استمع إلى الملخص
- بحوث تظهر أن 80% من عقارب الكفرة سامة جدًا، مع جهود محلية لاستخراج أمصال مضادة ونصائح للإسعافات الأولية تشمل تبريد وتطهير المكان المصاب.
- تحذيرات من خطورة العقارب على الأطفال ودعوات لجهود أوسع تتجاوز توفير الأمصال، بما في ذلك مكافحة انتشار العقارب وتطوير أمصال محلية عبر منصات التواصل الاجتماعي ومشاريع أهلية.
مع قرب دخول فصل الصيف وبدء ارتفاع درجات الحرارة، أعلن مستشفى مدينة الكفرة، أقصى جنوب ليبيا، وفاة طفل في الرابعة من العمر بعد ساعات من وصوله إلى المستشفى لتلقي العلاج من تعرضه للدغة عقرب.
ورغم أن المستشفى أعلن أن غالبية الحالات التي وصلت إليه تماثلت للشفاء بعد تقديم العلاج المناسب لها من خلال أمصال مخصصة لسموم العقارب، لكنه أكد أنه يستقبل يومياً نحو 50 مصاباً بلدغات عقارب. وأشار إلى أنه ينتظر وصول شحنة أمصال مضادة للسموم وعدت بها حكومة مجلس النواب لمواجهة مخاطر لدغات العقارب في موسم الصيف الحالي.
وبعد إعلان مستشفى الكفرة وفاة الطفل، وهو أول ضحايا لدغات العقارب هذا العام، نقلت وكالة الأنباء الليبية عن الناطق الإعلامي باسم مستشفى الكفرة قوله إن "الطفل أدخل إلى العناية المشددة في قسم الأطفال، وكانت حالته خطيرة بسبب تأخر تلقيه الإسعافات الأولية بعد تحويله من عيادة الحي الذي يقطن فيه". وأوضح أن "المصابين بلدغات العقارب يتوافدون منذ أشهر إلى المستشفى، وبلغ عددهم 379، علماً أن عددهم ارتفع بشكل كبير في الأيام الأخيرة بسبب موجة الحرارة المرتفعة التي شهدتها المنطقة".
أكثر من 80% من العقارب المنتشرة في الكفرة ذات سميّة شديدة
وتعد بيئة الكفرة إحدى الأكثر احتضاناً للعقارب في ليبيا، بحسب ما قال مدير مركز البحوث العلمية في المدينة عثمان التايب، الذي أوضح أن بحوثه انتهت إلى أن أكثر من 80% من العقارب المنتشرة في الكفرة ذات سميّة شديدة.
ويجري المركز الذي يرأسه التايب تجارب على أنواع كثيرة من العقارب لمحاولة استخراج أمصال يمكن أن تستخدم لمواجهة مخاطر اللدغات، وهو ينصح المواطنين بإجراء إسعافات أولية عدة في حال الإصابة باللدغة، منها تبريد المكان المصاب بالثلج وتطهيره، ونصح المصاب بعدم الحركة لتقليل انتشار السمّ في الجسم.
من جهته، يتحدث الناشط المدني رمزي المقرحي لـ"العربي الجديد" عن خطورة الوضع في الجنوب بالنسبة إلى الأطفال، الشريحة الأقل قدرة على مقاومة اللدغات، بسبب ضعف بنيتهم الجسدية وحداثة تكوينهم البدني، بخلاف الشباب والكبار الذين يملكون بنية جسدية قادرة على المقاومة. كما أن الأطفال يميلون إلى اللعب والتنقل، ما يجعلهم أكثرعرضة للإصابة بلدغات".
ويحذر المقرحي من ارتفاع مستويات الخطر مع دخول فصل الصيف، وارتفاع درجات الحرارة التي تجبر العقارب على الخروج من أوكارها، خاصة مع استمرار النقص في الأمصال اللازمة لعلاج اللدغات في غالبية مستشفيات الجنوب الليبي.
ويطالب المقرحي بألا تقتصر الجهود على مطالبة السلطات بتوفير الأمصال المضادة للسموم، وأن تشمل أيضا مكافحة انتشار العقارب التي بدأت تتسرب إلى الأحياء السكنية. ويقول: "أكد مسؤولو مستشفى سبها أن المصابين بلدغات هم من سكان أحياء في المدينة، ما يعني ضرورة الاتجاه لمكافحتها بالأدوية والمبيدات الخاصة داخل الأحياء السكنية التي تسرّبت إليها بدلاً من معالجة آثارها وترك المواطنين يواجهونها وحدهم".
يتابع: "يُرصد في العادة خروج العقارب من أوكارها في فترة المساء التي يحب الأطفال أن يلعبوا فيها خارج المنزل. ويلاحظ أن الإصابات تصل إلى المستشفيات في هذه الفترة. وهذه المعطيات يجب أن تكون حاضرة في برامج دراسية تستند إليها خطط السلطات لمكافحة انتشار العقارب والقضاء عليها".
وتثير ظاهرة انتشار العقارب وارتفاع مؤشرات مخاطرها على سكان جنوب ليبيا جدلاً واسعاً منذ سنوات، إذ يتهم أهالي الجنوب السلطات بالتقاعس عن توفير أدوية وأمصال لعلاج اللدغات، وبالتساهل في موضوع تسريب شحنات من هذه الأمصال من المستشفيات إلى الصيدليات الخاصة للمتاجرة بها، وبيعها للمواطنين بأسعار عالية.
ولجأت جهات أهلية عدة إلى منصات التواصل الاجتماعي لإرشاد السكان إلى كيفية تقديم إسعافات أولية للمصابين بلدغات العقارب. وأعلن مركز نور العلم الأهلي في الجنوب أن متطوعيه نجحوا في إنقاذ حياة سبعة أطفال عبر تقديم إسعافات أولية لهم.
وإضافة إلى جهود التايب في مركز البحوث العلمية بالكفرة من أجل صنع أمصال محلية لمداواة المصابين بلدغات العقارب، نقلت منصات التواصل الاجتماعي العام الماضي نداءً وجهته الباحثة نواسة محمد، المتخرجة من قسم المختبرات في الكلية التقنية الطبية، إلى السلطات لمساعدتها في إتمام دراسة بدأتها بجهود ذاتية لتعقب العقارب والقضاء عليها. وزرعت نواسة مصايد بدائية في 15 منزلاً بشكل عشوائي ضمن مشروعها الخاص في منطقة وادي عتبة، واصطادت 173 عقرباً لبدء تجاربها التي تهدف إلى صنع مصل مضاد للدغات العقارب.