لاجئون في اعتصام مفتوح جنوبي تونس: مطالب بالترحيل نحو وجهات آمنة

16 مارس 2023
تحرّك سابق أمام مقرّ مفوضية اللاجئين في مدينة جرجيس التونسية (تسنيم الناصري/الأناضول)
+ الخط -

لليوم الثالث على التوالي، يواصل أكثر من 40 لاجئاً وطالب لجوء في مدينة جرجيس، جنوب شرقي تونس، اعتصامهم المفتوح أمام مقرّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مطالبين بترحيلهم نحو دول أخرى توفّر لهم ظروف عيش آمنة. ويأتي ذلك بعد تعرّضهم لتضييقات عقب القرار التونسي الأخير القاضي بترحيل المهاجرين الوافدين من دول أفريقيا جنوب الصحراء المقيمين في البلاد بطريقة غير نظامية.

وأعلن اللاجئون المعتصمون في جرجيس، وهم من جنسيات أفريقية مختلفة، بدء الاعتصام أوّل من أمس الثلاثاء، بعد تعرّض عدد منهم إلى المضايقات والحرمان من السكن والشغل على الرغم من أنّ هؤلاء يحملون وثائق تثبت حصولهم على لجوء أو تقدّمهم بطلبات لجوء.

يقول اللاجئ السوداني أحمد عبد الله لـ"العربي الجديد" إنّ "المعتصمين قرّروا القيام بتحرّكات احتجاجية أمام مقرّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بسبب الخوف والقلق اللذَين يعيشهما اللاجئون وطالبو اللجوء في مدينة جرجيس". ويوضح عبد الله أنّ "ثمّة لاجئين وطالبي اللجوء يقيمون في مساكن تستأجرها لهم المفوضية، لكنّ آخرين محرومون من الحقّ في السكن ويواجهون بالتالي ظروفاً صعبة بعد إنهاء أصحاب الأملاك عقود الإيجار ورفضهم تجديدها خوفاً من اتّهامهم بإيواء مهاجرين في أوضاع غير قانونية".

يضيف عبد الله: "ثمّة طالبو لجوء كانوا يتدبّرون أمور إقامتهم ويعملون في مجالَي البناء والزراعة، غير أنّهم صاروا حالياً بلا عمل ولا مسكن، بعد الحملة الأخيرة التي استهدفت المهاجرين".

يُذكر أنّ هذه الحملة الأخيرة بدأت في فبراير/شباط الماضي، بعد التصريحات التي أدلى بها الرئيس التونسي قيس سعيّد التي وُصفت بـ"المقلقة جداً" وبـ"العنصرية"، إذ شدّد على ضرورة اتّخاذ "إجراءات عاجلة" لوقف تدفّق "جحافل المهاجرين غير النظاميين" من أفريقيا جنوب الصحراء، لافتاً إلى أنّ هذه الظاهرة تؤدّي إلى "عنف وجرائم"، وهي جزء من "ترتيب إجرامي لتغيير التركيبة الديمغرافية" للبلاد. 

ويطالب اللاجئون بحسب عبد الله بـ"ترحيلهم نحو بلدان أخرى تكفل لهم حقّ اللجوء دون مضايقات أو ممارسات عنصرية ضدهم". ويؤكد: "نحن نواجه الضغوط والإقصاء والرفض المجتمعي، وهو ما يتعارض كلياً مع كلّ القوانين والمواثيق الدولية التي تحمي حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء". ويلفت بالتالي إلى أنّ اعتصامهم أمام مقرّ المفوضية "خطوة أولى قد تليها خطوات احتجاجية أخرى، من بينها نقل الاعتصام من جرجيس إلى المقرّ المركزي للمفوضية بالعاصمة تونس".

في ظلّ الظروف المستجدة بعد تصريحات سعيّد الخاصة بالمهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء، يشدّد اللاجئون وطالبو اللجوء أنّ وضعهم مختلف عن وضع هؤلاء المهاجرين غير النظاميين، وينتقدون طول مسار الحصول على صفة لاجئ التي توفّر لهم نوعاً من الحماية في وجه الملاحقات الأمنية بتهمة "الإقامة غير الشرعية" في تونس.

ويقول المدير التنفيذي للمجلس التونسي للاجئين عبد الرزاق الكريمي لـ"العربي الجديد" إنّ "عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس يفوق تسعة آلاف"، شارحاً أنّ "تسوية أوضاع إقاماتهم تتمّ سنوياً في إطار الحصص التي تقرّرها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك مع نحو 600 وضع". ويشير الكريمي إلى أنّ "كثيرين من طالبي اللجوء لا يملكون هويات، الأمر الذي يصعّب تحديد جنسياتهم وأعمارهم، وبالتالي يجبر المسؤولين على إجراء تحريات تمتدّ لأشهر قبل البتّ النهائي في الملفات".

وفي عام 2022 الماضي، نظّم لاجئون وطالبو لجوء في محافظات الجنوب التونسي سلسلة من التحرّكات الاحتجاجية من أجل لفت نظر السلطات التونسية والمنظمات المهتمة بشؤون اللاجئين إلى خطر تنامي الممارسات العنصرية التي تستهدفهم، مطالبين بوضع سقف زمني للإجابة عن مطالب اللجوء التي يتقدّمون بها وذلك وفق القوانين والمعاهدات الدولية المنظّمة للجوء.

كذلك طالب هؤلاء المحتجون حينها بالتسريع في البتّ في مطالب اللجوء من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنح الذين يتقدّمون بطلبات للحصول على هذه الصفة الموافقة أو الردّ على طلباتهم في مدّة لا تتجاوز ستّة أشهر، بحسب ما تنصّ عليه القوانين الدولية ذات الصلة.

المساهمون