لا جودة تعليم في ليبيا: صدمة غير مستغربة

16 يونيو 2022
لا توفر المدارس الليبية الجودة في التعليم (محمود تركية/ فرانس برس)
+ الخط -

لم تُدرج ليبيا وخمس دول عربية هي اليمن والصومال والعراق وسورية والسودان في التصنيف الجديد للدول على صعيد جودة التعليم الذي نشره منتدى دافوس.
وقد واجه الرأي العام الليبي أخيراً صدمة استبعاد ليبيا من المؤشر السنوي للدول الأفضل على صعيد جودة التعليم الذي يصدره منتدى "دافوس"، في حين حاولت السلطات امتصاص هذه الصدمة والجدل الذي أحدثته عبر تقديم عدد من الأسباب والمبررات.
وانقسمت الآراء في الأوساط الليبية بين الاحتجاج على الإهمال الحكومي لقطاع التعليم، وبين المطالبة بضرورة تحميل المسؤولية للجميع وعدم حصرها في السلطات.
واستند التصنيف السنوي للدول الأفضل على صعيد جودة التعليم، على معايير مواكبة المؤسسات التعليمية للتطوير والبحث والتدريب العالمي، ومستوى الدعم الاقتصادي للمؤسسات التعليمية، وواقع امتلاكها وسائل تكنولوجية حديثة ومناسبة لسوق العمل، وغيرها.
وتعاملت وزارة التعليم في حكومة الوحدة الوطنية مع موجة الغضب والأسئلة التي طرحت حول أسباب استبعاد ليبيا من مؤشر الجودة العالمي للتعليم، بتأكيد عملها لتشكيل لجنة لفحص المناهج وتوحيدها والتأكد من محتواها، وتهيئة الظروف المناسبة لاستعادة العملية التعليمية شكلها المناسب وسط التحديات الكبيرة التي تواجهها.
وأبدى الناشط المدني خميس الرابطي استياءه من انحدار مستوى التعليم في البلاد، لكنه لم يستغرب الواقع السيئ، وقال لـ"العربي الجديد": "كيف نستغرب ذلك في ظل وجود حكومة لم تستطع توفير الكتاب المدرسي لعدة أشهر، أي أبسط أدوات التعليم، ولم توضح حتى الآن مبررات هذا الإخفاق المخجل".
وحفلت منصات التواصل الاجتماعي بالتعليق على الإعلان. واعتبر الصحافي الليبي عبد الرزاق الداهش أن "التعليم في ليبيا في وضع النكبة لا يحتاج إثباته إلى تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي"، فيما اعتبرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الأهلية خروج التعليم في البلاد من تصنيف الجودة العالمي للتعليم "مؤشراً لانتكاسة منظومة التعليم التي تتطلب موقفاً جدياً ومسؤولاً على صعيد السياسات والخطط وبرامج المؤسسات التربوية والتعليمية في ليبيا".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبالتزامن مع الجدل حول أسباب ونتائج الوضع التعليمي في ليبيا وخروجها من التصنيف العالمي، تناقلت منصات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع صوراً أظهرت نقل عدد من موظفي وزارة التعليم حقائب كبيرة داخل مطار طرابلس الدولي تحتوي على أسئلة الامتحانات النهائية للعام الدراسي الحالي من أجل توزيعها على المدارس الخارجية الخاصة بالجاليات الليبية في الخارج، وسط تعليقات انتقدت عجز وزارة التعليم عن استخدام الوسائل الإلكترونية لإرسال الأسئلة وتوزيعها على المدارس في الخارج.

لم تستطع الحكومة الليبية تأمين الكتاب المدرسي لعدة أشهر (جيلز كلارك/ Getty)
لم تستطع الحكومة الليبية تأمين الكتاب المدرسي لعدة أشهر (جيلز كلارك/ Getty)

وكتب أحد المدونين ساخراً على موقع فيسبوك: "يقال إن هذه الصور التقطت في صيف عام 2022 وليس في سبعينيات القرن الماضي"، فيما تساءل مدون آخر حول تكاليف سفر أعضاء الوفود والإقامات لتوزيع الأسئلة على مدارس تتوزع على 36 بلداً، وقال: "كان يكفي الضغط على زر بريد إلكتروني لتوزع الوزارة الأسئلة خلال ثوانٍ، هذا أمر مستغرب جداً".
في المقابل، شكك عدد من المتابعين في صحة المعايير التي اعتمد عليها المؤشر العالمي. وكتب عضو المجلس الأعلى للدولة (أحد مكونات القيادة السياسية في البلاد)، سعد بن شرادة، على "فيسبوك": "مؤشر جودة التعليم الخاص ليبيا غير دقيق، والتصنيف المتداول على صفحات التواصل الاجتماعي يفتقد المصداقية والمعايير الصحيحة".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وفي سياق التعليقات، تساءلت حميدة الناعوس، وهي مفتشة تربوية، في حديثها لـ"العربي الجديد"، عن أسباب إلقاء اللوم بالكامل على المؤسسات الرسمية الحكومية، وقالت: "ألا تلعب الأسرة دوراً في توجيه مهارات الأبناء الخاصة للتعامل مع التقنيات ومنتجاتها تمهيداً للإفادة منها في تطوير تحصيلهم العلمي؟".
أضافت الناعوس أنّ "دورات التقوية وتعليم اللغات وغيرها من الأساسيات متاحة مجاناً عبر الإنترنت، فلماذا التعويل على المدارس والتعليم في تحصيل هذه المهارات وتطويرها. أنا أقرّ بما يعانيه التعليم في البلاد وبأن الواقع مؤلم، لكن دور المجتمع والأسرة كبير في دعم المؤسسة التعليمية، والاتكال عليها فقط خطأ كبير، والتصريحات والتعليقات الناقدة للمؤسسات التعليمية وجهت الرأي العام في اتجاه يضر ولا ينفع".

المساهمون