على الرغم من أنّ عام 2021 اتّسم بالكثير من العواطف من جهة، والارتباك من جهة ثانية، بحسب ما وصفته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، إلّا أن ذلك لم يمنع الجميع، كباراً وصغاراً، من إعطاء المزيد من الاهتمام بالصحة العقلية والنفسية. فقد حدث الكثير من المُتغيرات، وخاصة على الصعيد الصحي، أهمها البدء بإنتاج اللقاحات، والتفكير في مرحلة مكافحة الوباء، ثم الوقوع تحت تأثيرات جديدة.
هذا الارتباك العالمي عموماً، والأميركي خصوصاً، دفع الصحيفة الأميركية مع نهاية العام الحالي، إلى تقديم بعض النصائح المستوحاة من قصص عديدة نُشرت، من شأنها أن تساعد على الهدوء والوضوح حتى نهاية عام 2022.
1-إطلاق الأسماء والمعاني للمشاعر
في إبريل/ نيسان الماضي، تطرّق الكاتب وعالم النفس آدم جرانت إلى نوعية المشاعر المختلفة التي انتابت العديد من الناس.
لم تكن المشاعر واضحة التسمية أو المعاني عند الناس. سواء تعلق الأمر بالإرهاق أو الاكتئاب، أو حتى الملل، فقد كان الفراغ سيد الموقف.
قدّم جرانت في تقريره بعض النصائح للتخلص من الفراغ، وكانت الخطوة الأولى القوية التي اقترحها تتعلق بـ "تسمية الشعور"، التي من شأنها أن تساعد على إطلاق نافذة من الأمل في الجو الضبابي، وتكون ردّاً مقبولاً اجتماعياً على السؤال: "كيف حالك؟".
2. منح المرض النفسي أو المشكلة العقلية اسماً
بدورها، كانت تجربة الكاتبة ليلي بورانا مع الأمراض النفسية والعقلية صعبة، لكنها واضحة ومنفتحة، بحسب تعبيرها.
في تقرير لها نُشر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحدثت بصراحة عن اكتئابها وقلقها، منذ كانت في العشرين من عمرها، وشُخِّصَت إصابتها بالاكتئاب، وبمرور الوقت، تضاعفت المشاكل، ما بين الاكتئاب واضطراب القلق العام، لكنها خلال ممارستها تعليم ابنتها عن بُعد، وجدت أنها تعاني من مشاكل أخرى، وشُخِّصَت بـ "اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه". من هنا، حاولت بورانا التعايش مع هذه الاضطرابات، من خلال إطلاق تسمية موحدة على الحالة التي تعيشها، وأطلقت اسم Bruce، تيمناً باسم المغني SpringsteenBruce، الذي كان منفتحاً بشأن صراعاته مع الصحة العقلية. وسمح لها الاسم المستعار بإبقاء الناس على اطلاع دائم بحالتها.
3. البحث عن معنى في الأنشطة اليومية
تناولت العديد من الدراسات استراتيجيات إدارة الأنشطة اليومية، بهدف التخلص من الشعور بالتعب والإرهاق الذي فرضه الوباء، خاصة أن العديد من الأبحاث أظهرت أن الوباء أثّر سلباً برفاهية الناس عموماً، وترك الكثير من الناس منهكين. لذا، تنصح الكاتبة داني بلوم في تقرير لها نشر في مايو/ أيار الماضي، بالبحث عن معانٍ للأشياء التي يقوم بها الأفراد لإعادة إثارة الشعور بالراحة والسعادة.
عادة ما يطلق مجتمع علم النفس على هذا المزيج النبيل من اللياقة البدنية والعقلية والعاطفية اسم "الازدهار"، ووفق الكاتبة بلوم، فإن إحدى الطرق السهلة للوصول إلى حالة الازدهار تتعلق بإعطاء معاني للأشياء البسيطة، إذ يمكن اعتبار تنظيف المنزل، أو ممارسة الرياضة لمدة 10 دقائق، أو حتى التأمل لمدة دقيقة واحدة إنجازاً.
4. خوض تجربة التأمل
ينصح الدكتور جودسون بروير، مدير البحث والابتكار في مركز اليقظة في جامعة براون الأميركية، بضرورة ممارسة رياضة التأمل، على اعتبار أنها تساعد في زيادة الراحة والهدوء. في مايو/أيار الماضي، نشر تقرير في الصحيفة الأميركية نيويورك تايمز، يشير إلى أهمية ممارسة التأمل، على اعتبار أن دماغ الإنسان يشبه الكومبيوتر، وقد يصل إلى وقت تمتلئ الذاكرة، ولا بد من تفريغها. ويعطي بروير آليات بسيطة لممارسة التأمل، من خلال تحريك أصابع اليد ببطء، والتنفس من الداخل.
5-الحزن على الخسائر "الصغيرة"
طالبت تارا باركر بوب، كاتبة عمود يهتم بالصحة والسلوك والعلاقات في صحيفة نيويورك تايمز، بإعطاء مساحة جيدة للحزن على الخسائر، وإن بدت صغيرة.
ترى باركر في تقريرها الذي نشر في مارس/آذار الماضي، أنّ من الجيد الحزن على الأشياء البسيطة، لأنها قد تكون عميقة لدى البشر، وتنصح باتباع بعض الاستراتيجيات لتخطي الحزن، مثل التوجه لزراعة النباتات والأشجار.
6. أخذ إجازة للصحة العقلية
كما يحتاج كل منا إلى إجازة بسبب المرض، فإن الحصول على يوم للاسترخاء، بهدف الحفاظ على الصحة العقلية قد يكون أمراً مهماً يضاً، وقد يساعد في إعادة الطاقة الإيجابية، بحسب ما تنصح به الاختصاصية النفسية الإكلينيكية كريستينا كارون، في تقرير لها نشر في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إذ تقول: "لن تشعر بالسوء حيال أخذ إجازة عندما تكون مريضاً، ولذا يجب ألا تشعر بالسوء حيال أخذ بعض الوقت عندما تكون حزيناً".
ووفق كارول، إن أخذ يوم للراحة النفسية لن يكون أمراً صعباً، وليس بالضرورة أن يجعلك تشعر بالأنانية لترك العمل أو المدرسة، لأن الاسترخاء، يساعد في إعادة الشحن العاطفي.
7-الكتابة قبل النوم
تؤدي اضطرابات النوم إلى ضعف جهاز المناعة، وقلة التركيز أو الانتباه، وتزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب، بحسب ما نقله أناهاد أوكونور، مراسل صحيفة نيويورك تايمز، الذي يغطي الصحة واللياقة والتغذية وعلم الأوبئة. وقد لفت في تقرير نشر له في يونيو/حزيران الماضي، عما يسببه الوباء من ارتفاع اضطرابات النوم. لذا، كان من الضروري برأيه الاتجاه نحو حل هذه المشكلة، من خلال استخدام علاجات "كوروناسومنيا"، أي استخدام العلاج السلوكي المعرفي، لأن هذا النهج يساعدك على معالجة الأفكار والمشاعر والسلوكيات الكامنة.
تتمثل إحدى الاستراتيجيات بتدوين كل الأفكار، وخاصة الأشياء المزعجة، قبل ساعتين من موعد النوم، ومن ثم رمي الورقة.
وتعرف اضطرابات "كوروناسومنيا"، بحسب مؤسسة sleep foundation الأميركية، بأنها اضطرابات تصيب النوم، وقد ظهرت بسبب الوباء، والإغلاق، وبدء ممارسة العمل من البيت، وتتميز بوجود أعراض القلق والاكتئاب والتوتر.
8. عدّ الخراف.. استراتيجية لا بد منها
تنصح ماريا دي أنجليو، مُدرّسة وتقوم بتجديد المنازل على شبكات الإنترنت، باتباع استراتيجية "عد الغنم" للتخلص من الأرق واضطرابات النوم. في تقرير نشر في أغسطس/آب الماضي، وجدت أن هذه الاستراتيجية تساعدها للتخلص من اضطرابات النوم، من خلال إغماض عينيها، والتفكير في الأسلاك الكهربائية المعقدة في المطبخ التي جدّدتها ذات مرة.
تؤدي التمارين الذهنية إلى الشعور بالملل، تماماً مثل عدّ الخراف، ما يساعدها على العودة إلى النوم. وفي أوقات أخرى، تُغمض عينيها وتردد أسماء الولايات المتحدة بالترتيب الأبجدي، وبكلتا الحالتين، تعود إلى النوم مجدداً، وتواجه هذا النوم من الاضطرابات.
9- ردّ الجميل
تنصح كريستينا كارون في مقال نشر لها في شهر ديسمبر/كانون الأول، الكثير من الناس باعتماد التطوع وتقديم مساعدات اجتماعية كنوع من الشعور بالسعادة. ووفق كارون، فإن سلوك اللطف تجاه الآخرين يخفف من الوحدة، ويساعد في تحسين الصحة النفسية.
تظهر الأبحاث أنّ العطاء يمكن أن يحسّن الصحة، ويخفف من الشعور بالوحدة ويوسع شبكات التنوع الاجتماعي. وتنصح الناس بتحديد هدف صغير، مثل التطوع مرة في الأسبوع، أو حتى مرة في الشهر، كنوع من الخطط لتحسين الصحة العقلية.
10-ضرورة الاستراحة
تشير الكاتبة تارا باركر بوب، في تقرير لها نشر في يونيو/حزيران الماضي، إلى أن تأنيب الذات، واللوم المستمر لأنفسنا، يأتيان بنتائج عكسية. ففي تقريرها، وجدت أن الكثير من القراء كانوا يوبخون أنفسهم لزيادة الوزن أو ممارسة القليل من التمارين في أثناء عمليات الإغلاق الوبائي، فردّت عليهم بالقول إن ممارسة التعاطف مع الذات، قد يكون أمراً أكثر صحة من مجرد اللوم المستمر، وترى أنّ من المناسب أخذ استراحة من الأمور الروتينية.