استمع إلى الملخص
- الصندوق يؤكد على الرعاية المتكاملة للأطفال المصابين، مثل آدم الذي فقد أفراد من عائلته ويتلقى الآن العلاج في بيروت بعد فترة علاج في مصر.
- تأسس الصندوق في يناير 2024 بإشراف الدكتور غسان أبو ستة، لتوفير العلاج الشامل لأطفال غزة المصابين وإعادة بناء الكوادر الطبية في غزة، مع التحديات مثل استصدار الأوراق الثبوتية للمصابين.
قدّم "صندوق غسان أبو ستة للأطفال" خلال مؤتمر صحافي عُقد اليوم الأربعاء في بيروت، إحاطة شاملة حول مستجدّات علاج آدم، أوّل طفلٍ جريحٍ يصل من غزة للعلاج في لبنان، وذلك بعد إصابته في قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلته في جباليا.
ومنذ وصوله إلى بيروت في 27 مايو /أيار الماضي، يتابع آدم رحلة علاج شاقة ليده اليسرى داخل المركز الطبي في الجامعة الأميركية، مع التركيز على توفير مناخٍ نفسيٍّ إيجابي له بالنظر إلى أهميته في مسيرة التعافي، فكان أن حرص داعمو ومتطوعو صندوق غسان أبو ستة للأطفال على إخراج ابن الخمس سنوات من المستشفى مؤقتاً لمرافقته في نزهةٍ إلى الطبيعة للترفيه عن نفسه خلال عطلة نهاية الأسبوع.
فلسفة صندوق غسان أبو ستة للأطفال
وتشمل رحلة علاج آدم مراحل متعدّدة، في ظلّ دقّة وضع يده اليسرى، مع التركيز على أهمية إعادة التأهيل، إذ أن فلسفة "صندوق غسان أبو ستة للأطفال" ترتكز على ترميم الحياة بالتزامن مع ترميم الأجساد، من هنا ضرورة إعادة تأهيل الأطفال وتعزيز قدراتهم، وتقديم الرعاية الطبية والجسدية والنفسية والاجتماعية لهم.
وتعرّض آدم لإصابة خطيرة في يده اليسرى نتيجة قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي منزل أسرته في جباليا في 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ استشهد عددٌ من أفراد عائلته، منهم والده وشقيقته وجدّته، وثلاثة من أولاد خاله، وعمّته، فيما تتلقى والدته العلاج في مصر، كما أن شقيقه أيضاً يعاني من إصابة بالغة.
في الإطار، يقول عيد عفانة، عمّ الطفل آدم، الذي حضر معه إلى بيروت ويرافقه في رحلة العلاج: إنّ "وضع آدم أفضل اليوم معنوياً، لكن إصابته صعبة، فهناك تهتّك باليد، وتضرّر بأعصابها وعضلاتها"، مشيراً إلى أنّنا "لا نعرف بعد خطة العلاج كلها وخصوصاً المدة التي تتطلّبها، وكلنا أمل بنجاحها لنعود إلى مصر ومنها إلى غزة".
ويشير عفانة لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "منزل آدم تعرّض للقصف الإسرائيلي في جباليا في أكتوبر الماضي، وكانوا انتقلوا إليه حديثاً، حيث استشهد عددٌ من افراد عائلته، منهم والده وشقيقته وجدّته، وثلاثة من أولاد خاله، وعمّته أي شقيقتي، فيما والدته تتلقى العلاج في مصر ووضعها يتحسّن، وشقيقه أيضاً تعرّض لإصابة بالغة"، لافتاً إلى أن "والد آدم نُقل بداية إلى مستشفى الشفاء ثم الوفاء، وكان تعرّض لإصابة خطيرة في الرأس، وخضع لأكثر من عملية جراحية لكنه للأسف استشهد في ظل قلة الإمكانات الطبية".
ويلفت عفانة إلى أنّ "آدم نُقل إلى مصر في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي، حيث بقي في المستشفى حوالي 6 أشهر، قبل انتقاله منذ نحو أسبوع إلى بيروت وذلك لتلقي العلاج الطبي والرعاية النفسية والاجتماعية والتأهيلية"، مشيراً إلى أنّ "مسار العلاج طويل، ولكن ما يقدّمه الصندوق له مميز جداً، وطريقة التعاطي مع آدم أكثر من رائعة ومفيدة له نفسياً، فهو يشعر كأنه في فندق وليس داخل مستشفى، ونأمل أن يؤثر ذلك إيجاباً على وضعه ككلّ".
مهمة صندوق غسان أبو ستة للأطفال
بدوره، يقول الدكتور غسّان أبو ستّة، جراح ترميم وأخصائي إصابات حروب، لـ"العربي الجديد": إنّ "مهمة الصندوق تكمن في نقل الأطفال مصابي حرب الاحتلال على غزة بجروح خطيرة مع أحد أفراد عائلتهم وتوفير العلاج الشامل لهم في لبنان قبل العودة إلى وطنهم لمتابعة تعافيهم"، مشيراً إلى أنّ "المبادرة في الشقّ الأول منها مبنيّة على أنّ الحرب شنّتها إسرائيل على أطفال غزة، بحيث أنّ نصف الجرحى هم من الأطفال، وهناك أكثر من 10 آلاف طفل يحتاجون إلى علاج ضروري".
من ناحية ثانية، يشير أبو ستّة في حديثه مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "الاختيار وقع على لبنان بالنظر إلى أنّ قطاعه الصحي هو الأكثر تخصّصاً في العالم، بهذا النوع من الإصابات المعقّدة والمركّبة، وذلك للأسف نتيجة الحروب التي عانى منها وتالياً الخبرات المتراكمة داخل القطاع الصحي اللبناني، الذي يعد المكان الطبيعي لعلاج هذه الإصابات".
كذلك، يلفت إلى أنّ "من أساسيات المبادرة أيضاً إعادة بناء الكوادر الطبية، إذ إن إسرائيل اغتالت أكثر من 400 طبيب وممرّض ومسعف، وذلك بهدف القضاء على جيلٍ كاملٍ من القطاع الصحي، منهم 55 استشارياً واختصاصياً، من هنا فإنّنا نسعى إلى خلق منحٍ لتخصّصات الدراسات العليا ربطاً بالتخصّصات التي تم استهداف كوادرها".
ويشير أبو ستّة إلى أننا "نعمل طبعاً على نقل مصابين آخرين من الأطفال إلى لبنان، لكن المشكلة تكمن في التأخير الناتج عن أن معظم الأشخاص الذين خرجوا من الركام في غزة، غادروا من دون أوراقهم الثبوتية، لذلك نحن نعمل في مصر مع الجرحى لاستصدار أوراق ثبوتية بغية نقلهم وإحضارهم إلى بيروت".
وتأسّس صندوق غسان أبو ستة للأطفال في أوائل يناير/كانون الثاني 2024، بمبادرة من مجموعة أفراد متعدّدي التخصّصات في لبنان وبإلهام من الجراح البريطاني الفلسطيني الدكتور غسّان أبو ستّة وتحت إشرافه. وعمل أبو ستّة في مستشفيات شمال غزة خلال الأسابيع الأولى من الإبادة الإسرائيلية، حتى شحّت الموارد لدرجة أنه أصبح عاجزاً عن إجراء العمليات الجراحية الأساسية، ومنذ ذلك الحين، دمّر الاحتلال القطاع الطبي في غزة، ممّا حرم سكان القطاع من الوصول الآمن إلى الرعاية الأولية والثانوية.