في كلّ عام يحتفل الكرد في سورية بعيد "النوروز" يوم 21 مارس/ آذار، وهو يوم الاعتدال الربيعي. وكلمة "نوروز" كلمة مركبة في اللغة الكردية مكونة من مقطعين: "نو" وتعني الجديد و"روز" وتعني اليوم، وبذلك يكون معناها "اليوم الجديد"، حيث يعود احتفال الأكراد بهذا اليوم إلى عهود تاريخية قديمة.
التحضيرات والاحتفالات بالعيد بدأت الليلة الماضية، مع إشعال النار، وهذا التقليد له رمزيّة إلى الحريّة التي كان بطلها لدى الكرد كاوى الحدّاد، الذي انتصر على الطاغية الملك أزدهاك وفق الروايات قبل نحو 2800 عام، وعلامة انتصاره كانت بإشعال نار عظيمة، وبدأت بعدها احتفالات النّصر.
تحتفل سارة الأحمد ذات الخمسة عشر عاماً مع صديقاتها بعيد النوروز اليوم في قرية "علي فرو" شرق مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة أقصى شمال شرقي سورية، مرتدية الزيّ الكردي بألوانه الزاهية، وتقول لـ"العربي الجديد" إن هذا العيد مميز بفرحته ومختلف عن سابقه من الأعياد بالنّسبة لها، تضيف: "استيقظت باكراً كما كلّ أفراد العائلة، جهزت لباسي وانطلقنا باكرا، المسرح هذا العام هو ما يميّز الاحتفالات وكنت أترقّبه من الليل".
يوم العيد هو يوم مميز في حياة جوان مصطفى علي الذي يقول لـ"العربي الجديد": "اليوم أجمل يوم في حياتي، كلّ الأهالي فرحون بعيد "النوروز"، هذا اليوم عيدنا وعيد الأم، منذ ليلة أمس حضّرنا أنفسنا جهزنا الطعام والقهوة والشاي ووضعناها في السيارة للخروج في الساعة الخامسة صباحاً من المدينة. خرجت مع أبي وأمي وأخي والعائلة، الناس كلهم فرحون اليوم".
فلاح أحمد علي من المحتفلين بالعيد في قرية علي فرو، يقول لـ"العربي الجديد": "ذهبنا إلى السّوق اشترينا الفواكه والموالح واللحم وأتيت مع الأولاد. بعيد النوروز الأجواء جميلة والأحباء والأصدقاء هنا. أشعلنا النّار أمس واليوم نحتفل، اتمنّى الخير والسّعادة وعيد نوروز مباركا للجميع وللشعب الكردي".
زكي عمر من قرية الباسوطة بمنطقة عفرين في ريف حلب، التي تشهد احتفالات بعيد "النوروز"، يتحدّث لـ"العربي الجديد" ويقول: "اليوم نحتفل بعيد النوروز، أشعلنا النّار. سمعنا بالحادثة التي وقعت في جنديرس بسبب إشعال النار، حزنا كثيرا عليهم أوقفنا النّار والاحتفالات، نتمنّى من القضاء أن يحقق في الأمر وأن يحاسب المجرمين".
أمّا سلوى من جنديرس فتقول لـ"العربي الجديد": "سابقا كان عيد النوروز أفضل ومميزا كثيرا بالنسبة لنا، كنّا نشعر أنّه جميل ورائع ونحتفل به باللباس الجميل والرقص والنّار، نحتفل هذه الأيام بالقليل من النار والرقص فقط".
أما شانا إيبو من قرية الباسوطة فتقول لـ"العربي الجديد": "نحتفل في كل عام بهذا اليوم المميز، لكن هذا العيد لم يكن هناك احتفالات كما في السابق بسبب الحزن على الدمار بجنديرس".
يكتسب عيد النوروز عند الأكراد خصوصية، ويعتبرونه عيداً قومياً ووطنياً تعود جذوره التاريخية إلى أسطورة يعتقدون بها، تقول إنّ ملِكاً ظالماً كان يحكم كردستان، اسمه أزدهاك (الضحّاك)، وكانت هناك أفاعٍ على كتف الملك، واقترح عليه مستشاروه أن يطعمها دماغ شاب أو شابين كل يوم. وقام أحد الحدّادين وكان اسمه (كاوا)، وهو واحد من الأطفال الذين تم تهريبهم سراً وإخفاؤهم في الجبال على يد أحد الحكماء، عبر تقديم أدمغة الخراف بدلاً من أدمغتهم، وحين اشتد عودهم وكثرت أعدادهم أعطوا إشارة البدء بالثورة، بإشعال النار ليلة 20 مارس/ آذار فوق قمة الجبال، ليفتح لهم أبواب القصر ويقوموا بقتل الملك الظالم (الضحاك) صبيحة 21 مارس/ آذار. وهذه الأسطورة تمّ سردها وتناقلها عبر أجيال، حيث اعتبر كاوا الحداد محرر الشعب الكردي من ظلم الملك.