تُواجه الطواقم الطبيّة في مراكز العزل الخاصة بمرضى كورونا في ليبيا مخاطر كثيرة وسط تجاهل السلطات لأوضاعهم وعدم تأمين احتياجاتهم الأساسية. ليست لدى اللجنة العليا لمكافحة وباء كورونا في البلاد أرقام حول عدد الوفيات بين الأطباء من جراء كورونا، إلا أن وسائل إعلامية عدة تناقلت أنباء عن وفاة عدد منهم، منهم حسن الصلابي، نهاية الشهر الماضي، في أحد مستشفيات بنغازي. وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نعت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني الطبيب رأفت عبد العال. وفي غريان (إحدى المدن الليبية التي تقع في الجزء الشمالي الغربي لليبيا على قمة الجبل الغربي)، نعت لجنة الطوارئ لمكافحة الوباء في المدينة الطبيب عيسى الأبيض، الذي توفي في أغسطس/ آب الماضي.
وبسبب تعدّد جهات الطوارئ وانقسام اللجنة العليا لمكافحة الوباء تبعاً للانقسام السياسي في البلاد، يقول المسعف الذي يعمل في بنغازي عبد الخالق نجم الدين إنه ما من إحصائيات دقيقة لعدد الوفيات في صفوف الأطباء والعاملين في القطاع الصحي. ويلفت نجم الدين، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن "القطاع الصحي لا يجب أن يوفر الحماية للطبيب فقط، إذ إن الكثير من العاملين في القطاع الصحي يواجهون خطر الموت يومياً".
وفي ما يتعلق بعدد الإصابات في صفوف الطواقم الطبية، يؤكد نجم الدين أن عدداً كبيراً من الأطباء وعمال القطاع الصحي أصيبوا بالمرض، منهم ثمانية من العاملين في مركز العزل في مدينة سبها (تقع في الجزء الجنوبي الغربي وتبعد عن مدينة طرابلس نحو 750 كيلومتراً)، بالإضافة إلى آخرين في مناطق أخرى بعيدة.
أما في طرابلس، فيصف الطبيب نوري عاشور الوضع الصحي بـ"الكارثي"، ويوضح أن الأطباء والعاملين يعتمدون في الكثير من الأحيان على أنفسهم لشراء معدات الوقاية الأساسية.
وفي ظل تفشي الفساد في وزارتي الصحة، يقول عاشور، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إن مستلزمات الأطباء والعاملين في القطاع التي حصلت عليها شركات خاصة كانت دون المستوى المطلوب، موضحاً أن اللباس الواقي الذي يتوجب على الطبيب والعاملين في القطاع ارتداءه مصنوع من قماش رديء. بالإضافة إلى ما سبق، يشير إلى نقص في الكوادر الطبية بسبب قلة المعدات الوقائية، معتبراً أن هذا مبرر في ظل إهمال السلطات للطبيب الذي لن يجازف بحياته. وسبق أن أعلنت بلدية حي الأندلس في العاصمة طرابلس، عن إغلاق كل مكاتبها الصحية ومراكزها بسبب خلوها من المستلزمات الخاصة بحماية الأطباء وعلاج المرضى، مع تزايد نسبة تفشي الوباء.
ولا يختلف الوضع جنوباً، إذ يؤكد المسؤول في مكتب الصحة في سبها صالح المجبري، أن السلطات غائبة تماماً عن متابعة الواقع في بلديات الجنوب الـ13. يضيف أن عدداً من الأطباء والمسعفين غادروا مراكز العزل. ويؤكد في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مركز العزل في سبها يعمل فيه فقط سبعة أطباء ونحو 15 طبيباً مساعداً. يتابع: "باتت المهنة بمثابة كفاح، حيث يوفر الأطباء مستلزمات الحماية، كالملابس والأقنعة، من مالهم الخاص"، مشيراً إلى أن من مظاهر تفشي الفساد توفر معدات الوقاية للطبيب في الأسواق وخلو مخازن وزارتي الصحة منها.
الوضع "المجحف بحق الطبيب"، كما يصفه المجبري، هو أكثر صعوبة مما سبق، فتأخر سداد أجور الأطباء والمسعفين شكل عائقاً آخر لمواجهة تفشي الوباء، إذ إن غالبية العاملين في قطاع الصحة يعملون كمتطوعين ولم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر. وتعد ليبيا من المناطق الأعلى في معدلات انتشار المرض من بين دول الشمال الأفريقي. وتؤكد تقارير أممية أن عدد الوفيات هو 22 حالة وفاة لكل 100 ألف شخص.
لم تتمكن "العربي الجديد" من الحصول على تعليق من الجهات المسؤولة، إلا أن الناشط مالك هراسة يؤكد صحة المخاوف التي أبداها الأطباء، لافتاً إلى أن دولاً عديدة تجاوزت مرحلة حماية الطواقم الطبية، لأهمية المسألة من جهة، ولتعزيز فعالية القطاع الصحي لمواجهة خطر الفيروس من جهة أخرى. ويتحدث هراسة لـ"العربي الجديد"، عن أهمية حماية الطواقم الطبية كونهم يتنقلون بين المرضى، ما يجعلهم سبباً مباشراً لنقل العدوى بين المصابين وغير المصابين، بالإضافة إلى إمكانية إصابة عائلاتهم بالمرض، ما يساهم في زيادة رقعة تفشي المرض. ويشير هراسة إلى أن نقص الكوادر الطبية ينعكس سلباً على مجابهة المرض. ولن يحصل الأطباء ومساعدوهم على القسط المطلوب للراحة والتغذية الجيدة، التي حددتها منظمة الصحة العالمية، وخصوصاً العمل وفق نظام المناوبة.