائد الغواصة". ويشير إلى أن "الشفافية غائبة بالتحقيقات وكلها تتم تحت عباءة الجيش في حين أنه طرف في القضية وعناصره متهمة فيها. من هنا، مطالباتنا بإحالة الملف إلى المجلس العدلي. حتى أن المؤتمر الصحافي لطاقم الغواصة، ومسار عملياتها تم كله بوجود وإشراف الجيش.

ويلفت صبلوح إلى أن مجموعة من المحامين (وهو من ضمنهم) تقدمت بطلب إلى النيابة العامة العسكرية في بيروت للاطلاع على أدلة جنائية، والاستماع لفريق الغواصة، وقد وعدوا بالنظر في طلبهم والبت به. وجاء في الطلب تعيين جلسة استماع من قبل النيابة العامة إلى القائد سكوت بحضورهم بهدف تدوين مشاهداته وإفادته في محضر التحقيقات كدليل جنائي مهم وحاسم في هذه القضية، وتكليف قائد الغواصة تسليم نسخته من التقارير والبيانات والصور والفيديوهات التي أكد أنه التقطها بنفسه لعملية البحث والغوص بنسخها الكاملة الأصلية أي من دون تقطيع. يضاف إلى ما سبق تمكين المحامين من "الاطلاع على جميع المستندات الموجودة في الملف الحاضر حالياً، وخصوصاً المستندات المطلوب إيداعها من قبل قائد الغواصة، تكريساً لشفافية الإجراء القضائي الحاضر ولعدم تعارض ذلك مع مصلحة التحقيق والعدالة، وتسطير كتاب إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المنظمات الدولية ذات الخبرة في عمليات انتشال الجثث، طلباً لإبداء رأيها ومساعدتها التقنية حول كيفية انتشال الجثث، واتخاذ كل ما يلزم من أجل التعجيل بانتشال المركب الغارق والكشف عنه جنائياً من قبل خبراء دوليين محايدين".

وذكر المحامون في الطلب أن قائد الغواصة أكد في المؤتمر الذي عقد الجمعة الماضية وجود ضربات وعلامات اصطدام واضحة في مقدمة المركب الغارق، وشرح بأن عدد الجثث التي تم العثور عليها لا يتجاوز ربع إلى ثلث عدد الركاب المفقودين، فيما ألمح قائد أركان البحرية العسكرية في الجيش اللبناني العقيد هيثم ضناوي إلى احتمال عدم انتشال المركب بذريعة أن الجثث الموجودة فيه قد تتفتت إلى أشلاء.

كما توقف المحامون عند ما ذكر خلال المؤتمر بوجود نية لتوجيه طلب إلى مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان من أجل حسم مسألة انتشال الجثث التي عثر عليها بداخله، وما إذا كان يجوز انتشالها بهدف إقامة الحداد عليها على الرغم من إمكانية تلف (تفتّت) بعضها إلى أشلاء، فيما أن القرار في هذه المسألة يعود إلى أصحاب الحقوق المشروعة أي أهالي الضحايا وحدهم دون غيرهم وهم يريدون ذلك إلى جانب انتشال الزورق.

المساهمون