لبنان: الحقيبة المدرسية من الكماليات

29 سبتمبر 2022
تعد أسعار الحقائب مرتفعة (حسين بيضون)
+ الخط -

هذا العام، أخبرت لينا أولادها الأربعة أنها لم تتمكن من شراء حقائب وقرطاسية جديدة هذا العام. فهي ربة منزل وزوجها بات عاطلاً من العمل في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان. تقول: "تحمل ابنتي الحقيبة نفسها منذ ثلاث سنوات وهي الآن في الصف الأول ثانوي، وهذه مرحلة حساسة جداً. لكن ما العمل؟ أسعار الحقائب الجديدة تفوق قدرتنا، وخصوصاً أن جميع أطفالي في المدرسة. أحاول التخفيف عن ابنتي فأخبرها أن الحال سيتغير والأهم هو الشهادة". تتابع: "نخفي الحقيقة عن أطفالنا لتهدئتهم. طلب ابني حقيبة جديدة، فحاولت إقناعه بأن حقيبته ما زلت جيدة، ويمكنه استخدامها هذا العام. لكن الحقيقة أنها لم تعد صالحة إذ كانت لشقيقته واستعملها بدوره. استعنت بجارتي الخياطة لترقيع ما أفسدته سنوات الاستخدام. ليس لدينا حلول أخرى على أمل أن نصبح قادرين على شراء ما يلزمهم في المستقبل". 
تضيف لـ "العربي الجديد": "هذا العام هو الأصعب حتى في ما يتعلق بالقرطاسية. أسعار الدفاتر ولوازم التجليد ومغلفات النايلون وغيرها بالدولار. نتمنى من الدولة إعادة النظر بأوضاع تلاميذ المدرسة الرسمية ودعمهم لنستمر بتعليمهم".

الصورة
هل سيحصل على الحقيبة التي يريد؟ (حسين بيضون)
هل سيحصل على الحقيبة التي يريد؟ (حسين بيضون)

وتتراوح أسعار الحقائب المدرسية بما بين 15 و25 دولاراً أميركياً للحقيبة الواحدة بحسب حجمها ونوعيتها. واختلفت الأسعار بالمقارنة مع السنوت الماضية، على الرغم من أن التجار يبيعون بضائعهم المكدسة ولا يرغب كثيرون في شراء  بضاعة جديدة بانتظار حلحلة بعض الأمور العالقة، إلا أنهم يسعون إلى تعويض خسارتهم الناتجة من انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية خلال العامين الماضيين.  

من جهتها، تقول فاطمة وهي أم لطفلين في السابعة والتاسعة من عمرهما في المرحلة الابتدائية: "لم يعد باستطاعتي شراء حقيبة جديدة في بداية كل عام دراسي. رحت أتصفح بعض الصفحات التي تعرض حقائب مستعملة وغيرها من اللوازم، إلا أن الأسعار كانت متقاربة، وتبدأ من مليون ليرة لبنانية للحقيبة الواحدة في حال كانت حالتها جيدة. أما الأقل سعراً فحالها سيئ، فعدلت عن خيار شراء حقيبة مستعملة". تتابع: "في المرحلة الابتدائية، تتغير المتطلبات الدراسية، وبات ولداي بحاجة إلى حقائب أكبر. التجار لا يرحمون والمدارس تكدس الكتب في الحقائب يومياً، وقد وصل وزن حقيبة ابني العام الماضي إلى 7 كيلوغرامات، فحشوتها بطبقات إضافية حتى لا تتمزق. لكن في النهاية لم تصمد طويلاً وقررت تركها للتخييم". 

الصورة
هل سيحصل على الحقيبة التي يريد؟ (حسين بيضون)
يسعى تجار إلى تعويض خسارتهم بفعل الأزمة الاقتصادية (حسين بيضون)

وتقول فاطمة لـ "العربي الجديد": "الخذلان الذي يعيشه طفلاي ليس سهلاً. أحلامهما بترت بعدما تغيرت الأولويات. لم نعد نستطيع تأمين كل احتياجاتهما المدرسية بالكامل، ونعتمد على ما لدينا لتسيير الأمور، وهذا لم يعجبهما في البداية لكنني أحاول إقناعهما ريثما أجد حلولاً مختلفة". تضيف: "المشكلة في لبنان هي غياب الحقائب الجيدة المحلية الصنع، ليضطر الأهالي إلى شراء تلك المستوردة بأسعار مرتفعة". 

نسرين، وهي أم لطفلين في المرحلة الابتدائية، تشير بدورها إلى أن الأوضاع الاقتصادية لن تسمح لها بشراء حقائب جديدة. "أخبرت ابني أنني لن أشتري له حقيبة هذا العام. ففي منتصف العام الماضي، اشتريت له حقيبة جديدة وأقنعته بأن عليه أن يحافظ عليها لسنوات عدة بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية". تضيف: "حتى الكتب المدرسية لم تكن جديدة هذا العام، إذ اعتمدت على شراء الكتب المستعملة. لم يتأثر ابني على عكس شقيقته التي باتت في الصف الثامن، إذ تشعر بالخجل قليلاً من صديقاتها، وأكدت عليّ أن أنظف الكتب المستعملة التي أشتريها جيداً كي لا يشعر أحد أنها مستعملة. كما طَلَبت وبإصرار حقيبة جديدة تتناسب مع الموضة".

الصورة
هل سيحصل على الحقيبة التي يريد؟ (حسين بيضون)
عائلات كثيرة لم تشتر حقائب جديدة لأطفالها (حسين بيضون)

أما زهراء، وهي أرملة توفي زوجها قبل ثماني سنوات وأم لطفلين، فتقول لـ "العربي الجديد": "ابني الأكبر تخرج من الجامعة العام الماضي، في وقت ما زال الثاني في المرحلة الابتدائية في مدارس جمعية المبرّات الخيرية، وهذا لا يعني أن المدرسة مسؤولة عن القرطاسية أو الحقيبة المدرسية". تضيف وقد جالت على مجموعة من المحال في الجنوب اللبناني: "وجدت أن أسعار الحقائب المدرسية تفوق العشرين دولاراً، وهذا ليس رقماً بسيطاً إذ إن دخلي محدود. أما أسعار الدفاتر، فتجاوزت ما هو متوقع، إذ إن سعر الدفتر الواحد يبدأ من خمسة دولارات، عدا عن الأقلام وباقي القرطاسية والطباعة والتصوير والتجليد". 

المساهمون