على وقع قرار رفع أسعار الدواء بنسبة 50 في المائة في سورية، وبلوغ قيمة الدولار 14 ألف ليرة، بات الدواء رفاهية زائدة في بلاد تأكلها الأمراض المزمنة، ومجتمع يسير نحو شيخوخة مبكرة بسبب نقص الخدمات والغذاء والرعاية الصحية.
وفي محافظة السويداء (جنوب)، دخل المجتمع المحلي والمغتربون الذين ينتشرون في أصقاع الأرض، في دوامة محاولة التغلب، حتى بالحد الأدنى، على احتياجات العلاج، على غرار التعليم وتأمين مياه الشرب التي وصل فقدانها إلى مستويات قياسية استدعت تدخلاً عاجلاً من المنظمات الدولية.
ورصد "العربي الجديد" منشورات ساخرة في السويداء دعت إلى "عدم المرض تحت طائلة المسؤولية"، فيما استنفرت جمعيات خيرية ومبادرات أهلية قدراتها لوضع حلول مؤقتة، بالتعاون مع المغتربين والصيادلة، وانتشرت بالتالي فكرة صندوق الدواء، أو "كرتونة الأدوية" التي تعتمد على تبرعات أصناف يقدمها من مرضى سابقين يجلبونها إلى أقرب صيدلية.
يقول الصيدلي س. ع. لـ "العربي الجديد": "ليست مبادرة مساعدة المرضى غير القادرين على شراء أدوية جديدة، إذ تعود إلى مرحلة ما قبل الحرب، لكن الوضع الاقتصادي المتدهور جعل غالبية السكان في عجز، وزاد الطين بلة غلاء الأدوية وانقطاعها، واستعانة بعض الصيادلة والمستودعات بأدوية مهرّبة غالية الثمن".
وأشار الصيدلي إلى اعتماد طرق عدة لتقديم مساعدات رغم أن المهمة صعبة بالنسبة إلى بعض أنواع الأدوية، مثل تلك للسرطان والكلى والغدد.
وتبنى ناشطون في المجتمع المدني فكرة الصندوق أو "الكرتونة" كحلّ مؤقت من خلال دعوة المواطنين إلى التبرع بالأدوية الموجودة في بيوتهم شرط أن تكون معروفة المصدر وضمن فترة الصلاحية، وأن يقوم الصيادلة بفرزها، ووضع لائحة بالموجودات لتلبية طلبات المرضى.
وقال الناشط المدني ساري الحمد لـ"العربي الجديد": "اتفق عدد من المغتربين والناشطين على الأرض والصيادلة المعروفين بعملهم الإنساني على وضع مبالغ مادية في صيدليات معروفة لصرف أدوية وفق آلية محددة". وأشار إلى أن مغتربين في مدينة شهبا وضعوا مبالغ كبيرة في عدد من الصيدليات، وأنه يجري صرف الأدوية بعد التأكد من الحالات المرضية".
أضاف: "بالنسبة إلى أدوية السرطان فتوفرها جمعية أصدقاء مرضى السرطان التي يدعمها مغتربون في شكل مستمر، وتعتمد على حسنات خيّرين. ورغم المبالغ اليومية التي تصل إلى الجمعية فهي لا تكفي بسبب عدد المرضى الكبير الذي يزيد عن ألفين، وغلاء الدواء المصنّع في الخارج".
ويضع غلاء الدواء وانقطاع عدد كبير من الأنواع المرضى في خطر داهم وسط غياب شبه تام لوزارة الصحة التابعة للنظام التي تكتفي بتوزيع شاش وقطن ومسكنات عادية وبعض أدوية الكلى التي تباع خارج المستشفيات.