كوبا: تجربة سريرية لحماية الأطفال من كورونا

26 اغسطس 2021
التجربة تشمل القصّر ما بين ثلاثة أعوام و18 عاماً (أدلبرتو روكيه/ أ ف ب)
+ الخط -

في غرفة المستشفى، تخفّف زيارة المهرّج عبء الانتظار عن أغاتا، ابنة الأعوام السبعة التي تلقّت الجرعة الثالثة والأخيرة من لقاح "سوبيرانا" الذي تجرّبه كوبا لحماية الأطفال من كوفيد-19.

وتتفاعل الفتاة الصغيرة مع العرض بالضحك والغناء، فيما تُقاس حرارتها. غير بعيد عن الصغيرة، تقف شقيقتها الكبرى أماندا ميدينا، التي تبلغ من العمر 16 عاماً، والتي ترغب في دراسة الهندسة المعمارية، وتنظر إليها بفرح وارتياح.

وتشير أماندا إلى أنّ أطفالاً آخرين عانوا من فيروس كورونا الجديد، ومنهم من لا يزالون متأثّرين بالمرض، ولهذا السبب بالتحديد "أردنا المشاركة في التجربة السريرية كي لا يحدث الأمر معنا".

وتُجرى هذه التجربة السريرية في مستشفى خوان مانويل ماركيز للأطفال في هافانا، وقد انضمّت الشقيقتان إلى التجربة التي تشمل 350 طفلاً ويافعاً تراوح أعمارهم ما بين ثلاثة أعوام و18 عاماً.

وفي هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 11.2 مليون نسمة، حيث أغلقت المدارس أبوابها في يناير/ كانون الثاني الماضي بعد فتحها لفترة وجيزة في أواخر عام 2020، يُسجَّل ارتفاع مقلق في الإصابات، مع عدد إجمالي يقدّر بنحو 602 ألف و530 إصابة، من بينها 4710 وفيات.

وتشير أغاتا إلى ذراعها اليسرى، تحديداً إلى الموقع حيث تلقّت حقنة اللقاح، علماً أنّها بذلك تكون قد تلقّت الجرعة الثالثة منه في إطار خطّة تحصين تقوم على لقاحَين مطوّرَين محلياً ضدّ كوفيد-19، هما "سوبيرانا 2" و"سوبيرانا بلاس".

وكوبا، التي طوّرت لقاحاً آخر باسم "عبد الله"، البلد الوحيد في أميركا اللاتينية الذي صنع لقاحاته الخاصة المضادة لكوفيد-19، علماً أنّ أيّاً من تلك اللقاحات لم يحظَ بعد بموافقة منظمة الصحة العالمية، ولو للاستخدام الطارئ.

وقد وفّرت السلطات الكوبية اللقاحات لنحو 3.12 ملايين شخص، وهو مجموع ما زال بعيداً عن الهدف الأساسي المتمثل بتحصين 70 في المائة من السكان بحلول نهاية أغسطس/ آب الجاري. وبينما تطمح هافانا إلى تحصين كلّ المواطنين المؤهّلين لذلك بحلول نهاية عام 2021 الجاري، فإنّها تفتقر إلى التجهيزات والأدوية اللازمة لمكافحة الوباء.

لكنّ مستشفى خوان مانويل ماركيز تلقّى أخيراً هبة جديدة، هذه المرّة من جمعية الكوبيين في بريطانيا.

ويعبّر رينالدو كوبا، القيّم الرئيسي على التجربة السريرية الخاصة بالأطفال، عن أمله في جدوى التجربة، ويقول: "نحن مقتنعون بأنّها ستُكلَّل بالنجاح، فيستحيل الحلم حقيقة بالنسبة إلى أطفالنا"، مشدّداً على أنّ المشاركين في التجربة يخضعون لـ "متابعة دقيقة".

الصورة
تحصين أطفال في كوبا (أدلبرتو روكيه/ أ ف ب)
المشاركون في التجربة يخضعون لمتابعة دقيقة (أدلبرتو روكيه/ أ ف ب)

من جهتها، تؤكد زميلته ياريست ديلغادو أنّ "من المهمّ جداً حماية الأطفال من هذا المرض (كوفيد-19)" بالنسبة إلى السلطات الصحية الكوبية. تضيف أنّ في البلد "توفّي أطفال أو كانوا في حالة حرجة" بسبب فيروس كورونا الجديد، "لذا، يعكف العلماء على حماية" هذه الفئة من السكان. يُذكر أنّ أرقاماً أصدرتها وزارة الصحة في مطلع هذا الشهر بيّنت أنّ نحو 95 ألفاً و100 قاصر أصيبوا بالوباء في كوبا، فيما قضى سبعة منهم من جرّائه.

وكانت بلدان كثيرة قد اختارت تحصين الأطفال ابتداءً من سنّ الثانية عشرة، في حين أنّ العمل جارٍ في دول أخرى على تجارب سريرية تشمل أطفالاً أصغر سنّاً. ففي الصين، على سبيل المثال، أعلنت شركة "سينوفاك" الدوائية أنّها تتهيأ لتحصين الأطفال ابتداءً من سنّ الثالثة، فيما تعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ الأوّل من أغسطس/آب إلى تحصين الأطفال الذين تراوح أعمارهم ما بين خمسة أعوام و11 عاماً والمعرّضين  لمضاعفات خطرة في حال إصابتهم بكوفيد-19.

تجدر الإشارة إلى أنّ الجدّة المتقاعدة آنا ماريا كورديرو، البالغة من العمر 69 عاماً، ترافق حفيدتَيها أغاتا وأماندا في تلك التجربة السريرية، وتشيد بها، خصوصاً أنّ صهرها يعمل في معهد "فينلاي" الذي طوّر لقاح "سوبيرانا" المضاد لكوفيد-19. وتقول الجدّة: "نضع ثقتنا في العلماء الكوبيين الذين أنجزوا تقدّماً كبيراً، فنحن على بيّنة من الأمر بفضل والد الفتاتَين".

كوفيد-19
التحديثات الحية

وعلى سرير قريب، يلعب الشقيقان أدريان وأندريس البالغين أربعة أعوام وخمسة، في انتظار زيارة الطبيب قبل تلقّي حقنتَي اللقاح. تقول والدتهما ليزيت لييفا، البالغة من العمر 28 عاماً، إنّ "الأطباء بذلوا جهدهم... ونحن على ثقة بأنّ النتائج ستكون جيّدة".

يُذكر أنّه بعد انتهاء التجربة السريرية هذه، لا بدّ من انتظار الضوء الأخضر من وكالة الأدوية، ويعلّق رينالدو كوبا قائلاً إنّ بذلك لا يعود الأمر "بين أيدينا".

(فرانس برس)

المساهمون