استمع إلى الملخص
- تتفاقم معاناة العائلات مع غياب ضمانات لسلامة المعتقلين، ويطالب عبد العزيز البقالي السلطات المغربية بالتحرك لحمايتهم وتسهيل عودتهم.
- شكل مجلس النواب المغربي لجنة نيابية لمعالجة الأزمة، وأوصت بإحداث مؤسسة وطنية لتدبير الملف وإصدار قوانين لتسهيل إعادة وإدماج المغاربة العالقين.
تعيش عائلات المغاربة المعتقلين والمحتجزين في سورية حالة ترقب ممزوجة بالخوف والقلق انتظاراً لمعرفة مصير ذويهم، في ظل الأوضاع التي تعيشها البلاد بعد نجاح فصائل المعارضة في إسقاط نظام بشار الأسد. ويقول رئيس "التنسيقية الوطنية لعائلات المغاربة المحتجزين بسورية والعراق" (غير حكومية) عبد العزيز البقالي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الاثنين، إن مخاوف شديدة تلقي بظلالها على العائلات بشأن مصير أبنائها، سواء المعتقلين داخل السجون أو المحتجزين في المخيمات، خصوصاً في ظل غياب معلومات دقيقة عنهم وانقطاع أخبارهم عن العائلات وما يواجهونه من مصير مجهول إلى حد الساعة ارتباطاً بالتطورات التي تعرفها سورية، موضحاً أنه "منذ أشهر لم نتوصل بأي معطيات عن المعتقلين والمحتجزين في سورية، سواء عن طريق الصليب الأحمر أو رسائلهم. الله وحده يعلم مصيرهم وكيف يعيشون الآن في ظل الظروف التي تمر منها سورية. ما تخشاه العائلات هو أن يتعرضوا للانتقام، خاصة في المخيمات التي يديرها الأكراد في شمال البلاد".
ويلفت البقالي إلى أن "المعاناة تتفاقم يوماً بعد يوم في ظل انعدام أي المعلومات، وغياب أي ضمانات تضمن سلامة المعتقلين والمحتجزين أو توضح مستقبلهم، خاصة في ظل عدم وضوح الرؤية بخصوص ما إذا كانت المعارضة السورية ستحرر مناطق أخرى من البلاد لتشمل مناطق وجود المحتجزين المغاربة بالسجون، مثل منطقة الحسكة والشدادي والقاميشيلي وغويران"، مضيفاً أن لدى العائلات "مخاوف شديدة بشأن مصير النساء والأطفال الذين يعيشون حالة رعب وظروفاً بالغة التعقيد والصعوبة في المخيمات مثل مخيم الهول (يضم أقارب عناصر من تنظيم داعش الإرهابي وتديره قوات سورية الديمقراطية) الذي يمثل سجناً مفتوحاً"، على حد تعبيره.
ويطالب رئيس تنسيقية عائلات العالقين بسورية والعراق بـ"ضرورة تحرك السلطات المغربية والجمعيات الحقوقية والنسائية والمهتمة بحقوق الأطفال من أجل حماية أرواحهم، والعمل على تسهيل عودتهم"، قائلاً: "نتمنى تحركاً قريباً للملف، لأن المأساة بلغت درجة لا توصف. والوضع لم يعد يحتمل مزيداً من التأخير، ومعاناة العائلات ليست فقط في غياب أحبائها، بل في غياب الأمل والتحرك الجاد أيضاً".
ويوجد نحو 100 امرأة مغربية محتجزة في مخيمات بشمال سورية وبرفقتهن 259 من أبنائهن، بينما يبلغ عدد الرجال المغاربة المعتقلين نحو 130 شخصاً، و25 طفلاً مغربياً يتيماً، وفق معطيات التنسيقية الوطنية. ومع تصاعد المطالبة الحقوقية بإعادة المغاربة المعتقلين في سورية والعراق، على الرغم من تعقيدات ملفاتهم واختلاف المعلومات المتوافرة حولها، لجأ مجلس النواب المغربي، في ديسمبر/كانون الأول 2020، إلى تشكيل لجنة نيابية استطلاعية للوقوف على أوضاعهم، وقد أسندت رئاستها إلى الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي. وضمت اللجنة النيابية 16 برلمانياً يمثلون كتل الأغلبية والمعارضة.
وفي إطار مساعيها الهادفة إلى وضع خريطة طريق للحد من معاناة هؤلاء المعتقلين، استمعت اللجنة النيابية إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة في 6 يناير 2021 حول أوضاع هؤلاء وتحديات إعادتهم إلى البلاد. واستمعت أيضاً إلى أفراد من عائلات العالقين في سورية والعراق، فيما التقت عدداً من المنظمات الدولية التي تتابع هذا الملف. وفي ختام أعمالها أوصت اللجنة بإحداث مؤسسة وطنية تتكفل بتدبير هذا الملف، بالتنسيق مع الحكومة والمجتمع المدني الفاعل في المجال والمؤسسات الدينية والبحثية والأكاديمية ومختلف المؤسسات الدستورية والقضائية والأمنية المعنية. ودعت على المستوى القانوني والمؤسساتي والإداري إلى إصدار قوانين إطار وقوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقون ببؤر التوتر في سورية والعراق من أجل تسهيل إرجاعهم بسرعة وإدماجهم في ظروف سليمة في محيطهم العائلي والاجتماعي.
وتعود آخر عملية لاستعادة أطفال ونساء تنظيم داعش إلى التاسع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، إذ تمكنت السلطات المغربية بعد تقدمها بطلب للسلطات العراقية من إعادة طفلة قضت سبع سنوات برفقة والدتها في أحد السجون العراقية، حيث تقضي عقوبة بالسجن المؤبد، بموجب قانون الإرهاب.