أطلق تلاميذ في مدينة صيدا، جنوبي لبنان، حملة لجمع التبرعات المالية من أجل دعم أطفال قطاع غزة، في ظل الأوضاع الصعبة التي يتعرضون لها منذ بدء الحرب الإسرائيلية، إذ خلّف قصف الاحتلال أضراراً بالغة في مئات المباني السكنية، كما أصاب المدارس والمستشفيات في القطاع.
وقتل الآلاف من المدنيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، في عدوان الاحتلال المتواصل، كما فقد غالبية سكان القطاع مقومات الحياة الرئيسية، وعلى رأسها المياه والطعام، حتى أن المصابين لا يجدون مستشفى للعلاج.
تقول المسؤولة في مدرسة الفنون الإنجيلية بصيدا، هنريت خوري قزحيا: "بدأت مبادرة جمع التبرعات من طلاب السنة الثالثة، والفكرة أن يتبرع الطلاب بمبلغ مادي غير محدد، كل حسب قدراته المالية، على أن يخصص المال لأطفال غزة المحرومين من الأمان، والذين يعيشون في ظل نقص الطعام والماء. في مدرستنا طلاب من كل الطوائف والأديان، لكن رؤيتنا الأسمى هي الإنسان".
وتضيف: "أطفالنا يحسون بأقرانهم، ولم يتقبلوا فكرة أن تكون حياة أطفال غزة على هذا الشكل، وأن تكون طفولتهم مهددة من قبل العدو الصهيوني الذي يستهدفهم بشكل متعمد في عدوانه على غزة، ونحن نعمل على مساعدة الطلاب في تنظيم المبادرة، وعندما تنتهي عملية التبرع، سنعطي المبلغ للصليب الأحمر اللبناني، وهو بدوره سيوصله إلى المعنيين القادرين على إيصاله إلى غزة".
وقال الطالب في السنة الثالثة محاسبة ومعلوماتية، محمد حجير، وهو ابن لاجئين من طيرة حيفا: "اقترح طلاب صفي حملة التبرع لأطفال غزة على إدارة المدرسة، والإدارة وافقت على إطلاق الحملة. العدو الصهيوني يقصف البيوت ويشرد الأطفال ويقضي على مستقبلهم، ويحرمهم من العيش بأمان، كما يحرمهم من الماء والطعام، وحتى الدواء، ويستهدفهم في المدارس التي لجأوا إليها، وما نقوم به هو أقل ما يمكن فعله لدعمهم، وبعد الانتهاء من الحملة سنعطي المبلغ الذي جمعناه للصليب الأحمر اللبناني، وهو بدوره يوصله إلى أهلنا في غزة".
ويقول زميله محمد حسين مقشر، من بلدة العديسة: "نريد مساعدة أطفال غزة، فالعدو يستهدفهم خلال المعارك، والكثير من الشهداء لايزالون تحت الركام، ومنهم من انتشل حيّاً، لكن بعد قصف بيوتهم لم يتبق لهم مأوى، ونحن مقبلون على فصل الشتاء، ومن حقهم الحصول على الدفء، والحصول على الملابس والأغطية الشتوية، وهذه الحملة لن تتوقف، بل ستظل مستمرة طالما أن أهلنا في غزة بحاجة إلى الدعم".
وقالت الطالبة تيا مقبل، من بلدة كفرحتى، والمقيمة في صيدا: "قررنا دعم أطفال غزة لأننا نرى يومياً حجم الدمار الحاصل هناك، والعالم كله يرى هذه المشاهد، لكنه لا يقدم لهم المساعدة. من واجبنا كطلاب أن نقوم بجمع التبرعات لنساعد طلاب مثلنا حرموا من كل شيء، إذ حرموا من التعليم، وحرموا من منازلهم، وبعضهم حرموا من أهلهم، بالإضافة إلى أنهم محاصرون منذ سنوات، وهذا أقل ما نستطيع القيام به تجاه أطفال غزة. في النهاية، القضية الفلسطينية هي قضيتنا أيضاً، وسنظل نعمل على مساعدتهم حتى تتحرر فلسطين، لأنه من حق هؤلاء الأطفال أن يعيشوا، ويتعلموا، ويحققوا أحلامهم، وأن يتوقف القصف الذي يحرمهم من أن يعيشوا كأطفال".
من جانبه يؤكد الناظر بالمدرسة الإنجيلية، جهاد صيقلي: "دعمنا فكرة الطلاب لأن أقل شيء يمكن القيام به هو أن ندعم في غزة وأطفالها بالتبرعات، فالوحشية التي تمارس ضدهم تحرمهم من كل شيء، وتبرعاتنا البسيطة يمكن أن نعبر من خلالها عن دعمنا لهم، وحزننا بسبب ما يتعرضون له، خاصة ما يحصل للأطفال، ولا تزال صورة الطفل محمد اللولي الخائف المفزوع من القصف تترك أثرها في نفسي، ومثله الكثير من الأطفال الذين ارتكبت بحقهم المجازر. هذه الحملة تعزز روح التعاون بين أطفال مدرسة الفنون الإنجيلية، ونحن ندربهم على المحبة، وعلى مبادئ الوحدة العربية".
ويقول الطالب أندرو مدلج، من بلدة عقتنيت: "المشاهد التي نراها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من غزة كلها مبكية، وما نراه من وحشية العدو ضد أطفال غزة غير إنساني، وغير مقبول، لذا قررنا القيام بتنظيم حملة التبرع لصالح أطفال غزة، حتى نتمكن من مساعدتهم بالشيء الممكن، فالأطفال معرضون لممارسات بشعة تحت القصف، والوضع مأساوي في غزة، والمستشفيات قصفت، وليس هناك طعام ولا مياه، ولو أنه لدى هذا العالم ضمير لما حدث هذا أبداً".