لاجئون باكستانيون في أفغانستان بلا فرص للعودة

03 يونيو 2023
موجات النزوح متبادلة بين باكستان وأفغانستان (باولا برونستين/ Getty)
+ الخط -

يعم القلق والترقب القبائل القاطنة على الحدود الأفغانية الباكستانية في ظل عودة العنف إلى مناطق شمال غرب باكستان، وتحديداً في مقاطعتي شمال وجنوب وزيرستان، وثمة مخاوف من تجدد موجات النزوح، خاصة إذا بدأ الجيش الباكستاني عملية مسلحة قررها مجلس الأمن الوطني في 7 إبريل/نيسان الماضي. لكن يبدو أن الاحتقان السياسي يحول دون إتمامها حتى الآن.
وتوحي أعمال العنف المتواصلة إلى أن تلك العملية باتت وشيكة على الرغم من تباطؤ القوات الباكستانية، ما يزيد من مخاوف قبائل المنطقة التي تخشى أن تحل بهم كارثة جديدة على غرار ما جرى سابقاً بعد عمليات للجيش الباكستاني في تلك المناطق، وتحديداً بعد عملية كبيرة جرت في عام 2014 ضد التنظيمات المسلحة.
من مقاطعة جنوب وزيرستان، يقول الزعيم القبلي، سمندر خان، لـ"العربي الجديد": "نعتقد أن كل ما يحصل في منطقتنا ليس إلا جزء من لعبة كبيرة من أجل إخلاء المنطقة من سكانها، ومن أجل ذلك بدأت التنظيمات المسلحة تنشط مجدداً كما كان الأمر بداية من عام 2002 حتى عام 2014. في أبريل الماضي، قررت الحكومة شن عملية مسلحة موسعة، لكنها لم تصل إلى مبتغاها لأن هناك يقظة كبيرة بين القبائل التي أصبحت ضحية الحرب على الإرهاب، والتي قتل أبنائها، وتم اختطاف ألاف من أفرادها، ولا يزالون مختفين قسرياً، وكل ذلك بذريعة الحرب ضد الجماعات المسلحة التي جعلت مدننا وقرانا أثراً بعد عين، وخلاصة القول أننا لن نسمح بذلك، والقبائل ستقف في وجه تلك العمليات".

ويكشف الزعيم القبلي، محمد إيمل خان، من شمال وزيرستان، لـ"العربي الجديد"، عن مرارة ما عاشه في مخيم للاجئين في منطقة تل القريبة، مؤكداً: "أفضل الموت مع أولادي داخل منزلي على الخروج من قريتي مجدداً بذريعة أن الجيش الباكستاني يشن عملية مسلحة. لقد عشنا أياماً صعبة، وكنا نعيش داخل خيام لا تقينا حر الشمس في الصيف، ولا البرد في الشتاء، والحكومة التي أجبرتنا على مغادرة مناطقنا في عام 2014، وعدت بأن توفر لنا حياة مناسبة بعد القضاء على الجماعات المسلحة، لكنها لم تفعل شيئاً عندما كنا نعيش مع أولادنا في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، كما كانت تستخدمنا ذريعة لجمع الأموال من العالم، والضغط على القبائل كي تقبل قراراتها".

يتكرر النزوح مع تكرار العنف (باتريك أفينشرير/Getty)
يتكرر النزوح مع تكرار العنف (باتريك أفينشرير/Getty)

لم تكن موجات النازحين متوجهة صوب المناطق الباكستانية وحدها، بل غادرت أعداد كبيرة إلى المناطق الأفغانية المحاذية لمناطقهم، ولا زالو يعيشون في الجنوب الأفغاني وسط الكثير من الصعاب، رغم أن الحكومة الأفغانية وقبائل المنطقة تحاول مساعدتهم، ولعل هذا هو السبب وراء بقائهم رغم كل ما يواجهونه من صعاب، أخرها مقتل وإصابة المئات منهم في الزلزال المدمر الذي ضرب الجنوب الأفغاني في يونيو/حزيران 2022.
وجرى فتح ملف اللاجئين الباكستانيين مرتين منذ سيطرة طالبان على السلطة في أفغانستان، مرة بعد شن طائرات حربية باكستانية غارات على مناطق في ولاية خوست، في أبريل 2022، ما أدى إلى مقتل العديد من اللاجئين الباكستانيين، بحسب الرواية الأفغانية، وكذا بعد وقوع انفجار داخل منزل كان يعيش فيها عالم الدين الباكستاني، مفتي محمد فاروق، والذي كان يعمل كإمام لمسجد في منطقة إسماعيل خيل بولاية خوست، ويحيط بهذا الحادث الكثير من الغموض، وتؤكد القبائل أن الانفجار ناجم عن غارة بطائرة مسيرة باكستانية، وقد تسبب في إصابة الرجل وزوجته، ومقتل اثنين من أولاده، وتدمير المنزل بشكل كامل.

وتكرر اغتيال رموز القبائل التي هاجرت من باكستان إلى أفغانستان، وتحديداً في مقاطعتي شمال وجنوب وزيرستان، ما يشير إلى تحديات أمنية كبيرة تلاحق اللاجئين الباكستانيين في الجنوب الأفغاني، علاوة على المشاكل المعيشية.
يقول نظام الدين محسود، وهو أحد رموز اللاجئين الباكستاني في ولاية خوست الأفغانية، لـ"العربي الجديد": "نواجه الكثير من المشاكل في كل نواحي الحياة، بداية من حرمان أطفالنا من التعليم، مرورا بالاحتياج إلى العمل من أجل لقمة العيش، والعيش في منازل لا يمكن أن نصفها بالمنازل، إذ إن أغلبها خيام، ومع كل ذلك نواجه خطر الاغتيالات، فتفجير منزل الشيخ مفتي محمد فاروق لم يكن حادثاً، وله دلالات خطيرة، فهناك اغتيالات ممنهجة متواصلة، وكلنا جئنا إلى هنا فراراً بأرواحنا من الموت، ونريد العودة إلى مناطقنا لكنها غير آمنة، ومع قرار الحكومة الباكستانية شن عملية جديدة أضحت أمالنا بالعودة غير قائمة".

المساهمون